مجموع الفتاوى/المجلد الثالث/فصل في استكمال أصول أهل السنة والجماعة
فصل في استكمال أصول أهل السنة والجماعة
[عدل]ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة. ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء، أبرارًا كانوا أو فجارًا، ويحافظون على الجماعات.
ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا»، وشبك بين أصابعه ﷺ، وقوله ﷺ : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر».
ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله ﷺ: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا».
ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخُيَلاء والبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالى الأخلاق، وينهون عن سفسافها وكل ما يقولونه أو يفعلونه من هذا أو غيره، فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة.
وطريقتهم هي دين الإسلام، الذي بعث الله به محمدًا ﷺ، لكن لما أخبر النبي ﷺ أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة، وفي حديث عنه ﷺ أنه قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي»، صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة، وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى، أولو المناقب المأثورة، والفضائل المذكورة، وفيهم الا بدال الأئمة الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم. وهم الطائفة المنصورة، الذين قال فيهم النبي ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة».
فنسأل الله العظيم أن يجعلنا منهم، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ويهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب. والله أعلم.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
(ا هـ العقيدة الواسطية)