الروح/المسألة السابعة/فصل أخبار الرسل
الأمر الأول: أن يعلم أن الرسل صلوات اللّه وسلامه عليهم لم يخبروا بما تحيله العقول وتقطع باستحالته، بل أخبارهم قسمان:
(أحدهما) ما تشهد به العقول والفطر.
(و الثاني) ما لا تدركه العقول بمجردها كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل البرزخ واليوم الآخر وتفاصيل الثواب والعقاب، ولا يكون خبرهم محالا في العقول أصلا، وكل خبر يظن أن العقل يحيله فلا يخلو من أحد أمرين، إما أن يكون الخبر كذبا عليهم، أو يكون ذلك العقل فاسدا، وهو شبهة خيالية يظن صاحبها أنها معقولة صريحة قال تعالى: ﴿وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ٦﴾ [سبأ:6] وقال تعالى: ﴿أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ﴾ [الرعد:19]. وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ۖ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ﴾ [الرعد:36] والنفوس لا تفرح بالمحال، وقال تعالى: ﴿يَـٰۤأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم مَّوۡعِظَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَاۤءࣱ لِّمَا فِی ٱلصُّدُورِ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ٥٧ قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَ ٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرࣱ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٥٨﴾ [يونس:57–58] والمحال لا يشفى ولا يحصل به هدى ولا رحمة ولا يفرح به. فهذا أمر من لم يستقر في قلبه خير ولم يثبت له على الإسلام قدم وكان أحسن أحواله الحيرة والشك.
هامش