مجموع الفتاوى/المجلد الأول/جواز التوسل بالأعمال الصالحة
جواز التوسل بالأعمال الصالحة
نعم، لو سأل الله بإيمانه بمحمد ﷺ ومحبته له وطاعته له واتباعه، لكان قد سأله بسبب عظيم يقتضي إجابة الدعاء، بل هذا أعظم الأسباب والوسائل، والنبي ﷺ بين أن شفاعته في الآخرة تنفع أهل التوحيد لا أهل الشرك، وهى مستحقة لمن دعا له بالوسيلة كما في الصحيح أنه قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا على، فإنه من صلى على مرة صلى الله عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو ذلك العبد، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتى يوم القيامة)، وفي الصحيح أن أبا هريرة قال له: أي الناس أسعد بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: (من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه).
فبين ﷺ أن أحق الناس بشفاعته يوم القيامة من كان أعظم توحيدا وإخلاصا؛ لأن التوحيد جماع الدين، والله لا يغفرأن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فهو سبحانه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، فإذا شفع محمدا ﷺ حدَّ له ربه حدا فيدخلهم الجنة، وذلك بحسب ما يقوم بقلوبهم من التوحيد والإيمان. وذكر ﷺ أنه من سأل الله له الوسيلة حلت عليه شفاعته يوم القيامة، فبين أن شفاعته تنال باتباعه بما جاء به من التوحيد والإيمان. وبالدعاء الذي سن لنا أن ندعو له به.