انتقل إلى المحتوى

مفيد العلوم ومبيد الهموم/كتاب في قواعد الدين/الباب السادس

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: الصفحات ١٧–١٨


 

﴿الباب السادس في مسئلة داخل العالم وخارجه﴾

اعلم ان الملاحدة لعنهم الله استغوت عوام المسلمين وضعفاء المؤمنين بهذه المسئلة فقالوا كيف تعرفون الله وهو لا داخل العالم ولا خارج وقد قال الله تعالى وما قدروا الله حق قدره فلا يمكن معرفة الله من حية العقل وانما تمكن من جهة المعصوم كما هو مذهبنا نقول من قال أن معرفه الله تعالى مستحيلة غير معقولة فقوله الحاد كقولكم لانه مخالف للكتاب والسنة وأقوال مائة الف وأربعة وعشرين ألف لي ومخالف للمعقوال أما الكتاب فقال الله تعالى فاعلم أنه لا اله الا الله فاعلموا أن الله مولاكم فلو لم تكن معرفة الله تعالى ممكنة كان الخطاب محالا فان الشرع لا يخالف فضيات المعقول يقول الآدمي لا ينظر والأعمى لا يبصر والانبياء بعثوا لدعاء الخلق إلى الله وأما المعقول فالصنع لا بد له من صانع والعالم مصنوع فلا بدله من هذا أما نحن نعرفه بتأويل عقولنا فمن اجتاز في برية فرأى قصر مشيدا وبناء رفيها فجوز من نفسه أنه انفصل بنفسه من غير ناعل لم يكن أسنا بل يكون مجنونا بمارستان فالعالم مع تركيه العجيب لا يكون أقل من بناء جص وهذا ظاهر فان قالوا أردنا به أنه لا يعرف كيفيته ولا آنيته الجواب قلنا ياعاذيل هذا اتليس ابليس فكيف تدعون كيفية ولا كيفية الله وكيف تنسبون آينية ولا آنية له فوصفه بشيء يستحيل في حقه محال وقوله لا داخل العالم ولا خارج قلنا هذا السؤال في نفسه محال لان قائله لا يخلوا ما أن يكون مقرأ بإن العالم محدث أو منكرا فان كان مقرا فلا كلام معه لانه اذا علم ان تفسير العالم كل موجود سوى الله كيف يستجيز أن يكون القديم ملابسا ومشاكلا للحادث وخارج العالم عدم محض فكيف يقال ذات البارى في العدم فعرفت ان السؤال محال والجواب الصحيح أن تقول البارى واجب الوجود فكان قبل العالم وجوده واحيا لا يسهل زمان لا يكون فكان ولا مكان ولا تصدير مكان فاما خلق العالم كان على ما كان والتغيير اتما يرجع الى الحدوث أما من كان واجب الوجود فتغيره محال فلاح من هذا الأصل أن العالم عبارة عن المكان والمكان جوهر والجوهر والمرض مخلوقان والله ليس محدود وليس من جنس الجواهر والأمراض حتى يوصف بأنه داخل العالم و خارجه