انتقل إلى المحتوى

معالم السنن/الجزء الثالث/2

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​معالم السنن​ للإمام الخطابي
 


14/19-20م ومن باب بيان مواضع قسم الخمس

وسهم ذي القربى

837- قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب أخبرني جبير بن مطعم أنه جاء هو وعثمان بن عفان يكلمان رسول الله فيما قسم من الخمس في بني هاشم وبني المطلب فقلت يا رسول الله قسمت لاخواننا بني المطلب ولم تعطنا شيئا، يَعني بني عبد شمس وبني نوفل وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة فقال النبي إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، قال جبير ولم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس كما قسم لبني هاشم وبني المطلب، قال وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله ما كان النبي يعطيهم، قال وكان عمر بن الخطاب يعطيهم منه وعثمان بعده.

قلت قوله بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد يريد به الحلف الذي كان بين بني هاشم وبين بني المطلب في الجاهلية، وفي غير هذه الرواية أنه قال إنا لم نفترق في جاهلية ولا في إسلام، وكان يحيى بن معين يرويه إنما بنو هاشم وبن المطلب سيّ واحد بالسين غير المعجمة أي مثل سواء يقال هذا سيّ هذا أي مثله ونظيره.

وفي الحديث دليل على ثبوت سهم ذي القربى لأن عثمان وجبيرا إنما طالباه بالقرابة، وقد عمل به الخلفاء بعد عمر وعثمان، وجاء في هذه الرواية أن أبا بكر لم يقسم لهم، وقد جاء في غير هذه الرواية عن علي أن أبا بكر قسم لهم وقد رواه أبو داود.

838- قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير حدثنا هاشم بن البريد حدثنا حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليا يقول اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عند النبي فقلت يا رسول الله إن رأيت أن توليني حقنا من هذه الخمس في كتاب الله تعالى فأقسمه في حياتك كي لا ينازعني أحد بعدك فافعل. قال ففعل ذلك فقسمته حياة رسول الله ثم ولانيه أبو بكر حتى كان آخر سنة من سني عمر فإنه أتاه مال كثير فعزل حقنا ثم أرسل إليَّ فقلت بنا عنه العام غنى وبالمسلمين إليه حاجة فأردده عليهم، ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر فلقيت العباس بعدما خرجت من عند عمر فقال يا علي حرمتنا الغداة شيئا لا يرد علينا أبدا وكان رجلا داهيا.

قلت فقد روي عن علي رضي الله عنه أن أبا بكر كان يقسم فيهم وكذلك عمر إلى أن تركوا حقهم منه فدل ذلك على ثبوت حقهم.

وقد اختلف العلماء في ذلك فقال الشافعي حقهم ثابت وكذلك مالك بن أنس وقال أصحاب الرأي لا حق لذي القربى وقسموا الخمس في ثلاثة أصناف. وقال بعضهم إنما أعطى رسول الله بني المطلب للنصرة في القرابة ألا تراه يقول إنا لم نفترق في جاهلية ولا إسلام فنبه على أن سبب الاستحقاق النصرة والنصرة قد انقطعت فوجب أن تنقطع العطية.

قلت هذا المعنى بمفرده لا يصح على الاعتبار ولو كان ذلك من أجل النصرة حسب لكان بنو هاشم أولى الناس بأن لا يعطوا شيئا فقد كانوا ألبا واحدا عليه وإنما هو عطية باسم القرابة كالميراث، وقد قيل إنما أعطوه عوضا من الصدقة المحرمة عليهم وتحريم الصدقة باق فليكن السهم باقيا.

839- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة والفضل بن عباس ائتيا رسول الله فقولا له يا رسول الله قد بلغنا من السن ما ترى وأحببنا أن نتزوج وأنت يا رسول الله أبر الناس وأوصلهم وليس عند أبوينا ما يصَدِقان عنا فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات فلنؤد إليك ما يؤدي العمال ولنُصب ما كان فيها من مرفق، قال فأتى علي بن أبي طالب ونحن على تلك الحال فقال لنا ان رسول الله قال والله لا يستعمل منكم أحدا على الصدقة، فقال له ربيعة هذا من أمرك قد نلت صهر رسول الله فلم نحسدك عليه فألقى علي رضي الله عنه رداءه ثم اضطجع عليه فقال أنا أبو الحسن القَرْم والله لا أريم حتى يرجع إليكما ابناكما بحَوْر ما بعثتما به إلى النبي قال عبد المطلب فانطلقت أنا والفضل حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت فصلينا مع الناس ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة النبي وهو يومئذ عند زينب بنت جحش فقمنا بالباب حتى أتى رسول الله فأخذ بأذني وأذن الفضل فقال اخرجا ما تصرران ثم دخل فأذن لي وللفضل فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلا ثم كلمته أو كلمه الفضل قد شك في ذلك عبد الله فقال كلمه بالذي أمرنا به أبوانا فسكت رسول الله ساعة ورفع بصره قبل سقف البيت حتى طال علينا أنه لا يرجع إلينا شيئا حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها تريد أن لا نعجل وأن رسول الله في أمرنا، ثم خفض رسول الله رأسه فقال لنا إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ادعوا لي نوفل بن الحارث فدعي له نوفل، فقال يا نوفل أنكح عبد المطلب فأنكحني نوفل ثم قال النبي ادعوا لي مَحْمية بن جزء وهو رجل من بني زبيد كان رسول الله استعمله على الأخماس فقال رسول الله لمحمية أنكح الفضل فأنكحه، ثم قال رسول الله قم فاصدق عنهما من الخمس كذا وكذا.

قوله أنا أبو الحسن القرم هو في أكثر الروايات القوم وكذلك رواه لنا ابن داسة بالواو وهذا لا معنى له وإنما هو القرم وأصل القرم في الكلام فحل الإبل ومنه قيل للرئيس قرم يريد بذلك أنه المقدم في الرأي والمعرفة بالأمور فهو فيهم بمنزلة القرم في الإبل.

وقوله بحور ما بعثتما به أي بجواب المسألة التي بعثتما فيها وبرجوعها ؛ وأصل الحور الرجوع يقال كلمته فما أحار إليَّ جوابا، أي ما رد إلي جوابا.

وقوله اخرجا ما تصرران يريد ما تكتمان أو ما تضمران من الكلام وأصله من الصرر وهو الشد والإحكام.

وقوله فتواكلنا الكلام معناه أن كل واحد منا قد وكل الكلام إلى صاحبه يريد أن يبتدئ الكلام صاحبه دونه.

وقوله قم فاصدق عنهما من الخمس أى من حصته من الخمس الذي هو سهم النبي وكان يأخذ لطعامه ونفقة أهله قدر الكفاية ويرد الباقي منه على يتامى بني هاشم وأياماهم ويضعه حيث أراه الله من وجوه المصلحة. وهو معنى قوله مالي مما أفاء الله عليّ إلا الخمس وهو مردود عليكم، وقد يحتمل أن يكون إنما أمره أن يسوق المهر عنهما من سهم ذي القربى وهو من جملة الخمس والله أعلم.

840- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد حدثنا يونس عن ابن شهاب أخبرني علي بن الحسين أن حسين بن علي أخبره أن عليا رضي الله عنه قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر وكان رسول الله أعطاني شارفا من الخمس يومئذ، فلما أردت أن أبني بفاطمة بنت رسول الله واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بأذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فنستعين به في وليمة عرسي فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار أقبلت حين جمعت ما جمعت فإذا شارفاي قد اجتُبْت أسنمتهما وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر فقلت من فعل هذا قالوا فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار غنته قينته وأصحابه فقالت في غنائها، ألا يا حمز للشُرُف النواء، فوثب إلى السيف فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما، قال علي رضي الله عنه فانطلقت حتى أدخل على رسول الله وعنده زيد بن حارثة، قال فعرف رسول الله الذي لقيت فقال مالك فقلت يا رسول الله ما رأيت كاليوم عدا حمزة على ناقتي فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وها هو ذا في بيت معه شرب قال فدعا رسول الله بردائه فارتدى به ثم انطلق يمشي فاتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء إلى البيت الذي فيه حمزة فاستأذن له فإذا هم شَرب فطفق رسول الله يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه فنظر حمزة إلى رسول الله ثم صعَّد النظر فنظر إلي سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى ركبته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة وهل أنتم إلا عبيد لآبائي فعرف رسول الله أنه ثمل فنكص على عقبه القهقرى فخرج وخرجنا معه.

