انتقل إلى المحتوى

مجموع الفتاوى/المجلد الثامن عشر/فصل حديث أعطيت جوامع الكلم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


فصل حديث أعطيت جوامع الكلم

وَقَالَ شيخ الإسلام:

قال : «أُعْطِيت جوامع الكَلِم» وروي «وخواتمه» وروي «وفواتحه، وخواتمه» وقال في حديث: «أعطي نبيكم جوامع الكلم وفواتحه وخواتمه».

وهذا حديث شريف جامع؛ وذلك أن الكلم نوعان: إنشائية فيها الطلب، والإرادة، والعمل. وإخبارية فيها الاعتقاد والعلم، وكل واحد من العلم والإرادة الذي هو الخبر والطلب فيه فروع كثيرة، وله أصول محيطة. وهي نوعان: كلية جامعة عامة. وأولية علية، فالعلوم الكلية والأولية والإرادات والتدابير والأوامر الكلية والأولية هي: جماع أمر الوجود كله. والخبر المطلوب كله الحق الموجود، والحق المقصود؛ ولهذا كان القياس العقلي والشرعي وغيرهما نوعين: قياس شمول، وقياس تعليل. فإن قياس التمثيل مُنْدَرِج في أحدهما؛ لأن القدر المشترك بين المثلين إن كان هو محل الحكم فهو قياس شمول، وإن كان مناط الحكم فهو قياس تعليل.

وذلك أن العلوم والإرادات، وما يُظْهِر ذلك من الكلمة الخبرية والطلبية إذا كانت عامة جامعة كلية فقد دخل فيها كل مطلوب، فلم يبق مما يطلب علمه شيء، وكل مقصود من الخبر، فلم يبق فيها مما يطلب قصده شيء، ثم ذلك علم وإرادة لنفسها وذاتها، سواء كانت مفردة أو مركبة. ثم لابد أن يتعلق بها علتان:

إحداهما: السبب وهي العلة الفاعلة.

والثاني: الحكمة: وهي العلة الغائية. فذلك هو العلم والإرادة للأمور الأولية. فإن السبب والفاعل أدل في الوجود العيني. والحكمة والغاية أدل في الوجود العلمي الإرادي؛ ولهذا كانت العلة الغائية علة فاعلية للعلة الفاعلية. وكانت هي في الحقيقة علة العلل لتقدمها علمًا وقصدًا، وأنها قد تستغني عن المعلول، والمعلول لا يستغني عنها، وأن الفاعل لا يكون فاعلًا إلا بها، وأنها هي كمال الوجود وتمامه؛ ولهذا قدمت في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }. فإذا كانت الحكم المظهرة للعلم والطلب فيها الفواتح، وفيها الخواتم، جمعت نَوْعَي العلتين الأوليين. وإذا كانت جامعة كانت علة عامة.


هامش



مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد الثامن عشر - الحديث
سئل ما حد الحديث النبوي | فصل تعريف الحديث الواحد | فصل إذا صح الحديث هل يكون صدقا | فصل تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف | فصل أنواع الرواية وأسماء الأنواع | أن يسمع من لفظ المحدث | أن يقرأ على المحدث فيقر به | المناولة والمكاتبة | الإجازة | معني قولهم حديث حسن أو مرسل أو غريب | شرط البخاري ومسلم | قولهم هذا حديث ضعيف أو ليس بصحيح | الخبر ينقسم ثلاثة أقسام | فصل الخطأ في الخبر يقع من الراوي إما عمدا أو سهوا | أسباب تعمد الكذب | فصل الراوي إما أن تقبل روايته مطلقا أو مقيدا | فصل كم من حديث صحيح الاتصال ثم يقع في أثنائه الزيادة والنقصان | فصل عدة الأحاديث المتواترة التي في الصحيحين | فصل أحاديث يحتج بها بعض الفقهاء وهي باطلة | فصل إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد | سئل عمن أنكر التواتر في الأحاديث | كلام الشيخ على كتاب الحلية لأبي نعيم | وسئل عمن نسخ بيده صحيح البخاري ومسلم والقرآن | أحاديث رواها شيخ الإسلام بن تيمية بأسانيد لنفسه | بعض الأخبار الموضوعة | وسئل عن وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن | سئل عن حديث ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي | فصل في قوله وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا | فصل في قوله كلكم ضال إلا من هديته | فصل في قوله يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته | فصل قوله يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار | فصل قوله يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني | فصل قوله لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم | فصل قوله يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم | فصل شرح حديث حديث عمران بن حصين | شرح حديث إنما الأعمال بالنيات | فصل مدار الإسلام على ثلاثة أحاديث وهذا منها | فصل في قوله وجلت قلوبهم | فصل في معنى حديث خطبة الحاجة | فصل حديث بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ | فصل حديث مثل أمتي كمثل الغيث | حديث سبعة لا تموت ولا تفنى ولا تذوق الفناء | فصل حديث أعطيت جوامع الكلم | حديث الكرب اللهم إني عبدك | فصل حديث المرء مع من أحب | وسئل عن المسكنة وقوله اللهم أحيني مسكينا | فصل حديث من يستغن يغنه الله | فصل في حديث إن أكبر الكبائر الكفر والكبر | فصل فيما يتعلق بالثلاث المهلكات | سئل عن أحاديث هل هي صحيحة | سئل عن بعض الأحاديث | سئل عمن سمع رجلا يقول لو كنت فعلت كذا لم يجر عليك شيء من هذا | وسئل عن قصة إبليس | بيان ما في كتاب تنقلات الأنوار | سئل عن أحاديث يرويها قصاص | قوله كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد | معنى حديث على كل مسلم صدقة | وسئل عن أحاديث يرويها القصاص