البداية والنهاية/الجزء العاشر/شيء من ترجمة الأوزاعي رحمه الله
هو: عبد الرحمن بن عمرو بن محمد، أبو عمرو الأوزاعي.
والأوزاع: بطن من حمير وهو من أنفسهم. قاله محمد بن سعد.
وقال غيره: لم يكن من أنفسهم وإنما نزل في محلة الأوزاع، وهي قرية خارج باب الفراديس من قرى دمشق، وهو ابن عم يحيى بن عمرو الشيباني.
قال أبو زرعة: وأصله من سبي السند فنزل الأوزاع فغلب عليه النسبة إليها.
وقال غيره: ولد ببعلبك ونشأ بالبقاع يتيما في حجر أمه، وكانت تنتقل به من بلد إلى بلد.
وتأدب بنفسه، فلم يكن في أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجار وغيرهم أعقل منه، ولا أورع ولا أعلم، ولا أفصح ولا أوقر ولا أحلم، ولا أكثر صمتا منه، ما تكلم بكلمة إلا كان المتعين على من سمعها من جلسائه أن يكتبها عنه، من حسنها، وكان يعاني الرسائل والكتابة، وقد اكتتب مرة في بعث إلى اليمامة فسمع من يحيى بن أبي كثير وانقطع إليه فأرشده إلى الرحلة إلى البصرة ليسمع من الحسن وابن سيرين.
فسار إليها فوجد الحسن قد توفي من شهرين، ووجد ابن سيرين مريضا، فجعل يتردد لعيادته، فقوي المرض به ومات ولم يسمع منه الأوزاعي شيئا.
ثم جاء فنزل دمشق بمحلة الأوزاع خارج باب الفراديس، وساد أهلها في زمانه وسائر البلاد في الفقه والحديث والمغازي وغير ذلك من علوم الإسلام.
وقد أدرك خلقا من التابعين وغيرهم، وحدث عنه جماعات من سادات المسلمين: كمالك بن أنس والثوري، والزهري وهو من شيوخه.
وأثنى عليه غير واحد من الأئمة، وأجمع المسلمون على عدالته وإمامته.
قال مالك: كان الأوزاعي إماما يقتدى به.
وقال سفيان بن عيينة وغيره: كان الأوزاعي إمام أهل زمانه.
وقد حج مرة فدخل مكة وسفيان الثوري آخذ بزمام جمله، ومالك بن أنس يسوق به، والثوري يقول: أفسحوا للشيخ حتى أجلساه عند الكعبة، وجلسا بين يديه يأخذان عنه.
وقد تذاكر مالك والأوزاعي مرة بالمدينة من الظهر حتى صليا العصر، ومن العصر حتى صليا المغرب، فغمره الأوزاعي في المغازي، وغمره مالك في الفقه. أو في شيء من الفقه.
وتناظر الأوزاعي والثوري في مسجد الخيف في مسألة رفع اليدين في الركوع والرفع منه، فاحتج الأوزاعي على الرفع في ذلك بما رواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: «أن رسول الله ﷺ: كان يرفع يديه في الركوع والرفع منه».
واحتج الثوري على ذلك بحديث يزيد بن أبي زياد.
فغضب الأوزاعي وقال: تعارض حديث الزهري بحديث يزيد بن أبي زياد وهو رجل ضعيف؟
فاحمر وجه الثوري، فقال الأوزاعي: لعلك كرهت ما قلت؟
قال: نعم.
قال: فقم بنا حتى نلتعن عند الركن أينا على الحق. فسكت الثوري.
وقال هقل بن زياد: أفتى الأوزاعي في سبعين ألف مسألة بحدثنا. وأخبرنا.
وقال أبو زرعة: روي عنه ستون ألف مسألة.
وقال غيرهما: أفتى في سنة ثلاث عشرة ومائة وعمره إذ ذاك خمس وعشرون سنة، ثم لم يزل يفتي حتى مات وعقله زاكٍ.
وقال يحيى القطان، عن مالك: اجتمع عندي الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة.
فقلت: أيهم أرجح؟
قال: الأوزاعي.
وقال محمد بن عجلان: لم أر أحدا أنصح للمسلمين من الأوزاعي.
وقال غيره: ما رُئي الأوزاعي ضاحكا مقهقها قط، ولقد كان يعظ الناس فلا يبقي أحد في مجلسه إلا بكى بعينه أو بقلبه، وما رأيناه يبكي في مجلسه قط وكان إذا خلى بكى حتى يرحم.
وقال يحيى بن معين: العلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي.
قال أبو حاتم: كان ثقةً متبعا لما سمع.