قلت الشارف المسنة من النوق، وقولها ( ألا يا حمز للشرف النواء ) فإن الشرف جمع الشارف والنواء السمان يقال نوت الناقة تنوي فهي ناوية وهي نواء قال الشاعر:

لطال ما جررتكن جرا... حتى نوى الأعجف واستمرا

وتمام البيت:

ألا يا حمز للشرف النواء... وهن معقلات بالفِناء

في أبيات تستدعيه فيها نحرهن وأن يطعم لحومهن أصحابه وأضيافه فهزته أريحية الشراب والسماع فكان منه ذلك الصنيع ؛ والثمل السكران.

وقد احتج يهذا الحديث بعض من ذهب إلى إبطال طلاق السكران وزعم أن أقواله التي تكون منه في حال السكر لا حكم لها قال ولو كان يلزمه أقواله لكان حمزة حين خاطب رسول الله بما خاطبه به من القول خارجا من الدين.

قلت وقد ذهب على هذا القائل أن هذا إنما كان من حمزة قبل تحريم الخمر لأن حمزة قتل يوم أحد وكان تحريم الخمر بعد غزوة أحد فكان معذورا في قوله غير مؤاخذ به وكان الحرج عنه زائلا إذ كان سببه الذي دعاه إليه مباحا كالنائم والمغمى عليه يجري على لسانه الطلاق والقذف فلا يؤاخذ بهما، فأما وقد حرمت الخمر حتى صار شاربها مؤاخذا بشربها محدودا فيها فقد صار كذلك مؤاخذا بما يجري على لسانه من قول يلزمه به حكم كالطلاق والقذف وسائر جنايات اللسان، وقد أجمعت الصحابة على أن حد السكران حد المفتري قالوا وذلك لأنه إذا سكر هذى فإذا هذى افترى فألزموه حد المفتري.

وفي ذلك بيان أنهم جعلوه مؤاخذا بأقواله معاقبا بجناياته وإنما توقفوا عن قتله إذا ارتد في حال السكر استيناء به ليتوب في صحوه في حال يعقل ما يقوله ويصح منه ما يعتقده من التوبة وهو لو ارتد صاحيا لاستتيب ولم يقتل في فوره فكذلك إذا ارتد وهو سكران.

وقد اختلف العلماء في أقوال السكران، فقال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي طلاق السكران لازم وهو قول أصحاب الرأي، وقد روي ذلك عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن والشعبي والنخعي وابن سيرين ومجاهد، وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه وأبو ثور والمزني طلاقه غير لازم، وقد روي ذلك عن عثمان بن عفان وابن عباس وهو قول القاسم بن حد وعمر بن عبد العزيز وطاوس. ووقف أحمد بن حنبل عن الجواب في هذه المسألة وقال لا أدري.

841- قال أبو داود: حدثنا يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى عن سعيد الجريري، عن أبي الورد عن ابن أعبد قال: قال لي عليّ ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله وكانت من أحب أهله إليه قلت بلى قال أنها جرت بالرحى حتى أثر في يدها واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها فأتى النبي خدم فقلت لو أتيت أباك فسألتيه خادما فأتته فوجدت عنده حُدّاثا فرجعت فأتته من الغد فقال ما كان حاجتك فسكتت فقلت أنا أحدثك يا رسول الله جرت بالرحى حتى أثر في يدها وحملت القربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حر ما هي فيه، قال اتقي الله يا فاطمة وأدي فريضة ربك واعملي عمل أهلك وإذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثا وثلاثين، واحمدي ثلاثا وثلاثين، وكبري أربعا وثلاثين فتلك مائة فهي خير لك من خادم قالت رضيت عن الله وعن رسوله.

