انتقل إلى المحتوى

مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي/كتاب ما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: الصفحات ٥٧–٦٤
 
الرسالة الرابعة لأبي نصر الفارابي

فيما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة

بسم الله الرحمن الرحيم

فال أبو نصر الفارابي .. الاشياء التي يحتاج الى تعلمها ومعرفتها قبل تعلم الفلسفة التي أخذت عن ارسطو فهي تسعة أشياء

الأول منها أسماء الفرق التي كانت في الفلسفة .. والتاني معرفة غرضه في كل واحد من كتبه .. والثالث المعرفة بالعلم الذي ينبغي أن يبدأ به في تعلم الفلسفة .. والرابع معرفة الغاية التي يقصد اليها تعلم الفلسفة .. والخامس معرفة السبيل التي يسلكها من أراد الفلسفة .. والسادس المعرفة بنوع كلام ارسطو كيف يستعمله في كل واحد من كتبه .. والسابع معرفة السبب الذي دعا ارسطو الى استعمال الإغماض في كتبه .. والثامن معرفة الحال التي يجب أن يكون عليها الرجل الذي يوجد عنده علم الفلسفة .. والتاسع الاشياء التي يحتاج اليها من أراد تعلم كتب ارسطو

(۱) فاما أسماء الفرق التي كانت في الفلسفة فمشتقة من سبعة اشياء .. أحدها من اسم الرجل المعلم للفلسفة. . والثاني من اسم البلد الذي كان مبدأ ذلك المعلم .. والثالث من اسم الموضع الذي كان يعلم فيه On فيما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة .. والرابع من التدبير الذي كان يتدبر به . . والخامس من الاراء التي كان يراها أصحابها في علم الفلسفة .. والسادس من الأراء التي كان يراها أهلها في الغاية التي يقصد اليها في تعلم الفلسفة .. والسابع من الأفعال التي كانت تظهر عنه في تعلم الفلسفة فأما الفرقة التي سميت من اسم الرجل المعلم للفلسفة ففرقة أصحاب فوثاغورس .. وأما الفرقة المسماة من اسم البلد الذي كان منه الفيلسوف ففرقة أصحاب ارسطيفوس الذى من أهل قورينا .. وأما الفرقة المسماة من اسم الموضع الذي كان يعلم فيه الفلسفة ففرفة أصحاب كروسيفس وهم أصحاب الرواق وانما سموا بذلك لأن تعلمهم مكان في رواق هيكل آئينه .. وأما الفرقة التي سميت من تدبير أصحابها وأخلاقهم ففرقة أصحاب ديوجانس ويعرفون بالكلاب لانهم كانوا يرون اطراح الفرائض المفترضة في المدن على الناس ومحبة أقاربهم واخوانهم و بغضة غيرهم من سائر الناس وانما يوجد هذا الخلق الكلاب وأما الغرفة المسماة من الاراء التي كانت يراها أصحابها في الفلسفة فهي الفرقة التي تنسب الى فورن وأصحابه وتسمي المانعة نهم يرون منع الناس من العلم .. وأما الفرقة التي سميت من الاراء التي كان يراها أهلها في الغاية التي يقصد اليها في تعلم الفلسفة فهي الفرقة المنسوبة الى أفيغورس وأصحابه وتدعي فرقة اللذة وذلك ان هؤلاء كانوا يرون أن غاية الفلسفة المقصود اليها هي اللذة التي تتبع معرقها .. وأما الفرقة المسماة من الأفعال التي كانت تظهر من فقط .. لأن من فيما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة . ٥٩ أصحابها فالمشاؤون