قالوا: وكان الأوزاعي لا يلحن في كلامه، وكانت كتبه ترد على المنصور فينظر فيها ويتأملها ويتعجب من فصاحتها وحلاوة عبارتها.
وقد قال المنصور يوما: لأحظى كتَّابه عنده - وهو: سليمان بن مجالد -: ينبغي أن نجيب الأوزاعي على ذلك دائما، لنستعين بكلامه فيما نكاتب به إلى الآفاق إلى من لا يعرف كلام الأوزاعي.
فقال: والله يا أمير المؤمنين ! لا يقدر أحد من أهل الأرض على مثل كلامه ولا على شيء منه.
وقال الوليد بن مسلم: كان الأوزاعي إذا صلى الصبح جلس يذكر الله سبحانه حتى تطلع الشمس، وكان يأثر عن السلف ذلك.
قال: ثم يقومون فيتذاكرون في الفقه والحديث.
وقال الأوزاعي: رأيت رب العزة في المنام فقال: أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟
فقال: بفضلك أي رب.
ثم قلت: يا رب أمتني على الإسلام.
فقال: وعلى السنة.
وقال محمد بن شابور: قال لي شيخ بجامع دمشق: أنا ميت في يوم كذا وكذا.
فلما كان في ذلك اليوم رأيته في صحن الجامع يتفلى، فقال لي: اذهب إلى سرير الموتى فأحرزه لي عندك قبل أن تسبق إليه.
فقلت: ما تقول؟
فقال: هو ما أقول لك، وإني رأيت كأن قائلا يقول: فلان قدري وفلان كذا وعثمان بن العاتكة نعمَ الرجل، وأبو عمرو الأوزاعي خير من يمشي على وجه الأرض، وأنت ميت في يوم كذا وكذا.
قال محمد بن شعيب: فما جاء الظهر حتى مات وصلينا عليه بعدها وأخرجت جنازته. ذكر ذلك ابن عساكر.
وكان الأوزاعي رحمه الله كثير العبادة حسن الصلاة ورعا ناسكا طويل الصمت، وكان يقول: من أطال القيام في صلاة الليل هوّن الله عليه طول القيام يوم القيامة، أخذ ذلك من قوله تعالى: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا * إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْما ثَقِيلا } [الإنسان: 26- 27] .
وقال الوليد بن مسلم: ما رأيت أحدا أشد اجتهادا من الأوزاعي في العبادة.
وقال غيره: حج فما نام على الراحلة، إنما هو في صلاة، فإذا نعس استند إلى القتب، وكان من شدة الخشوع كأنه أعمى.
ودخلت امرأة على امرأة الأوزاعي فرأت الحصير الذي يصلي عليه مبلولا فقالت لها: لعل الصبي بال ههنا.
فقالت: هذا أثر دموع الشيخ من بكائه في سجوده، هكذا يصبح كل يوم.
وقال الأوزاعي: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وأقوال الرجال وإن زخرفوه وحسنوه، فإن الأمر ينجلي وأنت منه على طريق مستقيم.
وقال أيضا: اصبر على السنة وقف حيث يقف القوم، وقل ما قالوا وكف عما كفوا، وليسعك ما وسعهم.
وقال: العلم ما جاء عن أصحاب محمد، وما لم يجيء عنهم فليس بعلم.
وكان يقول: لا يجتمع حب عليٍّ وعثمان إلا في قلب مؤمن، وإذا أراد الله بقوم شرا فتح عليهم باب الجدل وسد عنهم باب العلم والعمل.
قالوا: وكان الأوزاعي من أكرم الناس وأسخاهم، وكان له في بيت المال على الخلفاء أقطاع صار إليه من بني أمية وقد وصل إليه من خلفاء بني أمية وأقاربهم وبني العباس نحو من سبعين ألف دينار، فلم يمسك منها شيئا، ولا اقتنى شيئا من عقار ولا غيره، ولا ترك يوم مات سوى سبعة دنانير كانت جهازه، بل كان ينفق ذلك في سبيل الله وفي الفقراء والمساكين.
ولما دخل عبد الله بن علي - عم السفاح الذي أجلى بني أمية عن الشام، وأزال الله سبحانه دولتهم على يده - دمشق فطلب الأوزاعي فتغيب عنه ثلاثة أيام ثم حضر بين يديه.