قلت فيه من الفقه أن المرأة ليس لها أن تطالب زوجها بخادم كما لها أن تطالبه بالنفقة والكسوة وإنما لها عليه أن يكفيها الخدمة حسب ولو كان ذلك واجبا لها عليه لأشبه أن يلزمه رسول الله عليا أو يخبره من جه الحكم في ذلك وإن كانت الحال بين علي وفاطمة ألطف من أن يجري بينهما المناقشة في الحقوق الواجبة على الزوجين.

842- قال أبو داود: حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي حدثنا الدخيل بن أياس بن نوح بن مُجَّاعة عن هلال بن سر اج بن مجاعة عن أبيه عن جده مجاعة أنه أتى النبي يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوس من بني ذهل فقال النبي لو كنت جاعلا لمشرك دية جعلتها لأخيك ولكن سأعطيك منها عقبى فكتب له النبي بمائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل.

قلت معنى العقبى العوض ويشبه أن يكون إنما أعطاه ذلك تألفا له أو لمن وراءه من قومه على الإسلام.

15/20-21م ومن باب سهم الصفيّ

843- قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا قرة قال سمعت يزيد بن عبد الله قال كنا بالمربد فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم أحمر فقلنا كأنك من أهل البادية ؛ قال أجل قلنا ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك فناولناها فقرأنا ما فيها فإذا فيها: من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أُقيش أنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي وسهم الصفيّ أنتم آمنون بأمان الله ورسوله، فقلنا من كتب لك هذا الكتاب قال رسول الله .

قلت أما سهم النبي فإنه كان يسهم له كسهم رجل ممن شهد الوقعة حضرها رسول الله أوغاب عنها. وأما الصفي فهو ما يصطفيه من عرض الغنيمة من شيء قبل أن يخمس عبد أو جارية أو فرس أو سيف أو غيرها وكان النبي مخصوصا بذلك مع الخمس الذي له خاصة.

16/22-23م ومن باب خبر النضير

844- قال أبو داود: حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي من الأنصار أن كفار قريش كتبوا إلى اليهود أنكم أهل الحلقة والحصون وأنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا ولا يحول بيننا وبين خَدم نسائكم شيء فلما بلغ كتابهم النبي أجمعت بنو النضير بالغدر فأرسلوا إلى النبي أخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حبرا نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك، فلما كان الغد غدا عليهم بالكتائب فحصرهم وذكر القصة.

قوله إنكم أهل الحلقة والحصون يريد بالحلقة السلاح، وقيل أراد بها الدرع لأنها حَلق مسلسلة وخَدَم النساء خلاخيلهن واحدتها خَدَمة والمخدّم موضع الخلخال من الرجل والكتائب الجيوش المجتمعة واحدتها كتيبة ومنها الكتاب المكتوب، ومعناه الحروف المضمومة بعضها إلى بعض.

27/23-24م - ومن باب حكم أرض خيبر

845- قال أبو داود: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر قال أحسبه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي قاتل أهل خيبر فغلب على الأرض والنخل وألجأهم إلى قصرهم فصالحوه على أن لرسول الله الصفراء والبيضاء والحلقة ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا فان فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مَسْكا لحُيي بن أخطب وقد كان قتل قبل خيبر كان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير فيه حليهم قال فقال النبي : لسَعنة أين مَسك حُيي بن أخطب قال أذهبته الحروب والنفقات فوجدوا المسك فقتل ابنَ أبي الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم وأراد أن يجليهم فقالوا يا محمد دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدا لك ولكم الشطر، وكان رسول الله يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقا من شعير.

قلت مسك حيي بن أخطب ذخيرة من صامت وحليّ كانت له وكانت تدعى مسك الحمل ذكروا أنها قومت عشرة آلاف دينار فكانت لا تزف امرأة إلا استعاروا لها ذلك الحلي وكان شارطهم رسول الله على أن لا يكتموه شيئا من الصفراء والبيضاء فكتموه ونقضوا العهد وظهر عليهم رسول الله فكان من أمره فيهم ما كان.