وهم أصحاب ارسطو وأفلاطون وذلك ان هذين كانا يعلمان الناس وهم يمشون كما يرتاض البدن مع رياضة النفس (۲) وأما كتبه فمنها جزئية وهي التي يتعلم منها معنى واحد فقط ومنها كلية ومنها متوسطة بين الجزئية والكلية .. والجزئية من كتبه هي رسائله وأما الكلية فبعضها تذاكير يتذكر بقراءتها ما قد عرف من علمه وبعضها يتعلم منها الفلسفة التي بعضها خاصية وبعضها عامية والخاصية ن كتبه بعضها يتعلم منه علم الفلسفة وبعضها يتعلم منه أعمال الفلسفة ومنها ما يتعلم منه أمور إلهية ومنها ما يتعلم منه أمور طبيعية ومنها ما يتعلم منها الأمور التعليمية .. فالكتب التي يتعلم منها ! الأم مور الطبيعية فمنها ما يتعلم منها الأمور العامة لجميع الطبائع ومنها ما يتعلم منها الأمور التي تخص كل واحد من الطبائع .. والكتاب الذي يتعلم منه الأمور العامة لجميع الطبائع هو كتابه المسمى سمع الكيان فانه يعلم في هــذا المكان معرفة المبادئ التي لجميع الاشياء ومعرفة الاشياء التي هي بمنزلة المبادئ ومعرفة الأشياء اللاحقة بهذه والأشياء التي هي بمنزلة اللاحقة .. وأما المبادئ فهي العنصر والصورة وما أشبه المبادئ وليست كذلك بالحقيقة بل بالتقريب .. وأما اللاحقة للمبادئ فالزمان والمكان وأما الشبيه باللاحقة فالخلاء ومالانهاية له .. وأما الكتب التي يتعلم منها الأمور الخاصة لكل واحد من الطبائع فبعضها يعلم فيه معرفة الأشياء التي لا كون لها و بعضها يعلم فيه معرفة الأشياء المكونة فأما الأشياء التي لاكون لها فبعض علمها عامي لجميعها وبعضها خاصي ٦٠ فيما ينبغي ان يقدم قبلى تعلم الفلسفة لجميعها .. والأشياء المسكونة فأما العلم بجميعها فالاستحالة والحركة وأمر الاستحالة يتعلم من كتابه في الكون والفساد وأما أمر الحركة فيتعلم من المقالتين الآخريتين من كتابه في السماء وأما ما يخص كل واحد منها فمنها ما يخص البسيطة ومنها ما يخص المركبة والاشياء التي تخص البسيطة من الطبائع تتعلم من كتابه في الآثار العلوية وأما الاشياء التي تخص المركبة منها فبعضها كلي وبعضها جزئى فالكلي منها يتعلم من كتابه في الحيوان ومن كتابه في النبات.. وأما الجزئي فيتعلم من كتابه في النفس وكتابه في الحس والمحسوس .. وأما الكتب التي يتعلم منها العلوم التعليمية فهي كتابه في المناظر وكتابه في الخطوط وكتابه في الحيل . . وأما الكتب التي يتعلم منها الأمور التي تستعمل في الفلسفة فبعضها يتعلم منها اصلاح الأخلاق وبعضها يتعلم منها تدبير المدن وبعضها يتعلم منها تدبير المنزل .. فأما الكتب التي يتعلم منها البرهان المستعمل في الفلسفة فبعضها يقرأ قبل علم البرهان وبعضها منه البرهان وبعضها يحتاج الى قراءته بعد علم البرهان .. اما التي يتعلم منها قبل علم البرهان فبعضها يتعلم منه أجزاء النتيجة التي يصح بها البرهان وبعضها يتعلم منه أجزاء المقدمات التي تستعمل في البرهان أما التي يتعلم منها أجزاء النتيجة التي يصح بها البرهان في كتابه المسمي بار يمينياس .. وأما التي يتعلم منها أحزاء