انتقل إلى المحتوى

لسان غصن لبنان في انتقاد العربية العصرية/أوجه الانتقاد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: المطبعة العثمانية في بعبدا (لبنان) (1891)، الصفحات ٦–٣٣


 

اوجه الانتقاد

ان مدار بحثنا في هذا الباب على ثلاث قضايا اولية يتفرع منها غيرها وهي التعريب والخطأ في قواعد العربية واستعمال بعض الفاظها في غير محله

فاما التعريب فهو صناعة دقيقة تقتضي جودة المعرفة في اللغتين اي العربية والفرنجية ولكوني اعرف اللغة الفرنسوية يكون بحثي في ما يترجم منها فالذي يترجم منها الى العربية لا يمكنه ان يجيد الترجمة ويؤدي المعاني الصحيحة ما لم يكن كثير المطالعة في كتبها الفصيحة والاختبار في معاني مفرداتها وفهم مجازها وكناياتها والا فهو يخبط خبط عشواء فيضيع المعنى ويأتي بالفاظ عربية الاحرف لكنها غير مفهومة عند ابن العربية . وكذلك يلزمه ان يكون عارفًا خبيرًا باصطلاحات العربية ومجازها وكناياتها واساليب تراكيبها والا فيكون كالماشي في وحل لزج يتلبك وبتحير وهو يظن نفسه ماشيًا مشية مستقيمة . ولا يجهل احد ان لكل لغة اصطلاحات واساليب خاصة لتأدية المعاني فلا يصح اتخاذ الاسلوب الافرنجي بصورة عربية ولا العربي بصورة افرنجية . فالفرنسويون يقولون مثلا c’est bien connu comme bonjour فهل يصح أن نترجمها حرفياً ونقول هذا . معروف جيدًا مثل صباح الخير . ورايت في بعض الكتب هذه العبارة «البرهان دون كفي» فعرفت انها في الاصل الفرنسوي J’ai la preuve sous la main لكن العرب لا يقولون هكذا ولا يستعملون دون وكف بهذا المعنى بل يقولون حجتي بيدي او نحو ذلك .وسناتي على عدة عبارات سقيمة الترجمة ونوضح كيفية تعريبها ومن ذلك يعرف ان يجب ان يكون خبيرًا في اساليب اللغتين . وهذا الذي حملني على وضع كتاب سميته صناعة التعريب جمعت فيه امثال اللغة الفرنسوية وكناياتها وعربتها بما يرادفها من اللغة العربية وهو حتى الآن غير مطبوع

واما الخطأ في قواعد الصرف والنحو والبيان ولا سيما في استعمال الظروف والحروف فاكثر من ان يحصى فاني كل يوم ارى منه شيئًا في كل المطبوعات تقريبًا . والعلة معروفة تصعب مداواتها لان كثيرين من الكتاب يكونون قد تعلموا في المدرسة بعض مبادئ العربية والبعض منهم لا يكون له المام بها فيستند الى غيره . وحالما يخرج الولد من المدرسة واحيانًا قبل ان يخرج يطرح بضاعته لدى العموم فيطبع المقالات والاشعار وهو يهرف بما لا يعرف فهذا الذي هتك ستر العربية ومزق حجابها كل ممزق وشعث وجناتها الناعمة فاختلط غثها بسمينها وفصيحها بكلام العامة . وسأبين شيئًا كثيرًا من هذا الخطأ فيتضح للعموم لزوم اتقان قواعد اللغة . وهذا الذي حملني ايضاً على وضع كتاب جديد سميته الاحكام الصحيحة في العربية الفصيحة وهو عبارة عن ثلثة كتب الاول في الصرف والثاني في النحو والثالث في الظروف والحروف وقد جمع هذا الكتاب فاوعى اشتات مسائل لا يعرف اكثرها الا من كثرة المطالعة مع ان الكتاب كله لا يتجاوز اربعمائة صفحة بقطع ربع وهو حتى الآن لم يطبع ولكن لا باس اذا ذكرت منه شذَيرات يتبين منها فضله ومزيته على غيرهِ

قلت في باب النسبة من كتاب الصرف «واذا كان (الاسم) بوزن فعيلة وفعيل بلفظ التكبير او التصغير من غير المضاعف والاجوف فقد تحذف ياؤه في بعض الاسماء وتثبت في بعضها فيقال في حَنِيفة وصَفيَّة وقضيَّة وجُهينة ومزَينة وأمية وعَاِيّ وثَقِيف وقُصَيّ وهُذَيل وقُرَيش . حَنَفي وصَفوي وقَضَوي وجُهَني ومُزَويّ وأُمَويّ وعَلَوي ويَقَفِيّ وقُصَوي وهُذَلِيّ وقُرَشيّ . ويفي طبيعة ورُدَينة وطُفَيل وعُقَيْل وسَلِيم . طبيعي ورُدَيني وطُفَيلي وعقيليّ وسليميّ . واما سليم بلفظ التصغير فيقال فيه سُلَمِيّ . وكل ذلك محفوظ في هذه الاسماء وقليل غيرها . واما المضاعف كحقيقة وأميمة وتميم وحُنين والاجوف كزويلة ونُوَيرة وسَوِيق وغُوير فتثبت فيهما الياء مطلقًا فيقال حَقِيقيّ وأميمي وتميمي وحُنَيني وَزُويلي ونویري وسَوِيقي وغُوَيري . واما المدينة فان اريد بها مدينة الرسول قيل مَدَني والا فمدينيّ . غير ان الاصطلاح غلب بحذف الياء فقيل مثلًا سياسة مدنية واما الكنيسة فغلب الاصطلاح بالنسبة الى جمعها فقيل كنائسي» فظهر من هنا ان القاعدة الشائعة في كتب الصرف غير ضابطة . ووضعت في هذا الكتاب جدولاً للاسماء التي مونتها معنوي وجدولًا للاسماء المحذوف منها بعوض او بلا عوض . وجدولاً للافعال الثلاثية من الاجوف والناقص ليعرف منها الواوي واليائي

وقلت في المستثنى من كتاب النحو «واعلم ان المستثنى ينصب اذا قدم على المستثنى منه نحو جاء الَّا اباك الناس وما قام الا اباك احد وكلاهما غير فصيح في المشهور لكنه كثير في الشعر ومألوف وورد رفعه بدلًا على القلب أو لانه في حكم المتأخر فيقال ما لي الا ابوك ناصرٌ غير ان النصب أولى اذ لا وجه للرفع الَّا بحكم التاخير لان المحصور بالَّا قد يقدم معها فيقال ما ضرب الا عمرًا زيد . واما جعله بدلًا بعد بدل على نية مستثنىً منه محذوف فغير سديد لان البدل لا يتعدد ولفساد التركيب باسقاط الاول مع ذكر المحذوف اي بقولنا مالي احد الا باصرٌ» . وقلت في التمييز «واعلم ان المميز لا ينعت فلا يقال لي فرسخ ارضًا جيدة ولا رُفع زيدٌ مقامًا جليلًا لان الوصف يقرّب النكرة من المعرفة والتمييز حقه ان يكون نكرة . واما اذا كان مجرورًا بالاضافة او بمن او غير منقول عن شيء فيجوز نحو عندي خاتمُ فضة نقية . وهذا قليل . ونحو عندي خاتم من الفضة النقية . وهذا فصيح . وكذلك يا له من رجل كريم وغرست ارضي من شجر جيد . وهذا قليل . وغرست ارضي من الشجر الجيد او شجرًا جيدًا .وهذا فصيح .وكذلك امتلأ الاناء ماءً صافيًا . وقد يوصف المنقول عن المبتدا نحو زيد اكثر كتبًا علمية . ومرجع كل ذلك الى سلامة الذوق» ولي في هذا الكتاب زيادات كثيرة لازمة للكاتب

