أدب الطلب/كيفية الوصول إلى المرتبة الثالثة للعلم
كيفية الوصول إلى المرتبة الثالثة للعلم
وأما أهل الطبقة الثالثة وهم الذين يرغبون في إصلاح ألسنتهم وتقويم أفهامهم بما يقتدرون به على فهم معاني ما يحتاجون إليه من الشرع وعدم تحريفه وتصحيفه وتغيير إعرابه من دون قصد منهم إلى الاستقلال بل يعزمون على التعويل على السؤال عند عروض التعارض والاحتياج إلى الترجيح علم الإعراب فينبغي تعلم شيئا من علم الإعراب حتى يعرف به إعراب أواخر الكلمة ويكفيه في مثل ذلك حفظ منظومة الحريري المسماة الملحة وقراءة شروحها على أهل الفن وتدربه في إعراب ما يطلع عليه من الكلام المنظوم والمنثور ويحفى السؤال عن إعراب ما أشكل عليه حتى تثبت له بمجموع ذلك ملكه يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء وإلا لم يعلم بوجوده العلل النحوية ولا عرف الحجج العربية علم مصطلح الحديث ثم يتعلم اصطلاح علم الحديث ويكفيه في مثل ذلك مثل النخبة وشرحها علم السنة ثم بعد هذا يكب على سماع المختصرات في الحديث مثل بلوغ المرام و العمدة و المنتقى وإن تمكن من سماع جامع الأصول أو شئ من مختصراته فعل فإذا أشكل عليه معنى حديث نظرا في الشروح أو كتب اللغة وإن أشكل عليه الراجحة من المتعارضات أو التبس عليه هل الحديث مما يجوز العمل به أم لا شأن علماء هذا الشأن الموثوق بعرفانه وأنصافهم ويعمل على ما يرشدونه إليه استفتاء وعملا بالدليل لا تقليدا وعملا بالرأي علم التفسير ويشتغل بسماع تفسير من التفاسير التي لا يحتاج إلى تحقيق وتدقيق كتفسير البغوي وتفسير السيوطي المسمى الدر المنثور ماذا يفعل الطالب عند حدوث إشكال أو صعوبة وإذا أشكل عليه بحث من المبادئ أو تعارضت عليه التفاسير ولا يهتد إلى الراجح أو التبس عليه أمر يرجع إلى تصحيح شئ مما يجده في كتب التفسير رجع إلى أهل العلم لذلك الفن سائلا له عن الرواية لا عن الرأي وقد كان من هذه الطبقة الصحابة والتابعين وتابعيه الذين يقولون فيهم النبي ﷺ خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم فإنهم كانوا يسألون أهل العلم منه عن حكم ما يعرض لهم مما يحتاجون إليه في معاشهم ومعادهم فيروون لهم في ذلك ما جاء عن الله تعالى أو عن رسوله ﷺ فيعلمون بروايتهم لا برأيهم من دون تقليد ولا التزام رأي كما يعرف ذلك من يعرفه وقد أوضحت هذا إيضاحا كثيرا في كتابي الذي سميته القول المفيد في حكم التقليد فليرجع إليه