المقدمة المستعملة في البرهان. ففى كتابه في الحد المسمى قاطيغور ياس .. وأما التي يتعلم منها البرهان ي كتبه في البرهان و بعض هذه الكتب يتعلم منه شكل البرهان فعي يتعلم من فيما ينبغي ان يقدم قبل تعلم الفلسفة وبعضها يتعلم منه العنصر الذي يكون منه البرهان وشكل البرهان ن كتابه في القياس وهو المسمى الولوطيقا وعنصره في كتابه المسمى بالبرهان المعروف بافوذ قطيقا .. وأما التي يحتاج الي قراءتها بعد علم البرهان فهي الكتب التي يفرق بها بين البرهان الصحيح والبرهان الكاذب وبعضه كذب خالص وبعضه مشوب والبرهان الكاذب كذباً خالصاً يتعلم من كتابه في صناعة الشعر وأما البرهان المشوب فبعضه ما حقه مساو لكذبه وبعضه كذبه أكثر من حقه و بعضه ما حقه أكثر من كذبه فالذى كذبه مساو لحقه يتعلم من كتابه في صناعة الخطباء والذي كذبه أقل من حقه يتعلم من كتابه في مواضع الجدل والذي كذبه أكثر من حقه فيتعلم من كتابه في صناعة المغالطين (۳) وأما العلم الذي ينبغي أن يبدأ به قبل تعلم الفلسفة فأصحاب أفلاطن يرون أنه على الهندسة ويستشهدون على ذلك بقول أفلاطن لانه علم كتب على باب هيكله من لم يكن مهندساً فلا يدخل علينا وذاك ان البراهين المستعملة في الهندسة أصح البراهين كلها وأما آل انو فرسطس فيرون أن يبدأ بعلم اصلاح الأخلاق وذلك أن من لم يصلح أخلاق لم يمكنه أن يتعلم علماً صحيحاً والشاهد على ذلك أفلاطن في قوله ان من لم يكن نقياً ذكياً فلا يدنو من نقي زكي وبقراط حيث يقول إن الأبدان التي ليست بنقية كلما غذوتها زدتها شراً .. وأما بواتيس الذي من أهل صيداء فيرى أن يبتدأ بعلم الطبائع لأنها أعرف وأقرب عنده وآلف .. وأما انرونيقس تلميذه فيري أن يبتدأ بعملاء نفسه . ٦٢ فيما ينبغي ان يقدم قبل تعلم الفلسفة المنطق اذ كان الآلة التي تمتحن الحق من الباطل في جميع الأشياء وليس ينبغي أن يرذل واحد من هذه الأراء وذلك انه ينبغي قبل الدرس لعلم الفلسفة أن تصلح أخلاق النفس الشهوانية كما تكون الشهوة الفضيلة فقط التي هي بالحقيقة فضيلة لا التي تتوهم انها كذلك أعنى اللذة والمحبة الغالبة وذلك يكون باصلاح الأخلاق لا بالقول فقط لكن بالأفعال أيضاً ثم يصلح بعد ذلك النفس الناطقة كما تفهم منها طريق الحق التي يؤمن معها الغلط والوقوع في الباطل وذلك يكون بالارتياض في علم البرهان والبرهان على ضربين منه هندسي ومنه منطقى وكذلك ينبغي أن يؤخذ أولا من علم الهندسة مقدار ما يحتاج في الارتياض في البراهين الهندسية ثم يرتاض بعد ذلك في علم المنطق (٤) وأما الغاية التي يقصد اليها في تعلم الفلسفة فهي معرفة الخالق تعالى وأنه واحد غير متحرك وأنه العلة الفاعلة لجميع الاشياء وأنه المرتب لهذا العالم بجوده وحكمته وعدله .. وأما الأعمال التي يعملها الفيلسوف فعي التشبه بالخالق بمقدار طاقة الانسان (٥) وأما السبيل الذي ينبغي أن يسلكها من أراد تعلم الفلسفة فهي القصد الى الاعمال و بلوغ الغاية .. والقصد الى الاعمال يكون بالعلم وذلك ان تمام العلم العمل و