قال الأوزاعي: دخلت عليه وهو على سرير وفي يده خيزرانة والمسودة عن يمينه وشماله، ومعهم السيوف مصلتة - والعمد الحديد - فسلمت عليه فلم يرد ونكت بتلك الخيزرانة التي في يده ثم قال: يا أوزاعي ! ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد والبلاد؟ أجهادا ورباطا هو؟
قال: فقلت: أيها الأمير ! سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري، يقول: سمعت محمد بن إبراهيم التيمي، يقول: سمعت علقمة بن وقاص، يقول: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: سمعت رسول الله ﷺيقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
قال: فنكت بالخيزرانة أشد مما كان ينكت، وجعل من حوله يقبضون أيديهم على قبضات سيوفهم، ثم قال: يا أوزاعي ! ما تقول في دماء بني أمية؟
فقلت: قال رسول الله ﷺ: «لا يحل لمسلم دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة».
فنكت بها أشد من ذلك ثم قال: ما تقول في أموالهم؟
فقلت: إن كانت في أيديهم حراما فهي حرام عليك أيضا، وإن كانت لهم حلالا فلا تحل لك إلا بطريق شرعي.
فنكت أشد مما كان ينكت قبل ذلك ثم قال: ألا نوليك القضاء؟
فقلت: إن أسلافك لم يكونوا يشقون علي في ذلك، وإني أحب أن يتم ما ابتدؤني به من الإحسان.
فقال: كأنك تحب الانصراف؟
فقلت: إن ورائي حرما وهم محتاجون إلى القيام عليهن وسترهن، وقلوبهن مشغولة بسببي.
قال: وانتظرت رأسي أن يسقط بين يدي، فأمرني بالانصراف.
فلما خرجت إذا برسوله من ورائي، وإذا معه مائتا دينار، فقال: يقول لك الأمير: استنفق هذه.
قال: فتصدقت بها، وإنما أخذتها خوفا.
قال: وكان في تلك الأيام الثلاثة صائما فيقال: إن الأمير لما بلغه ذلك عرض عليه الفطر عنده فأبى أن يفطر عنده.
قالوا: ثم رحل الأوزاعي من دمشق فنزل بيروت مرابطا بأهله وأولاده، قال الأوزاعي: وأعجبني في بيروت أني مررت بقبورها فإذا امرأة سوداء في القبور فقلت لها: أين العمارة يا هنتاه؟
فقالت: إن أردت العمارة فهي هذه - وأشارت إلى القبور - وإن كنت تريد الخراب فأمامك - وأشارت إلى البلد - فعزمت على الإقامة بها.
وقال محمد بن كثير: سمعت الأوزاعي، يقول: خرجت يوما إلى الصحراء فإذا رجل جراد وإذا شخص راكب على جرادة منها وعليه سلاح الحديد، وكلما قال بيده هكذا إلى جهة مال الجراد مع يده، وهو يقول: الدنيا باطل باطل باطل، وما فيها باطل باطل باطل.
وقال الأوزاعي: كان عندنا رجل يخرج يوم الجمعة إلى الصيد ولا ينتظر الجمعة فخسف ببغلته فلم يبق منها إلا أذناها.
وخرج الأوزاعي يوما من باب مسجد بيروت وهناك كان فيه رجل يبيع الناطف وإلى جانبه رجل يبيع البصل وهو يقول له: يا بصل ! أحلى من العسل، أو قال: أحلى من الناطف.
فقال الأوزاعي: سبحان الله ! أيظن هذا أن شيئا من الكذب يباح؟ فكان هذا ما يرى في الكذب بأسا.
وقال الواقدي: قال الأوزاعي: كنا قبل اليوم نضحك ونلعب، أما إذا صرنا أئمة يقتدى بنا فلا نرى أن يسعنا ذلك، وينبغي أن نتحفظ.
وكتب إلى أخ له: أما بعد فقد أحيط بك من كل جانب، وإنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذر الله والقيام بين يديه، وأن يكون آخر العهد بك والسلام.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن إدريس، سمعت أبا صالح - كاتب الليث -، يذكر عن الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، أنه وعظ فقال في موعظته: أيها الناس ! تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، فإنكم في دار الثواء فيها قليل، وأنتم عما قليل عنها راحلون.
خلائف بعد القرون الماضية الذين استقبلوا من الدنيا آنقها وزهرتها، فهم كانوا أطول منكم أعمارا، وأمد أجساما، وأعظم أحلاما، وأكثر أموالا وأولادا، فخددوا الجبال، وجابوا الصخر بالواد، وتنقلوا في البلاد، مؤيدين بطش شديد، وأجساد كالعماد، فما لبثت الأيام والليالي أن طوت آثارهم، وأخربت منازلهم وديارهم، وأنست ذكرهم، فهل تحسن منهم من أحد أو وتسمع له ركزا؟
كانوا بلهو الأمل آمنين، وعن ميقات يوم موتهم غافلين، فآبوا إياب قوم نادمين، ثم إنكم قد علمتم الذي نزل بساحتهم بياتا من عقوبة الله، فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين، وأصبح الباقون المتخلفون يبصرون في نعمة الله وينظرون في آثار نقمته، وزوال نعمته عمن تقدمهم من الهالكين ينظرون والله في مساكن خالية خاوية، وقد كانت بالعز محفوفة، وبالنعم معروفة، والقلوب إليها مصروفة، والأعين نحوها ناظرة، فأصبحت آية للذين يخافون العذاب الأليم، وعبرة لمن يخشى.
