رياض الصالحين/الصفحة الثانية والأربعون
باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم
قال اللَّه تعالى (محمد 22، 23): {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا أرحامكم؛ أولئك الذين لعنهم اللَّه، فأصمهم وأعمى أبصارهم}.
وقال تعالى (الرعد 25): {والذين ينقضون عهد اللَّه من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر اللَّه به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}.
وقال تعالى (الإسراء 23، 24): {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً}.
336- وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ) ثلاثاً.
قلنا: بلى يا رَسُول اللَّهِ قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين) وكان متكئاً فجلس فقال: (ألا وقول الزور، وشهادة الزور!) فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
337- وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
و (اليمين الغموس): التي يحلفها كاذباً عامداً. سميت غموساً لأنها تغمس الحالف في الإثم.
338- وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (من الكبائر شتم الرجل والديه!) قالوا: يا رَسُول اللَّهِ وهل يشتم الرجل والديه قال: (نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه!) قيل: يا رَسُول اللَّهِ كيف يلعن الرجل والديه ! قال: (يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه).
339- وعن أبي محمد جبير بن مطعم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (لا يدخل الجنة قاطع) قال سفيان في روايته: يعني قاطع رحم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
340- وعن أبي عيسى المغيرة بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (إن اللَّه تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات. وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قوله (منعا) معناه: منع ما وجب عليه.
و (هات): طلب ما ليس له.
و (وأد البنات) معناه: دفنهن في الحياة.
و (قيل وقال) معناه: الحديث بكل ما يسمعه. فيقول: قيل كذا، وقال فلان كذا مما لا يعلم صحته ولا يظنها، وكفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع.
و (إضاعة المال): تبذيره وصرفه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الآخرة والدنيا، وترك حفظه مع إمكان الحفظ.
و (كثرة السؤال): الإلحاح فيما لا حاجة إليه.
وفي الباب أحاديث سبقت في الباب قبله كحديث: (وأقطع من قطعك) (انظر الحديث رقم 315) وحديث: (من قطعني قطعه اللَّه) (انظر الحديث رقم 323).