846- قال أبو داود: حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن حدثنا أسد بن موسى حدثنا يحيى بن زكرياء حدثني سفيان عن يحيى بن سعيد عن بُشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة قال قسم رسول الله خيبر نصفين نصفا لنوائبه ولحاجته ونصفا بين المسلمين قسمها بينهم على ثمانية عشر سهما.

قلت فيه من الفقه أن الأرض إذا غنمت قسمت كما يقسم المتاع، والخُرثي لا فرق بينهما وبين غيرهما من الأموال. والظاهر من أمر خيبر أن رسول الله فتحها عنوة وإذا كانت عنوة فهي مغنومة، وإذا صارت غنيمة فإنما حصته من الغنيمة خمس الخمس وهو سهمه الذي سماه الله له في قوله {واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} 1 فكيف يكون له النصف منها أجمع حتى يصرفه في حوائجه ونوائبه على ظاهر ما جاء في هذا الحديث.

قلت وإنما يشكل هذا على من لا يتتبع طرق الأخبار المروية في فتوح خيبر حتى يجمعها ويرتبها فمن فعل ذلك تبين أمر صحة هذه القسمة من حيث لا يشكل معناه، وبيان ذلك أن خيبر كانت لها قرى وضياع خارجة عنها منها الوطيحة والكتيبة والشق والنطاة والسلاليم وغيرها من الأسماء فكان بعضها مغنوما وهو ما غلب عليها رسول الله كان سبيلها القسم، وكان بعضها فيئا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكان خاصا لرسول الله يضعه حيث أراه الله من حاجته ونوائبه ومصالح المسملين فنظروا إلى مبلغ ذلك كله فاستوت القسمة فيها على النصف والنصف وقد بين ذلك الزهري.

847- قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد أخبركم ابن وهب حدثني مالك عن ابن شهاب أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحا والكتيبة أكثرها عنوة وفيها صلح، قلت لمالك وما الكتيبة قال أرض خيبر وهي أربعون ألف عذق.

قلت العَذق النخلة مفتوحة العين والعِذق بكسرها الكباسة.

18/24-25م ومن باب خبر مكة

848- قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله عام الفتح جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان بن حرب فأسلم بمرّ الظهران، فقال له العباس يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فلو جعلت له شيئا، فقال نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن.

قلت فيه من الفقه أن المشرك إذا خرج من دار الكفر وأسلم وبقيت زوجته في دار الكفر لم تسلم فإن الزوجية بينهما لا تنفسخ ما اجتمعا على الإسلام قبل انقضاء العدة، وذلك أن رسول الله لم يكن ظهر على مكة بعد وأسلم أبو سفيان بمرّ الظهران وبقيت هند بمكة وهي دار كفر بعد ثم اجتمعا في الإسلام قبل انقضاء العدة فكانا على نكاحهما.

واحتج بقوله من دخل دار أبي سفيان فهو آمن من زعم أن فتح مكة كان عنوة لا صلحا وأن للإمام إذا ظهر على قوم كفار أن يؤمن من شاء منهم فيمنَّ عليه ويقتل من شاء منهم وله أن يترك الأرض في أيدي أهلها لا يقسمها بين الغانمين وذلك أن رسول الله ترك أرض مكة ودورها في أيدي أهلها ولم يقسمها.

وممن قال أنه فتحها عنوة الأوزاعي وأبو يوسف وأبو عبيد القاسم بن سلام إلا أن أبا عبيد زعم أنه منّ على أهلها فردها عليهم ولم يقسمها ولم يجعلها فيئا، وكان هذا خاصا لرسول الله في مكة ليس لغيره من الأئمة أن يفعل ذلك في شيء من البلدان غيرها وذلك أنها مسجد لجماعة المسلمين وهي مناخ من سبق. وأجور بيوتها لا تطيب ولا تباع رباعها وليس هذا لغيرها من البلدان.

وقال الشافعي فتحت مكة صلحا وقد سبق لهم أمان فمنهم من أسلم قبل أن يظهر لهم على شيء، ومنهم من لم يسلم وصار إلى قبول الأمان بالقاء السلاح ودخول داره فكيف يغنم مال مسلم أو مال من بذل له الأمان.

149- قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم بن مسكين حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عن أبي هريرة أن رسول الله لما دخل مكة سرح الزبير بن العوام وأبا عبيدة الجراح وخالد بن الوليد على الخيل فقال يا أبا هريرة اهتف بالأنصار اسلكوا هذا الطريق فلا يشرفن لكم أحد إلا انمتموه فنادى مناد لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، فعمد صناديد قريش فدخلوا الكعبة فغص بهم وطاف النبي وصلى خلف المقام ثم أخذ بجنبتي الباب فخرجوا فبايعوا النبي على الإسلام.

قلت في قوله لا يشرفن لكم أحد إلا انمتموه دليل على أنه إنما عقد لهم الأمان على شرط أن يكفوا عن القتال وأن يلقوا السلاح فإن تعرضوا له أولأصحابه زال الأمان وحل دماؤهم له. وجملة الأمر في قصة فتح مكة أنه لم يكن أمرا منبرما في أول ما بذل الأمان لهم ولكنه كان أمرا مظنونا مترددا بين أن يقبلوا الأمان ويمضوا على الصلح وبين أن يحاربوا فأخذ رسول الله أهبة القتال ودخل مكة وعلى رأسه المغفر إذ لم يكن من أمرهم على يقين ولا من وفائهم على ثقة فلذلك عرض الالتباس في أمرها والله أعلم.

وقد اختلف الناس في ملك دور مكة ورباعها وكراء بيوتها فروي عن عمر بن الخطاب أنه ابتاع دار السجن بأربعة آلاف درهم وأباح طاوس وعمرو بن دينار بيع رباع مكة وكراء منازلها، وإليه ذهب الشافعي واحتج بقول النبي وهل ترك لنا عقيل منزلا، وذلك أن عقيلا قد كان باع منازل آبائه فرأى النبي بيعها ماضيا.

وقالت طائفة لا يحل بيع دور مكة ولا كراؤها، وروي ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وروي عن عطاء وعمر بن عبد العزيز النهي عن كراء بيوتها. وقال أحمد بن حنبل إني لأتوقى الكراء، يَعني أجور بيوت مكة، وأما الشراء فقد اشترى عمر دار السجن. وقال إسحاق كل شيء من دور مكة فإن بيعها وشراءها وإجارتها مكروهة ولكن الشراء أهون.

19/25-26م ومن باب خبر الطائف

850- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن علي بن سويد حدثنا أبو داود عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا أن لا يحشروا وأن لا يعشروا ولا يجبّوا، فقال رسول الله لكم أن لا تحشروا ولا تعشروا ولا خير في دين ليس فيه ركوع.

قوله لا تحشروا، معناه الحشر في الجهاد والنفير له وقوله وأن لا تعشروا معناه الصدقة أي لا يؤخذ عشر أموالهم وقوله أن لا يجبوا معناه لا يصلوا وأصل التجبية أن يكب الإنسان على مقدّمه ويرفع مؤخره.

قلت ويشبه أن يكون النبي إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا واجبين في العاجل، لأن الصدقة إنما تجب بحلول الحول، والجهاد إنما يجب لحضور العدو، فأما الصلاة فهي راهنة في كل يوم وليلة في أوقاتها الموقوتة ولم يجز أن يشترطوا تركها، وقد سئل جابر بن عبد الله عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد، فقال علم أنهم سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا.

وفي هذا الحديث من العلم أن الكافر يجوز له دخول المسجد لحاجة له فيه أو للمسلم إليه.

0 2/28-29م ومن باب إيقاف أرض السواد وأرض العنوة

851- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله منعت العراق قفيزها ودرهمها ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر أردّبها ودينارها، ثم عدتم من حيث بدأتم قالها زهير ثلاث مرات شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه.

قلت المدي مكيال أهل الشام، يقال أنه يسع خمسة عشر أو أربعة عشر مكوكا، والأردب مكيال لأهل مصر ويقال أنه يسع أربعة وعشرين صاعا ومعنى الحديث أن ذلك كائن، وأن هذه البلاد تفتح للمسلمين ويوضع عليها الخراج شيئا مقدرا بالمكاييل والأوزان، وأنه سيمنع في آخر الزمان.