وقلت في كتاب الظروف والحروف في الكلام عن إِلى «حرف جرّ لانتهاء الغاية في المكان نحو ذهبت الى البيت او الزمان نحو صمت الى المغرب ولا تستعمل اللام في مكانها الا نادرا فليس بفصيح هجرتك للابد وصمت للمغرب . ولا تقترن بحتى فلا يقال سهرت حتى الى الصباح لانهما بمعنى واحد . وللمصاحبة او المعية نحو جلست الى الضيف وتحدثت اليه . ولتبيين فاعلية مجرورها بعد التفضيل والتعجب من فعل يفيد الحب او البغض نحو ما ابغضه او اكرهه اليَّ وما احبه واشهاه اليَّ . وهي حينئذٍ بمعني عند . (اطلب اللام) وقد يقال هو اقرب اليَّ من حبل الوريد اي مني ولكن تمتنع من في التفضيل وتجوز في التعجب . واللام لا تستعمل هنا مكان الى . وترادف من بعد غير التفضيل منفعل القرب نحو اقتربت او دنوت اليه او منه وهو قريب الي او مني .غير ان من اشهر . وتاتي الى ايضًا بمعنى ضمّ شيء الى اخر نحو شددته الى يدي واقرن هذا الى ذاك . واضفه واسنده اليه وانسبه الى كذا . واللام هنا ضعيفة جدًّا فلا تقع الا عند الضرورة . وتاتي ايضًا بمعنى اللام في قولهم الامر اليك اي لك . لكن الصحيح ان المتعلّق المحذوف يراد به معنى التوجيه او التفويض فتكون قد وضعت في محلها لا في موضع اللام . ويتعدى بالى دون اللام كثير من الافعال اشهرها قولهم فوضت الامر اليك ورفعت وشكوت امري اليك واهوى اليه بيده وتوددت اليه وحببنه اليك وتقدمت اليك بكذا (اي طلبته او عرضته عليك) وعاد الى سكينته وسما الى المعالي وهبط الى الحضيض وارسلته اليك وبعثت به اليك وكتبت اليك رسالة (فاذا قلت كتبت لك يكون المعنى كتبت لاجلك أي بالنيابة عنك) واهديت اليك هدية واحسنت اليه. وابتهلت وتوسلت وتضرعت وصليت الى الله وركنت اليه وبرزت إلى الميدان وجلست الى يمينه وجننت اليه وتقدم الى الامام . واستعمال اللام ممتنع في أكثر هذه المواضع ونادر او ضعيف في بعضها – وقد يتغير بها معنى بعض الافعال نحو ملت اليه فهو عكس ملت عنه ونظرت اليه بخلاف نظرت فيه ونظرته . وطلبت اليه بخلاف طلبت منه لان الى تفيد الالتماس ومن تفيد الأمر ، ورغبت اليه اي سالته متوسلاً بخلاف رغبت عنه ورغبت فيه. ومددت اليه يدي بخلاف مددتها له وانعطفت اليه بخلاف انعطفت عليه ومن الخطإِ القبيح قول البعض ذهبت الى عنده (اطلب عند) وكذلك قولهم قلت الى زيد كذا واعطيت الى عمر كذا فهنا اللام واجبة في الاول وتعدني الفعل راسًا في الثاني ما لم يكن المفعول متقدمًا على الفعل او منفصلاً بالمفعول الثاني (راجع المفعول به في كتاب النحو) - وكذلك ليس بفصيح تعدي فعل الدخول بالى فلا يقال دخلت الى البلد بل دخلت البلد ولا كان دخولي الى مجلسك قريبًا بل دخولي مجلسك او في مجلسك لان دَخَلَ اذا لم يتعدَّ بنفسه اقتضى في المفيدة الظرفية. ولذلك لا يقال مطلقًا دخل فلان الى المذهب الفلاني بل في وكذلك هذه المسالة داخلة في الباب الفلاني. فكما لا يقال دخول جمل الى ثقب ابرة لا يصح ان يقال دخول غني الى ملكوت السماوات».

وقلت في الكلام عن بين «ظرف منصوب على الظرفية ما لم يجر بمن فيقال خرجت من بين الجماعة. واذا دخلت عليها الى وجب الفصل بينهما بما نحو تخطيت الى ما بينهم. وهي للمكان ما لم تضف الى ظرف زمان نحو بين العصر والمغرب فتكون زمانية وهي لازمة الاضافة الى المفرد بشرط العطف عليه نحو دخلت بين زيد وعمرو. او الى ضمير تثنية او جمع نحو كنت بينهما أو بينهم او اسم جمع او شبه جمع نجو بين القوم و بين الشجر او اسم مجموع نجو بين رفاقي، واما قول الشاعر: ما بين رمشة عين في ترددها. فعلى تقدير ورمشة اخرى. واذا اضيفت الى ضمير وجب تكرارها نجو بيني وبينك وبيني وبين زيد وبين زيد وبيني واما مع الظاهر فلا تكرر فلا يقال بين زيد وبين عمرو ما لم يكن الكلام يطلب عطفاً على متعاطفين لافادة المشاركة فتكرر لدفع الالتباس نحو كانت الحرب بين جماعتنا وجماعتكم وبين جيش العدو اربعة ايام فاذا وجد فاصل يمنع الالتباس وهو الاحسن لم تتكرر فيقال بين جماعتنا وجماعتكم من جهة وجيش العدو من جهة وكان اصطلاح العرب ان يقولوا كانت الحرب لجماعتنا وجماعتكم مثلاً على جيش العدو. وكانت للقبيلة الفلانية على القبيلة الفلانية. وقد تزاد قبلها ما نحو ما بين زيد وعمرو وفيما نحو دخلت فيما بينهم. واذا كررت بين كانت مركبة مبنية الجزأَين على الفتح فتفيد الحالة الوسطى كقولك زيد بينَ بينَ لمن يسالك عن ماليته او عافيته او غير ذلك أي انه في درجة وسطى. ومن ذلك قولهم الهمزة بين بين اي متوسطة بين الحروف الصحيحة والاحرف المعتلة - واذا لحقت بين ما متصلة بها في الخط وجب ان تليها جملة اسمية نحو بينما انا جالس جاء عمرو ولا يليها من الافعال الَّا ماضي كان يشرط ان يكون خبرها غير فعل ماض نحوَ بينما كنت اكتب اقبل زيد. فاما ان تحسب ما موصولاً حرفياً فتكون بين مضافة الى المصدر المسبوك منها ومما بعدها وتكون بين بمعنى وقت أوحين فيستغنى عن العطف على ما تضاف اليه. واما ان تحسب زائدة على ما قيل فتكون اضافة بين الى لفظة اوقات منوية والتقدير بين اوقات جلوسي واما في قول الشاعر: وبينما العسر اذ دارت مياسيرُ. فقيل ان بين مضافة الى العسر وهو غير سديد لانها لا تضاف الى مفرد والصحيح ان العسر مبتدا محذوف الخير فتكون بعدها جملة اسمية على التأويلين المار ذكرهما ، وأما قول البعض : ابقَ هنا لبينما اجيء. فخطأ او لغو اي ان استعمال لبينما لا معنى له فيقال حتى او الى ان اعود-والجملة التي تكون جواب بينما قد تتصدر باذ او اذا الفجائيتين فاذا كانت فعلية تعينت اذ ووجب ان يكون الفعل ماضياً نحو بينما انت تحدثني اذ رايت اخاك. واذا كانت اسمية تعينت اذا نحو بينما انت تحدثني اذا اخوك قادم. وقد تنوب عنها فيما نحو فيما انا جالس اقبل اخوك-وقد تحذف ميم ما وتبقى الالف دالة عليها نحو بينا نحن ذاهبون راينا صاحبك ولا يجوز مطلقاً حذف ما فلا يقال بينَ نحن ذاهبون لان بين وحدها لا تليها جملة كما علمت. فلا تجارِ من لا يعلم»