بلوغ الغاية في العلم لا يكون الا بمعرفة الطبائع لانها أقرب الى فهمنا ثم بعد ذلك الهندسة .. وأما بلوع الغاية في العمل فيكون أولا باصلاح الانسان نفسه ثم باصلاح غيره ممن في منزله أو في مدينته فيما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة . ٦٣ (٦) وأما نوع كلام ارسطو الذي يستعمله في كتبه فهو على ثلاثة انحاء وذلك أنه يستعمل في كتبه الخاصة من الكلام أخصره وأبعده من الفضول .. وأماما في تفاسيره فيستعمل من الكلام أغلقه وأغمضه .. وأما مافي رسائله فيلزم القانون الذي ينبغي أن يستعمل من الكلام في الرسالة وهو الواضح من الكلام الموجز (۷) والعلة في استعماله الإغماض ثلاثة أشياء أحدها استبراء طبيعة المتعلم هل يصلح للتعليم أم لا والثاني لئلا يبذل الفلسفة الناس بل لمن يستحقها فقط والثالث ليروض الفكر بالتعب في الطلب (۸) وأما الحال التي يجب أن يكون عليها الرجل الذي يؤخذ عنه علم ارسطو فهي أن يكون في نفسه ما قد تقدم وأصلح الأخلاق من نفسه الشهوانية كما تكون شهوته للحق فقط لا للذة وأصلح مع ذلك قوة النفس الناطقة كما تكون ارادته صحيحة .. وأما قياس ارسطو فينبغي أن لا تكون محبته له في حد يحركه ذلك أن يختاره على الحق وأن لا يكون له مبغضاً فيدعوه ذلك الى تكذيبه .. وأما قياس المعلم فينبغي أن لا يظهر تسلطاً شديداً أو اتضاعاً مفرطاً فان التسلط الشديد يدعو المتعلم الى بغضه المعلمه وما يأخذه من المعلم بالتواضع المفرط يدعوه الى الاستخفاف به والتكاسل عنه وعن علمه .. وأما الحاجة الى شدة حرصه ودوامه فلأنه قد قيل أن قطر الماء بدوامه قد يثقب الحجر .. وأما قلة التشاغل بغير العلم فلأن كثرة التشاغل بأشياء مختلفة يصير صاحبها لا ترتيب له ولا نظام . . وأما طول العمر فلأنه اذا كان علاج فيما ينبغي ان يقدم قبل تعلم الفلسفة الأبدان كما قال بقراط يزيد طول العمر فكم بالحرى علاج النفس (۹) وأما الاشياء التي يحتاج اليها .. فأحدها الغرض في كتاب المنطق والثاني المنفعة في علمه . والثالث سبب تسمية كتبه . والرابع صحتها . والخامس ترتيب مراتبها . والسادس معرفة الكلام الذي استعمله في كتبه . والسابع الاجزاء التي ينقسم اليها كل واحد من ن كتبه . والقياس مركب من شيئين أحدهما المقدمات التي بها يكون القياس والثاني الشكل الذي به يتشكل القياس وعلم ذلك يؤخذ من كتاب أنولوطيقا وأما المقدمات فمن الحدود والاشكال وهي آخر أجزاء الكلام .. وأجناس الأشياء البسيطة التي يقع الكلام عليها عشرة يدل كل واحد منها على كل واحد من تلك الاجناس وهي تؤخذ من كتابه في المقولات وأشكال المقدمات تؤخذ من کتاب اريمينياس ومقدمات القياس تؤخذ من كتابه في البرهان وهذه الكتب يحتاج الى قراءتها قبل المنطق لأنها تحرص على معرفة م كل واحد منها والذي بني منها معرفة الأبواب المنقسمة العلة في رسم اليها كل واحد من كتبه وعلم ذلك يحتاج اليه عند قراءة كل واحد منها تمت الرسالة الرابعة فيما ينبغي تعلمه قبل الفلسفة ويليه كتاب عيون المسائل للفرانى