وخرج الأمر في ذلك على ما قاله وبيان ذلك ما فعله عمر رضي الله عنه بأرض السواد فوضع على كل جريب عامر أو غامر درهما وقفيزا ؛ وقد روي عنه اختلاف في مقدار ما وضعه عليها، وفيه مستدل لمن ذهب إلى أن وجوب الخراج لا ينفي وجوب العشر، وذلك لأن العشر إنما يؤخذ بالقفزان والخراج نقدا إما دراهم وإما دنانير.

852- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه، قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله وقال رسول الله : أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم هي لكم.

قلت فيه دليل على أن أراضي العنوة حكمها حكم ساتر الأموال التي تغنم وأن خمسها لأهل الخمس وأربعة أخماسها للغانمين.

21/29-30م ومن باب أخذ الجزية

853- قال أبو داود: حدثنا العباس بن عبد العظيم حدثنا سهل بن محمد حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن أنس بن مالك أن النبي بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخذوه فأتوا به فحقن له دمه وصالحه على الجزية.

قلت أكيدر دومة رجل من العرب يقال هو من غسان ففي هذا من أمره دلالة على جواز أخذ الجزية من العرب كجوازه من العجم ؛ وكان أبو يوسف يذهب إلى أن الجزية لا تؤخذ من عربي. وقال مالك والأوزاعي والشافعي، العربي والعجمي في ذلك سواء.

وكان الشافعي يقول إنما الجزية على الأديان لا على الأنساب. ولولا أن نأثم بتمني الباطل وددنا أن الذي قال أبو يوسف كما قال وأن لا يجري على عربي صغار ولكن الله أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به.

854- قال أبو داود: حدثنا النفيلي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي وائل عن معاذ بن جبل أن النبي لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم، يَعني محتلما دينارا أو عدله من المعافر ثياب تكون باليمن.

قلت في قوله من كل حالم دليل على أن الجزية إنما تجب على الذكران منه دون الإناث، لأن الحالم عبارة عن الرجل فلا وجوب لها على النساء ولا على المجانين والصبيان.

وفيه بيان أن الدينار مقبول من جماعتهم أغنياؤهم وأوساطهم في ذلك سواء لأن النبي بعثه إلى اليمن وأمره بقتالهم ثم أمره بالكف عنهم إذا أعطوا دينارا وجعل بذل الدينار حاقنا لدمائهم فكل من أعطاه فقد حقن دمه، وإلى هذا ذهب الشافعي، قال وإنما هو على كل محتلم من الرجال الأحرار دون العبيد.

وقال أصحاب الرأي وأحمد بن حنبل يوضع على الموسر منهم ثمانية وأربعون درهما وأربعة وعشرون واثنا عشر.

وقال أحمد على قدر ما يطيقون، قيل له فيزداد في هذا اليوم وينقص، قال نعم على قدر طاقتهم وعلى قدر ما يرى الإمام، وقد علق الشافعي القول في إلزام الفقير الجزية.

855- قال أبو داود: حدثنا مصرف بن عمرو اليامي حدثنا يونس بن بكير حدثنا اسباط بن نصر الهمداني عن إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي عن ابن عباس قال صالح رسول الله أهل نجران على ألفي حلة النصف في صفر والنصف في رجب يؤدونها إلى المسلمين وعارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون فيها والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم أن كان باليمن كيد ذات غدرة.

قلت هذا وقع في كتابي، وفي رواية غيرها كيد ذات غدر، وهذا أصوب على أن لا تهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قس ولا يفتنون عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا أو يأكلوا الربا.

قلت في هذا دليل على أن للإمام أن يزيد وينقص فيما يقع عليه الصلح من دينار وأكثر على قدر طاقتهم ووقوع الرضا منهم به. وفيه دليل على أن العارية مضمونة.

وقوله كيد ذات غدر يريد الحرب. أخبرني أبو عمر قال: قال ابن الأعرابي الكيد الحرب، ومنه ما جاء في بعض الحديث أن رسول الله خرج في بعض مغازيه فلم يلق كيدا أي حربا.

