انتقل إلى المحتوى

مفيد العلوم ومبيد الهموم/كتاب في قواعد الدين/الباب الخامس

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: الصفحات ١٥–١٧


 

الباب الخامس في عجائب خلق الانسان

ولقد ابدع الله سبحانه معاشر المسلمين الآدمي في صورة عجيبة وخلقة بديعة يعلم بعقله ويعي ببصيرته ويتكلم بلسانه قاليد أن لاستخدام الأشياء والرجلان للسعي والمينان لمشاهدة الدنيسا والمعدة للهضم والكيد لطلب يخ الغذاء والطحال للفكرة والأمعاء للفضول والفرج لاقامة النسل والذكر آلة لذلك فتبارك الله أحسن الخالقين والرأس أشرف الأعضاء ويقال الرأس صومعة الحواس ومواده من القلب وخلقه بأعضاء مفردة ومزدوجة فالمفرد مذكر في اللغة والمزدوج مؤنث فجعل الرأس مفرد للاكتفاء به فلو جعل له رأسين لكان زيادة من غير فائدة وخلق اليدين مزدوجة الحاجة كل واحد إلى اعانة الآخر كما قال الصادق رضى الله عنه خلق الله فى شبر من الانسان أربع جواهر وهم المينان وماؤهما مالح ولولاء لذابنا لأنهما شحمة والاذن وماؤهامر ولولاء لما امتنعت الهوام من دخولها والمنخر وفيه حموضة الاسترواح والاستنشاق والفم وماؤها عذب الاستطعام فسبحان من أنطقه بلحم وأبصره بشحم وأسمعه بعظم وأعجب من هذا تصور في الرحم في ظلمات ثلاث ظلمة البطر وظلمة الرحم وظلمة المشيمة حيث لا تراه عين ولا ناله يد فيخرج سويا فلو حلق له لسانين لكانا تقيلين عليه من غير حاجة فلو تكلم بأحدهما كان الآخر معطلا وان تكلم بكلام واحد كان أحدهما لغوا وان تكلم على خلافه ثم بدر السامع على أي القولين يقول فتبارك من جعل لمنافذ البول والغائط اشراجا يضبطها لكي لا يجري جريا دائما فيفسد عليه عيشته وفى حسن التدبير أن يكون الخلاء في أسر ، وضع الدار فكذا المنفذ المهياء للمخلاء فى جسد الأنسان في استر موضع وجعل الريق يجري دائما الى الحلق فلا يجف فلو جنس الحلق واللهفة والفم لملك الانسان فتتكروا معشر العقلاء وتأمل ياصدو المعالي وعلم الرؤساء في الحفظ والفهم فلو عدم الآدمي الحفظ والفهم الأخل عيشه يحفظ ماله وما عليه وما أخذ وما أعطي وما يتذكر من أحسن اليه أساء وتفكر في النسيان وعظم نعمة الله فيه فلولاء لما سلا أحد عن مصينه ولا انقضت له حسرة ولا مات له حقد تم تفكر في الحياء خص به الآدمي دون سائر الاشياء فلولاه لم يقر الضيف ولم يقع الوفاء بالعداة ولم تقض الحوائج ولم يتخير الجميل ولم تجنب القبيح وتفكر في كتمان الاجل فلو الآدمى مدة حياته وكمية عمره لتنغص عيشه فلو عرف مقداره وكان قصيراً لم بهنا بعيش مع ترقب الموت بل كان بمنزلة من قد فني ں حمن تعلم ماله وأشرف على الهلاك ولو كان طويل العمر وثق بالعمر فانهمك في اللذات على أنه بباغ شهوته ثم يتوب وهذا مذهب لا يرضاه الله تعالي من العباد تم تأمل آخرا في الأشياء المعدة في العالم فالتراب للبناء والحديد للصناعات ولخشب للسفر والنحاس للأواني والذهب والفضة للمعاملة والجوهر للذخر والحبوب للغذاء والثمار للتفكه واللحوم للمأكل والطيب للتلذذ والأدوية للتصحيح والدواب للحمولة والحطب للوقود والحشيش للدواب والمسك والعنبر للشم فلم يقدر المحصي أن يحصى هذا الجنس ولو صنفنا كتابا في هذا الجنس لما استقصينا أفراده والله تعالى أعلم