واما استعمال الالفاظ في غير محلها فهذا يقتضي شرحاً طويلاً لان كثيرين يضعون الكلمة لمعنى يقصدونه ويكون معناها بالخلاف وقد يختلفون لها معنى فتكون لغوًا وقد يستعملون الالفاظ الشعرية التي لا تليق الا في الاساليب الشعرية في معرض الكلام الاخباري. ولهم في ذلك اصطلاحات سأُبينها وهذا الذي حملني على وضع كتاب سميته اساليب العرب اكتفي هنا يذكر مادة منه وهي لفظة بعض «البعض الجزء من الكل ومن المعدود يطلق على الواحد والجماعة يقال بعض الكتاب اي جزء منه وبعض الناس اي واحد او جماعة منهم فاذا اردت الواحد افردت الضمير وإذا اردت الجماعة جمعته فيقال بعض الموجودين يعرف او يعرفون هذه المسألة. واذا كررت البعض بعد فعل للدلالة على المشاركة فالمشهور تعريف الاولى بأل او بالاضافة وتنكير الثانية او تعريفها بأل والاحسن حينئذٍ ان توصف بآخر فيقال كلم بعضهم بعضاً أو البعض الآخر. واذا اضمرت في الفعل (وعدم الاضمار احسن) جعلت البعض الاولى بدلاً من الضمير او مبتدا والخبر فعلاً يقدر من لفظ الفعل المذكور نحو حدثنا بعضنا بعضاً اي بعضنا حدث بعضاً . واذا كان الفعل متعدياً بحرف أو ظرف وجب ذكره مع الثانية فيقال عفا أو عفوا بعضهم عن بعض وقال او قالوا بعضهم لبعض وتكلم او تكلموا بعضهم مع بعض ودخل بعضهم عند البعض. ولا يقال مطلقاً عفوا عن بعضهم البعض او قالوا لبعضهم البعض او تكلموا مع بعضهم البعض. واذا سبقهما مصدر اضيف الى الاولى وجرت الثانية على حكمها مع الفعل نحو يسرّني تعاضد بعضهم مع بعض ومقابلة بعض الاصحاب البعض الاخر ويقال ايضاً على البدلية مقابلة الاصحاب بعضهم البعض. واذا كانت المشاركة بين اثنين فلا محل للفظ البعض فلا يقال ابي وامي شاور بعضهما البعض لان البعض جزء من كل بل يقال احدهما الآخر وكذا مع الحرف او الظرف فيقال سطا احدهما على الآخر وسار احدهما مع الاخر. ولا وجه للاضمار في الفعل هنا. واذا استعمل فعل المشاركة اكتفي بضمير التثنية او الجمع بعد ذكر ما يعود عليه فيقال هذان الرجلان يتحادثان وهؤلاء الرجال يختصمون عوض ان يقال يحدث احدهما الاخر ويخاصم بعضهم بعضاً. فتأمل»

فقد علم مما تقدم ان هذه الكتب التي وضعتها شديدة اللزوم للمدارس والعموم أيضاً لان الطالب يستغني بها عن مشاق المطالعة الطويلة والتنقيب في المطولات

فقد حان لنا ان نشرع في بيان ما عثرنا عليه وسنعثر من الخطإِ في التعريب وقواعد اللغة واستعمال الفاظها فيتضح جليًا ما المَّ بها من الفساد والخلل وسقم التراكيب ونحو ذلك. على اني اسبق فاقول ان ما ظهر من مطبوعاتي لا يخلو من الغلط فالبعض كان مني وذلك حين كنت غير متمكن من اسرار العربية واكثره من عدم معرفة مرتبي الحروف او من فلسفة المطبعة. وذلك يظهر للناقد البصير في ما عربت من ديوان الفكاهة وكتب اخرى مطبوعة باسمي من نثرية وشعرية . فاذا احبَّ احد الادباء ان يتكرم باظهار ما وقع لي من ذلك فله الفضل وانا اصرح بالاعتراف له لان جل المراد في هذا المشروع افادة العموم لئلا يسقطوا في ما سقط فيه غيرهم فيلزم تنبيههم حتى لا يكون لاحد عذرٌ كأن يقول . فلانٌ عالم استعمل الكلمة الفلانية او التركيب الفلاني.

واما علة ما يقع من الغلط بسبب المطابع فسنتكلم عنها فيما بعد ولذلك اعملت الفكرة فيما مضي ووضعت رسومًا جديدة للحروف العربية تستعمل للمطابع فقط كما ان حروف اللغات الافرنجية يختلف ما يكون للطبع منها عما يكون للخط . وسنوضح هذه الطريقة اذا فسح اللّٰه في الاجل فالذي رايته من جملة التعريب قولهم «فلان طلب يد فلانة» فمن من ابناء العربية يفهم ما المراد بهذه العبارة . فالاصل الفرنسوي Demander sa main وهو كناية عندهم عن الخطبة اي انه خطب فلانة لتكون له زوجة وهذا نص عبارة القاموس li lui demande la main de sa fille il la demande en mariage. J’aspire à votre makn, à vois épouser. Offrir, donner sa mian à quelqu’un, lui proposer de l’épouser l’epouser.

فلا مدخل في كل ذلك للفظة طلب ولفظة يد . وقولهم لعب دورًا مهمًا او كبيرًا والاصل الفرنسوي Joier un rôle important, un grandrôle

فهي مجاز عندهم مستعار من تمثيل الروايات واما العرب فلا يعرفون هذا . قال شبصال في استعمال jouer بطريق المجاز (Joier ungrand rôle, avoir une grande influence اي كان له في ذلك مدخل او سلطة او يد طولى او نحو ذلك .- وقولهم بالرغم عن صفاته الحسنة او على رغم صفاته الحسنة . والاصل الفرنسوي (malgré ses bonnes qualites) (اي مع انه حسن الصفات

قال شبصال عن استعمال malgré بغير معناها الاصلي ما نصه:

(il a souvent la force de: quelque soit, quelle que soit, etc: Malgré leur insolence, les mutins n’oseraient soutenir ma présence;c’est-à-dire: les mutins,quelle que soit leur insolence,n’oseraient ,etc

اي مع ما هم عليه من الوقاحة او مهما كانت وقاحتهم شديدة وقولهم «لتحفظك السماء من كل شر» والاصل الفرنسوي que le Ciel vous préserve de tous les maux
وهذا عندهم دعاء. فصحة عربيته اسال اللّه ان يحفظك او وقاك اللّه الخ فاتخذوا لفظة Ciel بمعناها الظاهر مع انها تطلق مجازًا على لفظ الجلالة بدليل كتابتها بحرف كبير في اولها. قال شبصال في الكلام عن هذه الكلمة في استعمالها مجازًا انها تطلق على les dieux, la divinité,la volontédivine:quand nous faisons le bien,le Ciel, augmente notre bonheur

وقولهم «يا الهي.يا اللّه الصالح.يا سماء العادلة. والاصل الفرنسوي mon Dieu! bon Dieu! juste'Ciel

وكل هذه العبارات عندهم بمعنى التعجب والاستعظام فكيف يصح تعريبها بالحرف. وقولهم «هو يجرّ حياة سعيدة» والاصل الفرنسوي (اي mener une vie heureuse لفظة عاش عيشة هنيئة) فاتخذت mener بمعناها الأصلي وهو قاد ونحوه. قال شبصال: mener une vie sainte, vivre saintement

ومثل ذلك يخطئون في تعريب بعض اسماء الاعلام لانهم لا يعرفون كيف نطق بها العرب فمن ذلك الخازن (Alcasin) وهو الحسن في الاصل واوديناتوس وهو اسم عربي صحته ابو أُذَينة وقولهم في Sicile سيسليا وفي Venise ڤينيسيا وفي Seville سيڤيل وغير ذلك مع ان العرب قالوا فيها صقلية والبندقية واشبيلية. وكذلك القول في قرطبة وغرناطة ومالقة وغيرها من اسماء بلاد الاندلس. ولذلك قد الحقت كتابي صناعة التعريب يجدول يتضمن الاسماء الفرنجية التي وضع لها العرب اسماء عربية بحسب ذوقهم واصطلاحهم. وسنبين غير ذلك من وهم علماء اللغة في ما نقل من اليونانية