22/31م - ومن باب أخذ الجزية من المجوس

856- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع بجالة يحدث عمرو بن أوس وأبا الشعثاء كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس إذ جاءنا كتاب عمر قبل موته بسنة اقتلوا كل ساحر وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة، فقتلنا في يوم ثلاث سواحر وفرقنا بين كل رجل من المجوس وحريمه في كتاب الله وصنع طعاما كثيرا فدعاهم فعرض السيف على فخذه فأكلوا ولم يزمزموا وألقوا وقر بغل أو بغلين من الورق ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله أخذها من مجوس هجر.

قوله ألقوا وقر بغل أو بغلين من الورق يريد أخِلة من الورق يأكلون بها، قلت ولم يحملهم عمر على هذه الأحكام فيما بينهم وبين أنفسهم إذا خلوا، وإنما منعهم من إظهار ذلك للمسلمين وأهل الكتاب لا يكشفون عن أمورهم التي يتدينون بها ويستعملونها فيما بينهم إلا أن يترافعوا إلينا في الأحكام. فإذا فعلوا ذلك فإن على حاكم المسلمين أن يحكم فيهم بحكم الله المنزل وإن كان ذلك في الأنكحة فرق بينهم وبين ذوات المحارم كما يفعل ذلك في المسلمين.

وفي امتناع عمر من أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله أخذها من مجوس هجر دليل على أن رأي الصحابة أنه لا تقبل الجزية من كل مشرك كما ذهب إليه الأوزاعي وإنما تقبل من أهل الكتاب.

وقد اختلف العلماء في المعنى الذي من أجله أخذت منهم الجزية فذهب الشافعي في أغلب قوليه إلى أنها إنما قبلت منهم لأنهم من أهل الكتاب، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب.

وقال أكثر أهل العلم انهم ليسوا من أهل الكتاب، وإنما أخذت الجزية من اليهود والنصارى بالكتاب ومن المجوس بالسنة.

واتفق عامة أهل العلم على تحريم نكاح نسائهم وذبائحهم وسمعت ابن أبي هريرة يحكي عن إبراهيم الحربي أنه قال لم يزل الناس متفقين على تحريم نكاح المجوس حتى جاءنا خلاف من الكرخ، يَعني أبا ثور.

23/31-33م ومن باب تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات

857- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا عطاء بن السائب عن حرب بن عبيد الله عن جده أبي أمه عن أبيه قال: قال رسول الله : إنما العشور على اليهود والنصارى وليس على المسلمين عشور.

قوله ليس على المسلمين عشور يريد عشور التجارات والبياعات دون عشور الصدقات.

قلت والذي يلزم اليهود والنصارى من العشور هو ما صالحوا عليه وقت العقد فإن لم يصالحوا عليه فلا عشور عليهم ولا يلزمهم شيء أكثر من الجزية فأما عشور غلات أرضيهم فلا تؤخذ منهم، وهذا كله على مذهب الشافعي.

وقال أصحاب الراي إن أخذوا منا العشورفي بلادهم إذا اختلف المسلمون إليهم في التجارات أخذناها منهم وإلا فلا.


هامش

  1. [الأنفال: 41]


معالم السنن - الجزء الثالث للإمام الخطابي
معالم السنن/الجزء الثالث/1 | معالم السنن/الجزء الثالث/2 | معالم السنن/الجزء الثالث/3 | معالم السنن/الجزء الثالث/4 | معالم السنن/الجزء الثالث/5 | معالم السنن/الجزء الثالث/6 | معالم السنن/الجزء الثالث/7 | معالم السنن/الجزء الثالث/8 | معالم السنن/الجزء الثالث/9 | معالم السنن/الجزء الثالث/10 | معالم السنن/الجزء الثالث/11 | معالم السنن/الجزء الثالث/12 | معالم السنن/الجزء الثالث/13 | معالم السنن/الجزء الثالث/14 | معالم السنن/الجزء الثالث/15 | معالم السنن/الجزء الثالث/16