وأصبحتم بعدهم في أجل منقوص ودنيا منقوصة، في زمان قد ولى عفوه وذهب رخاؤه وخيره وصفوه، فلم يبق منه إلا جمة شر، وصبابة كدر، وأهاويل عبر، وعقوبات غير، وإرسال فتن، وتتابع زلال، ورذالة خلف بهم، ظهر الفساد في البر والبحر، يضيقون الديار، ويغلون الأسعار بما يرتكبونه من العار والشنار، فلا تكونوا أشباها لمن خدعه الأمل، وغره طول الأجل، ولعبت به الأماني، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن إذا دعي بدر، وإذا نهي انتهى، وعقل مثواه فمهد لنفسه.
وقد اجتمع الأوزاعي بالمنصور حين دخل الشام ووعظه وأحبه المنصور وعظمه، ولما أراد الانصراف من بين يديه استأذنه أن لا يلبس السواد فأذن له فلما خرج قال المنصور للربيع الحاجب: الحقه فاسأله لم كره لبس السواد؟ ولا تعلمه أني قلت لك.
فسأله الربيع فقال: إني لم أر محرما أحرم فيه، ولا ميتا كفن فيه، ولا عروسا جليت فيه، فلهذا أكرهه.
وقد كان الأوزاعي في الشام معظما مكرما أمره أعز عندهم من أمر السلطان، وقد همَّ به بعض مرة فقال له أصحابه: دعه عنك والله لو أمر أهل الشام أن يقتلونك لقتلوك.
ولما مات جلس على قبره بعض الولاة فقال: رحمك الله، فوالله لقد كنت أخاف منك أكثر مما أخاف من الذي ولاني - يعني: المنصور -.
وقال ابن العشرين: ما مات الأوزاعي حتى جلس وحده وسمع شتمه بأذنه.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، قال: كنت جالسا عند الثوري فجاءه رجل، فقال: رأيت كأن ريحانة من المغرب - يعني: قلعت -.
قال: إن صدقت رؤياك فقد مات الأوزاعي.
فكتبوا ذلك فجاء موت الأوزاعي في ذلك اليوم.
وقال أبو مسهر: بلغنا أن سبب موته أن امرأته أغلقت عليه باب حمام فمات فيه، ولم تكن عامدة ذلك، فأمرها سعيد بن عبد العزيز بعتق رقبه.
قال: وما خلف ذهبا ولا فضةً ولا عقارا، ولا متاعا إلا ستة وثمانين، فضلت من عطائه.
وكان قد اكتتب في ديوان الساحل.
وقال غيره: كان الذي أغلق عليه باب الحمام صاحب الحمام، أغلقه وذهب لحاجة له ثم جاء ففتح الحمام فوجده ميتا قد وضع يده اليمنى تحت خده وهو مستقبل القبلة رحمه الله.
قلت: لا خلاف أنه مات ببيروت مرابطا، واختلفوا في سنة وفاته، فروى يعقوب بن سفيان، عن سلمة، قال: قال أحمد: رأيت الأوزاعي وتوفي سنة خمسين ومائة.
قال العباس بن الوليد البيروتي: توفي يوم الأحد أول النهار لليلتين بقيتا من صفر سنة سبع وخمسين ومائة، وهو الذي عليه الجمهور وهو الصحيح، وهو قول: أبي مسهر، وهشام بن عمار، والوليد بن مسلم - في أصح الروايات عنه -، ويحيى بن معين، ودحيم، وخليفة بن خياط، وأبي عبيد، وسعيد بن عبد العزيز، وغير واحد.
قال العباس بن الوليد: ولم يبلغ سبعين سنة، وقال غيره: جاوز السبعين، والصحيح سبع وستون سنة، لأن ميلاده في سنة ثمان وثمانون على الصحيح.
وقيل: أنه ولد سنة ثلاث وسبعين، وهذا ضعيف.
وقد رآه بعضهم في المنام، فقال له: دلني على عمل يقربني إلى الله.
فقال: ما رأيت في الجنة درجة أعلى من درجة العلماء العاملين، ثم المحزونين.