ومن الذي يخالفون فيه قواعد العربية قولهم مثلاً «ما ادري اذا كان حصل الامر الفلاني. وسالته اذا كان حصل كذا وكذا. (فمعلوم ان اذا ظرف متضمن معنى الشرط فيقتضي شرطًا وجوابًا والشرط متحد بالجواب لان الجواب يتوقف عليه اما ظاهرًا واما مقدرًا. فكيف في هذا التركيب يترتب الجواب على الشرط اي هل يتحصل معنى من قولنا اذا كان حصل الامر الفلاني ما ادري. واذا كان حصل كذا سالته . فليتأمل. وتصحيح ذلك وضع اداج الاستفهام عوض اذا فيقال سالته هل حصل كذا. وما ادري احصل الامر الفلاني ام لا

وقولهم (كنا اثناء ذلك تفعل كذا). فاثناء هذه جمع ثني ومعناها غضون وهي ما يظهر من التجعيد في الوجه وغيره من مثله فكيف يصح استعمالها ظرفًا فهل يصح ان يقال كنا غضون ذلك نفعل. وتصحيحها كنا في اثناء ذلك اي في المدة التي كان ينقضي فيها ذلك الامر

وقولهم مثلًا (لا تفعل كذا. انما اخبرني عن كذا) - فمعلوم ان انما مركبة من ان وما الكافة وهي تفيد الحصر ومعناها ما والا فاذا قلت انما جرى كذا للسبب القلاني كان المعنى ما جرى كذا الا للسبب الفلاني. فكيف يصح استعمالها بمعنى لكن الاستدراكية.

وقولهم (يحق لك بان تفعل كذا وظننت بانه صديقي). فما مدخل هذه الباء في فاعل يحق ومفعول ظن. اذ التقدير يحق لك فعل كذا وظننت كونه صديقي. فالباء لا معني لها لانك اذا جعلتها حرف جر فقد الفاعل في الاول ومفعول ظن في الثاني. وظن تطلب مفعولها صريحًا. واذا جعلتها زائدة فلیست تزاد الا في اماكن معينة لها ذكرتها في كتابي الظروف والحروف اخذًا عن الايمة فلا تزاد في فاعل الا فاعل كفى نحو كفى بالله شهيدًا وفاعل أفعل التعجب نحو اكرم بزيد. ومن المفاعيل تزاد بعد بعض افعال محفوظة كقولنا القى بنفسه في الهاوية. وقذفت به وزج به في الغار. ورميت به و بعثت به اليك وقليل غير ذلك واما في مفعول ظن فمنكرة ولو وردت في بعض اشعار كما سنوضح ذلك في مكانه ان شاء اللّه

وقولهم (ما اخاف غير من فلان وما امشي سوى مع فلان). فيجرون غير وسوى مجرى الا اي يجعلونهما حرفين والحال انهما اسمان فالحرف الذي يجرُّهما يوخرونه عنهما وكذا الظرف. ومعلوم ان المستثنى بهما يكون دائمًا مجرورًا باضافتهما اليه فكيف يكون اعرابهما وكيف يستقيم التركيب. وتصحيح ذلك لا اخاف من غير فلان ولا امشي مع سوى فلان

وقولهم (تشاوروا مع بعضهم البعض وتخابرا مع بعضهما بعض). وقد تقدم الكلام على بعض بكفاية

و قولهم «كان عندي رجلان اثنان وزرت امرأتين ثنتين» فمن سمع ان العدد المثنى يوصف به. وأما الوصف بالواحد فقد جرى على لسان العرب للتاكيد. مع انه يستغنى عنه

وقولهم «جرى على فلان كذا كونه فعل كذا» أي لكونه. فباي مذهب يحذفون حرف التعليل. والمقرر ان مصدر كان لم يرد ولا يصح ان يرد مفعولًا لاجله. وقولهم «لدى قدوم فلان يكون كذا». مع ان لدى مخصوصة بالمكان ويلزم ما تضاف اليه ان يكون حاضراً فلا تاتي للزمان مطلقاً ولا تجرُّ بحرف ولا تكون الا خبراً فهي مخالفة للدن وعند من اوجهٍ ذكرتها في كتابي الظروف والحروف

وقولهم (ألعل زيدًا يزورنا). فيدخلون همزة الاستفهام على لعل وكلتاهما من ادوات الطلب فكيف تقترنان. وكذا قولهم (ثمَّ وان الامر جرى كذا) فكيف تقترن ثم والواو وهما حرفا عطف. وبذكر لعل اذكر ما يقع فيه كثيرون وهو استعمال علني عوض لعلي فالخطأ من وجهين الاول ان على لغة في لعل لا ترد الا في الشعر والثاني ان نون الوقاية لا تلحق لعل الا في ضرورة الشعر. وكذا يقولون لعلي ان افعل كذا والحق ان خبر لعل وليت ايضاً لا يقترن بأن. واما قول من قال أنه يجوز حملاً لها على على كما جاز تجرد خبر عسى منها حملاً على لعل فظاهر التناقض اي انها تمتنع مع لعل وتجب مع عسى. فتأمل واحكم

واما ما انتقدت عليه من جهة وضع الالفاظ في غير محلها واستعمال الكلام اللغوي في معرض الكلام الاخباري فاذكر منه ما رايته في بعض المطبوعات وبدخل معه ما يخالف القواعد ايضاً وهو ما يأتي:

حكى لي بعض الاصحاب قال دخلت يوما بيت خالي فرايت زوجته شاخصة و امامها كتاب فعجبت من ذهولها وسالتها عن السبب فاشارت الى الكتاب وقالت قرأت هذه العبارة تكرارا فما فهمتها فانا اتامل فيها . قال فنظرت في الكتاب فاذا في صدره: «من ام باريس العام الخالي وخطر في شارع لا فيكتوار يلف اسم مالبرتوي منقوشاً باحرف من الصفر على لوحين علقا فوق رتاج الخ). قال فافهمتها ما فهمت واشكل عليَّ الصفر والرتاج - فافهمته انا معناهما وعجبت من كتاب لازم الدخول في يد العامة وفيه من الالفاظ اللغوية ما يحتاج لفهمه إلى قاموس. ثم اخذت الكتاب المذكور واجلت فيه نظرًا خفيفًا فاستخرجت منه ما ياتي مكتفيًا بهذا القليل لانه يدل على الكثير

