الروح/المسألة الخامسة عشرة/فصل الرد على من قال أنها على جانبي آدم
و أما قول من قال إن أرواح المؤمنين عن يمين آدم وأرواح الكفار عن يساره فلعمر اللّه لقد قال قولا يؤيده الحديث الصحيح، وهو حديث الإسراء، فإن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم رآهم كذلك، ولكن لا يدل ذلك على تعادلهم في اليمين والشمال، بل يكون هؤلاء عن يمينه في العلو والسعة، وهؤلاء عن يساره في السفل والسجن. و قد قال أبو محمد بن حزم: إن ذلك البرزخ الذي رآه فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ليلة أسري به عند سماء الدنيا قال: وذلك عند منقطع العناصر، قال: وهذا يدل على أنها عنده تحت السماء حتى تنقطع العناصر وهي الماء والتراب والنار والهواء.
و هو دائما يشنع على من قال قولا لا دليل عليه، فأي دليل له على هذا القول من كتاب وسنّة؟ وسيأتي إشباع الكلام على قوله إذ انتهينا إليه إن شاء اللّه تعالى.
فإن قيل: فإذا كانت أرواح أهل السعادة عن يمين آدم، وآدم في السماء الدنيا، وقد ثبت أن أرواح الشهداء في ظل العرش، والعرش فوق السماء السابعة، فكيف تكون عن يمينه، وكيف يراها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هناك في السماء الدنيا؟ فالجواب من وجوه.
أحدهما: أنه لا يمتنع كونها عن يمينه في جهة العلو كما كانت أرواح الأشقياء عن يساره في جهة السفلى.
الثاني: أنه غير ممتنع أن تعرض على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في سماء الدنيا وإن مستقرها فوق ذلك.
الثالث: أنه لم يخبر أنه رأى أرواح السعداء جميعا هناك بل قال: فإذا عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة، ومعلوم قطعا أن روح إبراهيم وموسى فوق ذلك في السماء السادسة والسابعة، وكذلك الرفيق إلا على أرواحهم فوق ذلك وأرواح السعداء بعضها أعلى من بعض بحسب منازلهم، كما أن أرواح الأشقياء بعضها أسفل من بعض منازلهم. واللّه أعلم.
هامش