كتاب الأم/كتاب الطهارة/باب غسل الوجه
[قال الشافعي]: قال الله تبارك وتعالى {فاغسلوا وجوهكم} فكان معقولا أن الوجه ما دون منابت شعر الرأس إلى الأذنين واللحيين والذقن وليس ما جاوز منابت شعر الرأس الأغم من النزعتين من الرأس وكذلك أصلع مقدم الرأس ليست صلعته من الوجه وأحب إلي لو غسل النزعتين مع الوجه وإن ترك ذلك لم يكن عليه في تركه شيء فإذا خرجت لحية الرجل فلم تكثر حتى تواري من وجهه شيئا فعليه غسل الوجه كما كان قبل أن تنبت فإذا كثرت حتى تستر موضعها من الوجه فالاحتياط غسلها كلها ولا أعلمه يجب غسلها كلها وإنما قلت لا أعلم يجب غسلها كلها بقول الأكثر والأعم ممن لقيت وحكي لي عنه من أهل العلم وبأن الوجه نفسه ما لا شعر عليه إلا شعر الحاجب وأشفار العينين والشارب والعنفقة. ألا ترى أنه وجه دون ما أقبل من الرأس وما أقبل من الرأس وجه في المعنى؛ لأنه مواجه وإنما كان ما وصفت من حاجب وشارب وعنفقة وعليه شعر وجها من أن كله محدود من أعلاه وأسفله بشيء من الوجه مكشوف، ولا يجوز أن يكون شيء من الوجه مكشوفا لا يغسل ولا أن يكون الوجه فهو واحد منقطعا أسفله وأعلاه وجنباه وجه وما بين هذا ليس بوجه واللحية فهي شيئان فعذار اللحية المتصل بالصدغين الذي من ورائه شيء من الوجه والواصل به القليل الشعر في حكم الحاجبين لا يجزئ فيه إلا الغسل له؛ لأنه محدود بالوجه كما وصفت وأن شعره لا يكثر عن أن يناله الماء كما ينال الحاجبين والشاربين والعنفقة وهي على الذقن وما والى الذقن من اللحيين فهذا مجتمع اللحية بمنقطع اللحية فيجزئ في هذا أن يغسل ظاهر شعره مع غسل شعر الوجه ولا يجزئ تركه من الماء ولا أرى ما تحت منابت مجتمع اللحية واجب الغسل وإذا لم يجب غسله لم يجب تخليله، ويمر الماء على ظهر شعر اللحية كما يمره على وجهه وما مسح من مظاهر شعر الرأس لا يجزيه غير ذلك وإن كان إبطا أو كان ما بين منابت لحيته منقطعا باديا من الوجه لم يجزه إلا غسله وكذلك لو كان بعض شعر اللحية قليلا كشعر العنفقة والشارب وعذار اللحية لم يجزه إلا غسله وكذلك لو كانت اللحية كلها قليلا لاصقة كهي حين تنبت وجب عليه غسلها إنما لا يجب عليه غسلها إذا كثرت فكانت إذا أسبغ الماء على اللحية حال الشعر لكثرته دون البشرة فإذا كانت هكذا لم يجب غسل ما كان هكذا من مجتمع اللحية، ووجب عليه إمرار الماء عليها بالغا منها حيث بلغ كما يصنع في الوجه وأحب أن يمر الماء على جميع ما سقط من اللحية عن الوجه وإن لم يفعل فأمره على ما على الوجه ففيها قولان: أحدهما لا يجزيه؛ لأن اللحية تنزل وجها والآخر يجزيه إذا أمره على ما على الوجه منه.