نساء الخلفاء (دار المعارف، 1950)/غادر جارية الإمام الهادي
۲ - غادِرُ[١] جارية الإمام الهادي
(۲ظ) قال جَعْفَر[٢] بن قدامة : « كانت من أحسن الناس وجهاً وغناءاً، وكان يُحِبُّها حبا شديداً، فبينا هي تُغنيه يوما عَرَض له فكر وسهو، فسأله من حضر من خواصه فقال : قد وقع في فكرى أني أموت وأن أخي هارون يتزوج جاريتي بعد أن يلي الخلافة. فقيل له نُعِيذك بالله، ويُقدَّمُ الكُل قَبلَك. فأمر بإحضار أخيه وعَرَّفه ما خَطَرَ لَه، فأجابه بما يُحِبُّ من ذلك. فقال : لا أرضى حتى تَخْلِفَ أَنى مَتَى مُتُ لا تتزوجها. مُخَلَّفَهُ واستوفى عليه الايمان : من الحج راجلا وطلاق الزوجات وعتق المماليك وتشبيل[٣] ما عليكه، ثم أخلقها بمثل ذلك فحلفت. فلم يمض على ذلك إلا شهر، ومات الهادي وبويع الرشيد، فبعث إلى غادِر وخَطَبَها، فقالت : كيف نصنع بالأيمان ؟ فقال : أكَفِّرُ عن الكُلِّ وأَحُجُ راجلا. فَأَجابَتْ، وتزوجها وزاد شغفاً بها حتى إنَّهُ صار يضع رأسها في حِجْرِه، فتنام فلا يتحرَّك حَتى تَنْتَبِه. (۱۲) فبينا هى ناعة ذات يوم أنتبهت فزعة تبكى، فسألها عن حالها، فقالت : رأيت أخاك الساعة في النوم وهو يقول :
والله يا أمير المؤمنين وكأنى أسمعها وكأنما كتبها في قلبي فما نَسِيتُ (۴۲) منها كلمة. فقال لها الرشيد : أضغاث أحلام. فقالت : كلاً. ثم تَزَل تضطربُ وتُرْعَدُ، حتى ماتت بين يديه، وذلك في سنة ثلاث وسبعين ومائة.
- ↑ الأغاني « ج ۱۹ ص ۱۲۲ طبعة محمد ساسی ».
- ↑ قال أبو بكر الخطيب البغدادي : « أحد مشايخ الكتاب وعلمائهم، وافر الأدب، حسن المعرفة، وله مصنفات في صنعة الكتابة وغيرها ». « تاريخ بغداد ج ۷ ص ۲۰۷ » وكانت وفاته سنة ٣١٩، « معجم الأدباء ٢ ص ٤١٢ « طبعة مرغوليوث ». وذكره ابن النديم في الفهرست في ترجمة ولده « قدامة، قال : « كان أبوه جعفر ممن لا يفكر فيه، ولا علم عنده ». « ١٨٨ من الطبعة المصرية »، قال هذا مع أن أبا الفرج الأصبهاني يروى عنه « الأغاني ۱ : ۸۳، ٢ : ٤٦، ٣ : ۲۸۰ » طبعة دار الكتب، وهو فيه « جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب». والذى في فهرست ابن النديم « قدامة بن جعفر بن قدامة » فهل قدامة ابن جعفر اثنان ؟ هذا هو الظاهر.
- ↑ يقال « سَبَّل الشيء تسبيلاً أي جعله في سبيل الله ووقفه على وجوه البرّ والإحسان ». « القاموس ».
- ↑ نقصان في نسخة الأصل.
- ↑ هكذا وردت الكلمة في الأصل، والعوائر جمع العائرة من عارت تعيرُ أي ذهبت وجاءت فهي حرّة الحركات أو هي « الغوائر » جمع الغائرة.