كتاب الأم/كتاب الطهارة
أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى " قال: قال الله عز وجل: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم} الآية.
[قال الشافعي]: فكان بينا عند من خوطب بالآية أن غسلهم إنما كان بالماء ثم أبان في هذه الآية أن الغسل بالماء وكان معقولا عند من خوطب بالآية أن الماء ما خلق الله تبارك وتعالى مما لا صنعة فيه للآدميين وذكر الماء عاما فكان ماء السماء وماء الأنهار والآبار والقلات والبحار العذب من جميعه والأجاج سواء في أنه يطهر من توضأ واغتسل منه، وظاهر القرآن يدل على أن كل ماء طاهر ماء بحر وغيره وقد روي فيه عن النبي ﷺ حديث يوافق ظاهر القرآن في إسناده من لا أعرفه.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة رجل من آل ابن الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار خبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول (سأل رجل النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ومعنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر فقال النبي ﷺ هو الطهور ماؤه الحل ميتته).
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد العزيز بن عمر عن سعيد بن ثوبان عن أبي هند الفراسي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال (من لم يطهره البحر فلا طهره الله).
[قال الشافعي]: فكل الماء طهور ما لم تخالطه نجاسة ولا طهور إلا فيه أو في الصعيد، وسواء كل ماء من برد أو ثلج أذيب وماء مسخن وغير مسخن؛ لأن الماء له طهارة النار والنار لا تنجس الماء.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسخن له الماء فيغتسل به ويتوضأ به.
[قال الشافعي]: ولا أكره الماء المشمس إلا من جهة الطب.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن صدقة بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال: إنه يورث البرص.
[قال الشافعي]: الماء على الطهارة ولا ينجس إلا بنجس خالطه والشمس والنار ليسا بنجس إنما النجس المحرم، فأما ما اعتصره الآدميون من ماء شجر أو ورد أو غيره فلا يكون طهورا وكذلك ماء أجساد ذوات الأرواح لا يكون طهورا؛ لأنه لا يقع على واحد من هذا اسم ماء إنما يقال له: ماء بمعنى ماء ورد وماء شجر كذا وماء مفصل كذا وجسد كذا وكذلك لو نحر جزورا وأخذ كرشها فاعتصر منه ماء لم يكن طهورا؛ لأن هذا لا يقع عليه اسم الماء إلا بالإضافة إلى شيء غيره يقال ماء كرش وماء مفصل كما يقال ماء ورد وماء شجر كذا وكذا فلا يجزي أن يتوضأ بشيء من هذا.