«نفر من نساء ...يشكين تغيب جارتهنَّ الأَيّمة» فالنفر من ثلاثة الى عشرة من الرجال لا من النساء .والمشهور في شكا انه واوي .واما اليائي فلغة فيه وهو ضعيف ولم يسمع استعماله في الكلام الفصيح .وليست هنا ضرورة .والأيّمة بمعنى التي لا زوج لها التاء فيها زائدة بلا فائدة لان المشهور في كتب اللغة أيّم وهي من صفات الانثى .ولو اطلقت ندورًا على الذكر .فيقال امراة ايّم كثيِّب .ومعلوم ان الصفات المختصة بالانثى لا تلحقها التاء كالأيِّم والثيِّب والبغي والكاعب والناهد والحامل والعاقر والطالق ونحو ذلك .وقد بينت ذلك في كتابي الاحكام الصحيحة الجزء الاول منه - . «فألوى الى القفال» اي التفت .وليس في كتب اللغـــة بهذا المعنى «وجد المفتاح ملقياً» اي مرمياً .فالثلاثي من هذه المادة لقيه بمعنى صادفه .والقاء بمعنى رماه وطرحه فكيف يكون اسم المفعول ملقياً بمعني مرمياً .وصوابه ملقًى .ولا يقبل العذر بان المراد مصادفاً لان مورد الكلام يقتضي معنى مطروح. «المزدحم قبَيل باب الحديقة» والمعروف ان قبل ظرف زمان ولا ياتي المكان .واما تصغيره هنا فتفنن سخيف «ثبت لديها قول من قال» تقدم في لدى انها لا تستعمل بمعنى عند الا في ما حضر من الاعيان ولا تكون في المعاني صرحت بذلك في كتابي الظروف والحروف.- «فمن صوان محطم وصندوق مخلع والى غير ذلك» اما الصوان فلا يفهم ما لم يكن مع القارئ كتاب لغة واما الواو الداخلة على الى فلم تسمع في كلام العرب فما وجه دخولها هنا «وقد التهمت النار صفحتها وفرعها» اما الفرع مع الصفحة فلا يفهمه القارئ العــامي. واما الصفحة فما فهمت انا المراد منها حتى حولت فكري الى الاصل الفرنسوي فحسبت انه هكذا le feu avait dévoré sa face et ses cheveux اي ان النار كانت قد احرقت وجهها وشعرها. فتأمل - «المشهد المفجع» في كتب اللغة افجعته المصيبة. ولم يسمع افجعه المنظر. «اما كان الاجدر ان يسلب مالها فيبقي عليها» استعمال الفاء هنا موضع الواو لا وجه له عند المتأمل-«ارشد اني موضع الضرب» استعمال ارشد بمعنى أرى لا يجوز. واذا اريد ارشد ولو في غير محله يلزم بعده الى «ألَا وهو البحث عن الجاني» لا مدخل هنا لاداة الاستفتاح لان الكلام ليس استفتاحًا ولا شعرًا -«لتدفع عني غارة الزحام» الفضل لمن يفيدنا ما معنى غارة الزحام - «فأَوت الى النزل» كثيرًا ما يستعلمون هذه اللفظة بمعنى الفندق. ومن راجع عبارة القاموس ينجلي له وجه الخطاء او الوهم-(التي عزم اقتراحها) المشهور في كلام العرب عزم على الامر .واما لفظة الاقتراح فغير متمكنة - «فنزلت عليه (اي البيت) يوم الكراء وانفقت دون ترميمه...» يقال نزل المكان او في المكان ونزل على فلان اي جاءَه ضيفاً .واما الكراء موضع الاستئجار فمضحك ولفظة دون لا محل لها فيقال انفقت على ترميمه او لاجل ترميمه ـ «فمنا من ظن بها نورماندية» اي ظنها. فمن رأى في كتب العرب ظننت بزيد عاقلًا - «كانت تغامز نفسها» لو سألنا الاصمعي عن معنى هذه العبارة لتلبك - «تواضع ابنة الشر وتبغي به اليها» العامة لا تفهم هذه العبارة واما به واليها فيحيران ابن مالك وابن السكيت

لم يبقَ لزوم لسوق الانتقاد مرتبًا على الابواب الثلثة فراينا لرفع الثقلة ان نجري فيه اتفاقًا اي بمزج الابواب مع ايضاح موضع الخطاء. فنضع العبارة بدون ان نمين موضع ورودها ونكشف نقابها

«ياتي بما عنده من فنون الاستقراء ما يجلي الحقيقة» الصواب بحيث يجلو الحقيقة لان ما لا معنى لها هنا ولا محل من الاعراب. والفعل جلا واوي في المشهور. وبالياء لغة ضعيفة وليست هنا ضرورة – «حتى اذا طأطأ المتَّهم راسه تتاكل الغيرة فواده من رتبة زعيمه» الفعل هنا لغير المشاركة لكنه لازم والمشهور ان تأكَّل يسند الى السن فهمي متأكلة ولم يسمع تاكلت النار او الغيرة على التشبيه بالنار فهو هنا في غير محله. واما من فالظاهر انها متعلقة في الغيرة التي هي مصدر وفاعل الفعل لكن الفصل بين الفاعل ومتعلقه بالمفعول غريب جدًّا—«في المهنة التي قمت فيه» اذا اريد بفعل القيام الوجود يجب ان يكون رباعيًا فيقال أَقمت في الموضع الفلاني لا قمت غير ان المراد هنا على ما يظهر اتمام العمل فيقال قام فلان بالعمل الفلاني و يقوم بأعباء المصلحة ولا يقال يقوم في اعباء المصلحة. وكثيرًا ما يستعملون في عوض الباء السببية او الواسطية او التي للتعدية فيقولون مثلًا كان ذلك او حصل في مساعي فلان اي بواسطة مساعيه. وسناتِي بما نعثر عليه من هذا القبيل — «انت تستهدف الرجل الاسمر» لم يسمع استهدف متعديًا — «اختلق فيها الاحاديث ما يوهم» الكلام في ما هذه كما في المارّ ذكرها — «في تلك الليلة التي كانت جاهرت بقولها عن ابنها» فضلًا عن ركاكة جاهرت في هذا المقام يلزمك ايها القارئ اعظم مكرسكوب (او على راي البعض مجهر) حتى ترى العائد على الموصول. فمن يجده أعطه ثيابي — «خبيرًا في مواضع الصيد» تقول العرب انا خبیر به لا فيه ولو سمع بصير في المسألة فلا يقاس على ذلك .وتضمن بعض الحروف معنى البعض لا احسبه الَّا سماعيًّا «وكان على رغم ما تحلى به من الصفات» تقدم الكلام على لفظة رغم. فليراجع — «ولي ولد يتأسى بابيه» المعروف ان معنى تأسَّى تعزَّى بمصيبة غيره فما معناها هنا — «كان يعبأ بالوهم اكثر منه في الحقيقة» المشهور في عبئ ان يقرن بالنفي فيقال هذا امرٌ لا يعبأ به اي لا يبالى او لا يكترث. واما اكثر منه في الحقيقة فصوابه اكثر مما بالحقيقة او اكثر من الحقيقة على تقدير الفعل بعد ما ـ «فطلبت الانصراف فاتيح لها» لا موضع لأتيح هنا .فليراجع القاموس – «ودخل الغلام اثرها» العرب تقول دخل او جاء في اثره او على اثره. فالاثر ليس ظرفًا حتى يحذف عنه الحرف «فقل بما عندك من امره» لا معنى للباء - «فتلقي قبيل الرصيف» هذا تقدم ذكره «لا بد ان تكون قد ابصرت في اسمها» اي رايت اسمها فتأَمل - «ثم تثقف اوده» اي تقوم اعوجاجه فلا ياتي التثقيف بمعنى التقويم - «لا خفي ان» ليس من يجهل ان لا ممتنعة قبل الماضي ما لم يكن للدعاء او تكن مكررة او بعد ما. وقد اوضحت ذلك في كتابي الظروف والحروف. واما اهمال الياء اي رسمها الفا مقصورة فقد يكون غلط طبع ولكن اظن انها مقصودة لان العامة تقول لا خفاك. والعرب تقول خفي عليك ولا يخفى عليك - «هلا نستطيع» كثيرًا ما ترد هلَّا بمعنى الاستفهام المنفي وهو خطأ بين فالصواب أَلا نستطيع. فالخطأ من وجهين الاول ان هلَّا اداة تحضيض بمعنى لماذا فاذا قلت هلاً تصدقني يكون المعنى لم لا تصدقني يجب ان تصدقني. والثاني ان هل لا تقترن باداة نفي بخلاف الهمزة - «عجباه يا صاح» من اسخف التعبير اولاً لحذف اداة التعجب وهي (وا) او (يا) ثانيًا لوضع هاء السكت والكلام متصل وليست ضرورة. ثالثًا لاستعمال الترخيم على غير ضرورة. وكثيرا ما يستعملون لفظة يا صاح حشوا لا معنى له - «ما ساقته من الهموم بين يديَّ» اي الى ما بين يديَّ فبحذف الى وما ينعكس المعنى - «ليت كان ذلك الخبز الذي التهمته» استعمال ليت بلا اسم وخبر لم يسمع واما تقدير ضمير الشان بعدها فغير معروف ولا موضع له هنا واما التهم فلا يسمح به المقام لان المراد الاكل مجردًا من المبالغة – «حملت اثناءَها ما لا تقوى على حمله رضوى» اما اثناء فتقدم الكلام عليها. واما تانيث الفعل مع وضوى فهو كتانيثه في قولك جاءت زيد واما رضوى فغريب عن مدارك العامة - «اتقاسم معها اعباء» لا يخفى على احد ان فعل المشاركة لا يكتفي بفاعل واحد بل يلزمه بعد المفرد مفرد آخر فمعطوف بالواو لا غير فالظرف لا يقوم مقام واو العطف ولو افاد معنى المشاركة. فكانك قلت اتقاسم بمشاركتها وهذا لا يجوز – «افادني في علم الثقاف ضلعاً قوياً» اما علم الثقاف فاختراع محدث في اللغة العربية. واما ضلعاً قوياً فما فهمت معناه

