كتاب الأم/كتاب الطهارة/الوضوء من الملامسة والغائط
[قال الشافعي]: قال الله تبارك وتعالى {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} الآية.
[قال الشافعي]: فذكر الله عز وجل الوضوء على من قام إلى الصلاة وأشبه أن يكون من قام من مضجع النوم وذكر طهارة الجنب ثم قال بعد ذكر طهارة الجنب {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا} فأشبه أن يكون أوجب الوضوء من الغائط وأوجبه من الملامسة وإنما ذكرها موصولة بالغائط بعد ذكر الجنابة فأشبهت الملامسة أن تكون اللمس باليد والقبلة غير الجنابة أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء.
[قال الشافعي]: وبلغنا عن ابن مسعود قريب من معنى قول ابن عمر، وإذا أفضى الرجل بيده إلى امرأته أو ببعض جسده إلى بعض جسدها لا حائل بينه وبينها بشهوة أو بغير شهوة وجب عليه الوضوء ووجب عليها، وكذلك إن لمسته هي وجب عليه وعليها الوضوء، وسواء في ذلك كله أي بدنيهما أفضى إلى الآخر إذا أفضى إلى بشرتها، أو أفضت إلى بشرته بشيء من بشرتها فإن أفضى بيده إلى شعرها ولم يماس لها بشرا فلا وضوء عليه كان ذلك لشهوة أو لغير شهوة كما يشتهيها ولا يمسها فلا يجب عليه وضوء، ولا معنى للشهوة؛ لأنها في القلب، إنما المعنى في الفعل، والشعر مخالف للبشرة.
قال: ولو احتاط فتوضأ إذا لمس شعرها كان أحب إلي.
ولو مس بيده ما شاء فوق بدنها من ثوب رقيق خام أو بت أو غيره أو صفيق متلذذا أو غير متلذذ وفعلت هي ذلك لم يجب على واحد منهما وضوء؛ لأن كلاهما لم يلمس صاحبه إنما لمس ثوب صاحبه قال الربيع سمعت الشافعي يقول اللمس بالكف، ألا ترى أن رسول الله ﷺ نهى عن الملامسة قال الشاعر:
وألمست كفي كفه أطلب الغنى ** ولم أدر أن الجود من كفه يعدي.
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ** أفدت وأعداني فبذرت ما عندي.