«ابتلاء سرائرهم» ابتلى اللّٰه فلانًا بكذا امتحنه واصابه فكيف تبتلى السرائر - «حيث يتوفر عليَّ استكمال البحث» ما معنى يتوفر هنا. اظن المراد يتيسر لي. «فتح باب الردهة صدد مضجع فلانة» استعمال الردهة بمعنى الغرفة غريب واغرب منه استعمال صدد ظرفًا بمعنى بازاء - «كانت تتهالك على خدمة مولاه» يقال تهالك في العمل مع انها غير مانوسة - «لاسباب تدركها استئنافاً» اي فيما بعد .لم نسمع الاستئناف بمعنى المستقبل «الى رؤياه» كثيرًا ما يستعملون الرؤيا بمعنى الرؤية والفرق بينهما واضح وهو ان الرؤيا مصدر رأى الحلمية والرؤية مصدر رأى البصرية. فليحرَّر ويحترز من مثله - «ووددت لو تزيديني بيانًا عن ذلك لمحضتك النصح» لا يشك احد ان لو هنا موصول حرفي تسبك مع ما بعدها بمصدر يكون مفعول وددت. فمن اين اتاها الجواب المقترن باللام - «هل لم يصبك سماح آخر» اما هل مع لم فقد مرّ واما يصبك سماح فما فهمته - «ولما ارفض الغلام» المعروف ارفض القوم والمجلس تفرقت افرادهم .واما ارفض الرجل فمن المبتكرات - «وقد زُر شرجه بعلامة وسام» الشرج في اصطلاح الاطباء اخذًا عن كتب الللغة لا يحتاج الى بيان . واما الشرج بمعنى العرى (وهو المراد) فغريب - «يعيش كلًّا على خليلاته» اظن ان قليلًا من الخاصة يفهم معنى كل فكيف تفهم العامة — «فقاطعه الخطاب» ليس بعربي والصواب قطع عليه الكلام - «دعني اتزاول التنقيب» لا معنى لتزاول هنا - «المسنود الى» العرب تقول اسنده لا لا سنده. راجع القاموس - «والّا لما فعلت» ما معنى اللام بعد والا المركبة من ان الشرطية ولا النافية. وما قيل من جواز ذلك مخالف لاصول اللغة - «الاسلام» اي المسلمون ما ورد في كتب العرب بمعنى المسلمين خلافًا لما في بعض الكتب على تقدير مضاف - «الَّا وفعل كذا» المشهور ان الماضي الواقع حالًا بعد الا الحصرية لا يقترن بالواو ما لم يقترن بقد - «جاءَت السفينة تقل فلانًا» لفظة تقل اي تحمل لا تفهمها العامة وهي مع ذلك شعرية لا يصح استعمالها في الكلام الاخباري - «رست الباخرة الفلانية في مياهنا» لفظة المياه بمعنى البحر افرنجية تنكرها العربية. فلو اطلع الكاتب على قاموس شبصال في مادة eau لراى ان هذه اللفظة تاتي بمعنى النهر والبحيرة والبحر. واما العرب فلم يستعملوها بهذا المعنى — (لفظ خطابًا) من الفرنجية Pron oncer un Discours فترجموا لفظة Prononcer التي هي هنا بمعنى تلا كما يترجمونها بمعنى Prononcer un mot اي لفظ كلمة. والعرب يقولون تلا خطابًا او خطب خطبة — «كما وان» ما معنى الواو بعد اداة التشبيه فكانك قلت زيد كما والاسد اي كالاسد - «بالكاد» لو فتشت كل كتب اللغة لما وجدت هذه اللفظة فانها عامية محضة — «لا سيما» هذه الكلمة يستعملونها كثيرًا على خلاف اصلها. فالبعض يقول لا سيما وان. والبعض سيما وان. والبعض يخففون الياء وكل ذلك فاسد فاكتفي هنا لبيان استعمال لا سيما بايراد ملخص ما كتبت عنها في كتابي الظروف والحروف وهو: (وهي مركبة من لا النافية للجنس وسِي بكسر السين وتشديد الياء يعني مِثل وما الزائدة او النكرة التامة او الموصولة ....ولا تكتب لا سيما الا بهذه الصورة اي لا يمكن حذف لا ولا تخفيف الياء ولا تجريدها من الواو الا في ضرورة الشعر.‬ ولا يمكن ان يخلو‬ الكلام قبلها من اسم يحسب مستثنى منه. ‬ولا يجوز ان يليها الا واحد من‬ ‫اربعة اشياء الاول المعرفة نحو احب اخوتك ولا سيما زيد بالرفع والجر‬ ‫الثاني النكرة نحو يعجبني شجر بستانك ولا سيما تفاحة بالاوجه الثلثة‪.‬‬ ‫الثالث شبه الجملة نحو يعجبني جلوسك ولا سيما امام ابيك او في المدرسة.‬ ‫الرابع الحال نحو يعجبني زيد ولا سيما راكبًا‪ .‬ويدخل تحت ذلك الجملة‬ ‫الاسمية المسبوقة بواو الحال نحو يعجبني زيد ولا سيما وهو راكب او‬ ‫المنسوخة بانّ المفتوحة مجرورة باللام نحو يعجبني ولا سيما لانه مجتهد‪ .‬والفعلية‬ ‫المسبوقة بواو الحال مع قد نحو سرَّني ولا سيما وقد زارك او بظرف نحو‬ ‫ولا سيما اذا زارني او حين يزورني. فلا يقال مثلًا جرى من الامر‬ ‫ما هو خلاف المطلوب لاسيما وان الامور في اضطراب او ولا سيما‬ ‫وان الامور غير موافقة. فتنبه. «انه ولئن جرى كذا فلا يتم له الامر»‬ ‫شاع استعمال لئن بمعنى ان الوصلية اي التي بمعنى ولو ‪ .‬ والحال انها مركبة‬ ‫من اللام الموطئة للقسم وان الشرطية التي تطلب شرطًا وجوابًا فجوابها‬ ‫يحذف بدليل جواب القسم لانه بحسب قاعدة اجتماع القسم والشرط‬ ‫يذكر جواب السابق منهما فتقول لئن زرتني لاكرمنك بحذف جواب‬ ‫الشرط وتقول ان تزرني واللّٰه اكرمك بحذف جواب القسم. فقد اتضح‬ ‫ان لئن تقتضي جواب فتمتنع بعدها الفاء وغيرها مما لا يربط جواب‬ ‫القسم فلا تسبقها الواو ولا تحسب وصلية مطلقًا فلا يمكن ان يكون ما‬ ‫بعدها خبرًا لمذكور قبلها فتنبه. «الخبر المسرّ» صوابه السار لان اسرَّ‬ ‫الرباعي لا ياتي في المشهور بمعنى سرّ الثلاثي ولو ذكر في القاموس فيقال‬ ‫سرَّني الخبر وسررت به بصيغة المجهول. واسرَّ الامر في نفسه كتمه. ومثله‬ الحية المسمة. والصواب السامة «ذريعة» كثر استعمال هذه الكلمة‬ ‫مع انها ليست اكثر قبولًا في السمع من لفظة النفاخ المخلة بالفصاحة فما‬ ‫يضرّ لو استعملوا الوسيلة والواسطة وهما مالوفتان فصیحتان. «صاحبت‬ ‫اليوم رجلاً وايَّ رجل» الغالب في هذه الايام سبق ايّ هذه بالواو‪.‬‬ ‫والمعروف ان معنى ايّ هذه التعظيم فهي لا تاتي الا وصفًا فتكون‬ ‫نعتًا للنكرة وحالًا من المعرفة‪ .‬فتقول رايت رجلًا ايَّ رجل اي عظيمًا‬ ‫وعرفت زيدًا اي عالم اي عالمًا جدًا فكيف يجوز الفصل بالواو بين‬ ‫الصفة والموصوف فهل يقال لقيت رجلًا وبارعًا في العلوم على كون بارعًا نعت‬ ‫رجلًا. فليحترز من ذلك مع ايّ‬ «صادقت رجلاً الذي يعجبك» رايت‬ مرارا انهم يصفون بالموصول اسمًا منكرًا حتى اني رايت ذلك‬ ‫في كتاب‬ مشهور ساذكر امره فيما بعد‪ .‬فالموصول لا ينعت الا المعرفة. «ابلاني‬ بهمٍّ عظيم‬» رايت البعض يستعمل ابلى بمعنى بلا ‪ .‬والعرب يقولون بلاه‬ اللّٰه اي امتحنه واصابه بكذا وبلوتك اي جربتك وامتحنتك. وبلي فلان‬ ‫وابتلي على المجهول فهو مبتلى فلا يقال مبتل اي مصاب ومثله قول البعض‬ ‫توفّى فلان بصيغة المعلوم والصواب توفّي بالمجهول وتوفاهُ اللّٰه‪. وكذا قول‬ ‫البعض يقتضي ان تفعل كذا بالياء على المعلوم والحق يقتضى بالالف‬ ‫المقصورة على المجهول‪ .‬وكذا يقال في الماضي اقتضي الامر كذا واقتضيَ ان‬ ‫يكون كذا -(ارتاح) كثيرًا ما يستعملونها بمعنى استراح والحال انها بمعنى‬ ‫اطمأن ووجد ميلًا يقال ارتاحت نفسي الى حديثه واسترحت بعد التعب لا‬ ‫ارتحت ‪ -‬ورايت في موضعٍ (ما هو عليه فلان) فاذا جعلنا هو مبتدأ لزم‬ ‫ان نجعل فلان بدلًا فيعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة في غير المواضع‬ ‫المعينة له. واذا جعلنا فلان مبتدأ يكون الضمير لغوًا فالصواب ما عليه‬ ‫فلان.–(عدا عن كذا)‬ معلوم ان عدا اداة استثناء وتكون اما حرف جرّ‬ ‫او فعلاً فكيف توضع عن بعدها. والصواب فضلًا عن ذلك . وقد يصدر‬ ‫بها الكلام ايضًا فيقال وعدا ذلك او من ذلك يكون كذا فهذا خطأ‬ ‫واضح اما مع عن فقد علم واما بدونها فلانه ليس قبلها مستثني منه.‬‬ ‫(ثَمَّه) اصطلح البعض على استعمال هذه اللفظة في غير قانونها فتهوَّر معه‬ ‫كثيرون فصح المثل‪ :‬رُبَّ قرارة تسفهت قرارًا. فهاك ما قلت عن‬ ‫ثَمَّ في كتابي الظروف والحروف —(ثَمَّ اسم اشارة للبعيد من المكان‬ ‫مبني‬ّ في محل نصب على الظرفية او جرّ بالحرف غلب استعمالها في قولهم‬ ‫ومن ثمَّ بمعنى وينتج مما تقدم. هذا في النثر. واستعمالها في النثر دون‬ ذلك غير مألوف في الكلام الفصيح. ولا سيما الحاق التاء بها وعلى الاكثر‬ ‫جعل التاء مربوطة فاستعمالها بهذه الصفة مكروه‬ في الذوق العربي ‪ .‬واقبح‬ من ذلك بكثير استعمالها بعد حيث كقولنا جلست حيث كان ثم‬ ‫اخوك جالساً فهي شوكة قتاد في وجنة العبارة‬ العربية—(طالما) رايتها‬ في بعض المواضع بمعنى ما دام فيقال مثلًا طالما زيد عندنا لا نحتاج الى‬ ‫احد. والحق انه لا يجوز استعمالها بهذا المعنى لانها مركبة من طال وما‬ ‫الموصول الحرفي فتامل. (اعاق واَعالَ واغاظ) هذه الافعال‬ لم يشتهر‬ ورودها في كلام العرب الّا ثلاثية ولو وردت فيكتب اللغة. فربما‬ كان‬ ذكرها رباعية تصورًا أو لندور السماع حتى قال ابن السكيت: لا يقال‬ ‫اغاظه. ‬فيقاس عليه اعاق واعال الا في ضرورة الشعر—ورايت‬ في موضع‬ من يقدم الاسم على الكنية كما اذا قلنا عمر ابو حفص الفاروق. والمعروف‬ ‫في قواعد العربية والمشهور في كلام العرب تقديم الكنية على الاسم‬ ‫والاسم على اللقب فيقال ابو حفص عمر الفاروق—(اَخَذَ في ان يفعل‬ ‫كذا)‬ كثيرًا ما رايت هذا التركيب والمعروف من قواعد النحو ان‬ افعال الشروع يمتنع اقتران خبرها بأن واما دخول في قبل ان فغريب ولكن‬ اذا حسبت اخذ تامة اي متصرفة فتدخل بعدها في جارّة لمصدر صريح‬ ‫لا مسبوك من ان والفعل فتقول اخذ يفعل واخذ في العمل. ومثلها شرع وابتدأ‬ ‫—(كاد) يخطئون في استعمالها من وجهين الاول انهم يقرنون خبرها بأن‬ ‫لغير ضرورة وهو ممتنع والثاني انهم يدخلون اداة النفي على خبرها والحق‬ ‫دخولها على كاد فيقولون يكاد لا يراني والصواب لا يكاد يراني. وتعليل‬ ‫ذلك عند المدقق—(عسى) وهذه ايضًا يخطئون في استعمالها من وجهين‬ ‫الاول انهم يجردون خبرها من ان لغير ضرورة والحق اقترانه بها. والثاني انهم‬ ‫يجعلون خبرها فعلًا ماضيًا فيقولون مثلاً عساك علمت ذلك. والحق‬ ‫انه ممتنع لانها فعل للرجاء وهو يدل على الاستقبال —(ما دام قد‬ ‫فعل) المعروف ان خبر الافعال الناقصة الَّا كان لا يقع ماضيًا لانها‬ ‫وان كانت بلفظ الماضي تدل على الحال او الاستقبال واما كان فللمضي‬ ‫لفظًا ومعنى الا بعد اداة الشرط. فتبصَّر—(لا زال يفعل كذا) ذكرنا‬ ‫آنفًا ان لا ممتنعة قبل الماضي الا في ثلاثة مواضع. فليراجع—(أهل‬ ‫تفعل كذا) ورد في بعض الكتب جواز دخول همزة الاستفهام على هل‬ ‫غير اني اعتقد انه لم يرد‬ في الكلام الفصيح اذ المشهور عدم اقتران اداتين بمعنًى واحد ولذلك لم تحسب امَّا حرف عطف في الصحيح لانها‬ تقترن بالواو—(أينه) رايت هذه الكلمة‬ في بعض المطبوعات‬ وهي من الغرائب لان اين اذا وليها اسم تكون خبراً والاسم مبتدأ فكيف يقع‬ ‫الضمير المتصل مبتدأ سواء كان للرفع او غيره—«لما يجيء» لما الحينية‬ ‫لا يكون الفعل بعدها الا ماضيًا بخلاف ما نقل عن سيبويه. وقد وقع لي‬ ‫انا نفسي هذا الخطأ في قصيدة لي قديمة فاقتُضيَ التنبيه—« بينما‬ ذَهَب» تقدم الكلام على بينما. «‬الامراة» الذي يستقرئ كلام العرب‬ ‫يتحقق انهمزة ٱمرِئ وامرأة تسقط مع أَل وثثبت بدونها. فيقال‬ هذا ٱمرؤ فاضل وهذه امرأة فاضلة وهذا المرءُ فاضل وهذه المرأة فاضلة‬ ‫ولا يقال هذه الامرأة—«أَمَّا» البعض يجردون جوابها من الفاء وهو ممتنع‬ ‫على الاطلاق وقد ورد بدون الفاء على غاية الندور فلا يقاس عليه.«يكسي»‬ ‫رايت هذا الفعل في بعض المواضع بالياء والصواب انه واوي اذا تعدَّى‬ ‫وبقلب الواو ياء لكسر ما قبلها اذا لزم. تقول كسوت زيدًا فكسيَ‬ ‫هو والمضارع يكسو من الاول ويكسى من الثاني—«أغلاط» كثيرًا ما‬ ‫يستعملون هذه الكلمة على انها جمع غلط. والحال ان الغلط مصدر‬ لا يثنى ولا يجمع فتقول هذا الكتاب كثير الغلط لا كثير الاغلاط.‬‬ ‫وفيه غلط كثير لا اغلاط كثيرة. ولكن لك ان تقول‬ رايت لفلان‬ عدة غلطات جمع غلطة لا عدة اغلاط وقد يقولون ايضاكلام مغلوط والصواب‬ ‫مغلوط فيه لان الفعل لازم—«فلان وان كان غنيًا فانه او إلَّا انه‬ ‫او لكنه بخيل»‬ ففلان مبتدأ غير متضمن معنى الشرط وبخيل خبر وان‬ وما بعدها معترضة لانها وصلية فمن اين تاتي الفاء في الخبر او الَّا او‬ ‫لكنَّ. فالصواب فلان وان كان غنيًا بخيل. ‬وقد وهمت انا في بعض ما‬ ‫كتبت فوقعت في هذا الخطإ اقتداء بمن هو اعلم مني. فليحترز من ذلك.‬ «خمسة شهور وعدة اشهر» رايت البعض يستعملون جمع القلة في‬ ‫موضع جمع الكثرة وبالعكس فيقولون مثلًا حروف العلة واحرف الهجاء.‬ والصواب احرف العلة وحروف الهجاء. حتى ان بعض العلماء يقع في هذا‬ ‫الخطإِ بلا تروٍّ فانا نرى في بعض كتب النحو «الحروف المشبهة بليس»‬. والحروف المشبهة بالفعل. والصواب الاحرف. وما ذلك الا من باب‬ ‫السهو او التسامح—«‬لا يستطيع على القيام» استطاع يتعدَّى بنفسه فلا‬ ‫تجوز معه على فيقال ليس لي استطاعة هذا العمل ولا يقال استطاعة‬ ‫على هذا العمل وقد يقال استطاعة به كما يقال طاقة به‬ مع المصدر فقط ‫—«كانما لقد كان» اللام مع قد لا تكون الا في موضعين الاول ربط‬ ‫جواب قسم مذكور او مقدر والثاني تاكيد خبر ان المكسورة الهمزة اذا كان‬ فعلًا ماضيًا مقترنًا بقد فتقول لئن فعلت هذا لقد اصبت وانك لقد صدقت—‬ ‫«تذكية» رايت هذه الكلمة مطبوعة تكرارًا بحرف كبير المراد منها‬ ‫التبرئة بحسب اقتضاء المقام وصوابها بالزاء لا بالذال ولو ذكرت مرة بطريق‬ ‫العرض لحكمنا انها غلط طبع—ومثلها ايضا لفظة آمال بمد الهمزة وتنوين‬ ‫اللام بالكسر كرر طبعها بحرف كبير والمراد منها اماليُّ او بتخفيف الياء جمع‬ ‫املية كاحجية واحاجٍ فمن اين اتت المدة—«يبان» رايت مرارًا هذا الفعل‬ ‫مكتوبًا هكذا اي بالالف قبل النون. ومن طالع القاموس يجد الفعل‬ ‫بان يبين بالياء في المعنيين اي الظهور والخفاء. واما يبان فعامية.‬‬ ‫وهذا الذي يوقع كثيرين في الغرور اي انهم يميلون الى اصطلاحات العامة‬ ‫ولا يبحثون في فصيح اللغة ولذلك يقول كثيرون «ارجوك ان تفعل كذا»‬ ‫ومعلوم ان فعل الرجاء لا يتعدى الى مفعولين بل يقال رجوت الشي الفلاني‬ ‫بمعنى املت الحصول عليه ورجوت من فلان المساعدة وارجو منك ان‬ ‫تساعدني‬—«كلما» رايتها في بعض المطبوعات مكررة على طريقة الفرنساوية‬ فيقولون مثلًا كلما اجتهدت كلما نجحت Plus vous vous‬‬ appliquez plus vous réussissez‬‬ واما قواعد العربية‬ فتنكر هذا الاستمعال لان كلما الثانية تحسب لغوا—وتارة ارى‬ ‫البعض يكتبها كلمة واحدة وتكون فيها ما موصولًا اسميًا فيقول مثلًا‬ ‫انا افعل كلما تحب والصواب كل ما بالفصل. وكذلك القول في فيما فتكتب فيما‬ ‫مضى على كون ما حرفية وفي ما لديك على كونها اسمية—«الوديقة» بالفاء‬ ‫او القاف‪ .‬رايتها مرة مستعملة بمعنى الحديقة بدليل ذكر الاشجار والازهار‬ ‫مع ان القاموس يذكرها بمعنى قطعة الارض التي فيها عشب فقط—«‬اطائب ومكائد» كثيرًا ما رايت هاتين الكلمتين ونحوهما بالهمزة قبل‬ ‫اخرهما والحق ان تكتبا بالياء لان الياء اصلية فيهما لا زائدة فان مفردهما اطيب‬ ‫ومكيدة من كاد يكيد كمعشية فقلب الياء همزة ممتنع وشذَّ مصائب ومنائر‬ ‫لان حقهما مصايب بالياء ومناور بالواو كمفاوز ولذلك اذا كتبت مسائل‬ ‫بالهمز كان جمع مسألة ومسايل جمع مسيل الماء. «ناهيك عن كذا»‬ ‫المعروف استعمال هذه الكلمة صفة لاسم قبلها فهي نعت بعد النكرة وحال‬ ‫بعد المعرفة فتقول هذا رجلٌ ناهيك من رجل ورايت زيدًا ناهيَك من‬ ‫عاقل فاستعمالها مثل ايّ التعظيمية. ومن جارَّة التمييز لفظًا. وقد تاري‬ ‫خبرًا او مبتدأ كحسب فيقال زيد ناهيك من رجل. ‬فاستعمالها بغير‬ ‫هذه الاوجه غير عربي—«ينهيه» كما يغلطون في مضارع بان فيقولون‬ ‫يبان يغلطون في مضارع نهى فيقولون ينهي بالياء والصواب ينهى بالمقصورة.‬ فتقول انا انهاك عن كذا لا انهيك—«ولو مهما» اما لَو فهي شرطية‬ ‫وصلية. ومهما شرطية ايضًا فكيف تجتمعان. غير ان لسان العامة هكذا‬ ‫جرى فجرى عليه الكتَّاب—«غذاء» بالذال المعجمة يستعملونه في موضع‬ ‫غداء بالدال المهملة فيقولون جلسنا على الغذاء. والصواب على الغداء‪.‬‬ ‫وتناولنا الغذاء والصواب الغداء. لان الغذاء بكسر الغين وبالمعجمة‬ ‫قوَّة الطعام المغذية التي تقوت (والبعض يقول تقيت من الرباعي‬ ‫والصحيح الثلاثي) واما الغداء بالفتح والمهملة فهو نفس الطعام. فتنبه—«يتساءَل» وجدت هذا الفعل مسندًا الى واحد كقولهم وكان فلان‬ ‫يتساءَل اي يسأل نفسه. وهو خطأ لان الفعل للمشاركة لا يكتفي بفاعل‬ ‫واحد. فيقال مثلًا كان القوم يتساءلون اي يسأل بعضهم بعضًا. والرجلان‬ ‫يتساءَلان اي يسأل احدهما الآخر. «السوَّاح» يكتبونها بالواو اخذًا‬ ‫عن لسان العامة فانها تقول كان يسوح والصواب ساح يسيح وهم سياح‬ —«انشغلت» كثيرًا ما يستعملون هذه الصيغة ويقولون انشغل بالي مثلًا والصواب وزن افتعلَ لا انفعل -«الباب مخلوق» الصواب مُغلَق لانه يقال اغلقت الباب لا غلقتهُ