انتقل إلى المحتوى

مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي/كتاب عيون المسائل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
 

عيون المسائل لأبي نصر الفارابي

(۱) العلم ينقسم الى تصور مطلق كما يتصور الشمس والقمر والعقل والنفس والى تصور مع تصديق كما يتحقق كون السموات كالا كر بعضها في بعض ويعلم أن العالم محدث فمن التصور مالا يتم الا بتصور يتقدمه كما لا يمكن تصور الجسم مالا يتصور الطول والعرض والعمق وليس اذا احتاج تصور الى تصور يتقدمه يلزم ذلك في كل تصور بل لا بد من الانتهاء الى تصور يقف ولا يتصل بتصور يتقدمه كالوجوب والوجود والامكان فان هذه لا حاجة بها الى تصور شيء قبلها يكون مشتملا بتصورها بل هذه معان ظاهرة صحيحة مركوزة في الذهن ومتى رام أحد اظهار هذه المعاني بالكلام عليها فانما ذلك تنبيه للذهن لا انه يروم اظهارها بأشياء هي أشهر منها

(۲) ومن التصديق مالا يمكن ادراكه مالم يدرك قبله أشياء أخر كما أن تريد أن تعلم أن العالم محدث فيحتاج أولا أن يحصل لنا التصديق بأن العالم مؤلف وكل مؤلف محدث ثم نعلم أن العالم محدث ولا محالة ينتهي هذا التصديق الى تصديق لا يتقدمه تصديق يقع به التصديق وهذه أحكام أولية ظاهرة في العقل كما أن طرفي نقيض أبداً يكون أحدهما صدقاً والآخر كذباً وان الكل أعظم من جزئه والعلم الذى فعلم به هذه الطرق وتوصلنا تلك الطرق الى تصور الأشياء والى 77 عيون المسائل التصديق هو علم المنطق وغرضنا هو معرفة هذين الطريقين الذين ذكرناهما حتى نفرق بين التصور التام والناقص عنه والتصديق اليقيني والقريب من اليقينى وغالب الظن والشك فيخلص لنا من هذه الاقسام التصور التام والتصديق اليقيني الذي لا سبيل للشك اليه (۳) فنقول ان الموجودات على ضربين أحدهما اذا اعتبر ذاته لم يجب وجوده ويسمى ممكن الوجود والثاني اذا اعتبر ذاته وجب وجوده ويسمي واجب الوجود وان كان ممكن الوجود اذا فرضناه غير موجود لم يلزم منه محال فلا غنى بوجوده عن عـلة واذا وجب صار واجب الوجود بغيره فيلزم من هذا أنه كان مما لم يزل ممكن الوجود بذاته واجب الوجود بغيره وهذا الامكان إما أن يكون شيئاً فيا لم يزل وإما أن يكون في وقت دون وقت .. والأشياء الممكنة لا يجوز أن تمر بلا نهاية في كونها علة ومعاولا ولا يجوز كونها على سبيل الدور بل لابد من انتهائها الى شيء واجب هو الموجود الأول (٤) فالواجب الوجود متى فرض غير موجود لزم منه محال ولا علة لوجوده ولا يجوز كون وجوده بعيره وهو السبب الأول لوجود الأشياء ويلزم أن يكون وجوده أول وجود وأن ينزه عن جميع انحاء النقص فوجوده اذا تام ويلزم أن يكون وجوده أتم الوجود ومنزهاً عن العلل مثل المادة والصورة والفعل والغاية (٥) ولا ماهية له مثل الجسم اذا قلت إنه موجود فحد الموجود شي وحد الجسم شيء سوى أنه واجب الوجود وهذا وجوده .. راجع أيضا م ا ا ص ۱۱۳ باشم مر ۱۹ عيون المسائل TV ويلزم من هذا أن لا جنس له ولا فصل له ولا حد ولا برهان عليه بل هو برهان على جميع الاشياء ووجوده بذاته أبدي أزلى لا يمازجه العدم وليس وجوده بالقوة .. و يلزم من هذا أن لا يمكن أن لا يكون ولا حاجة به الى شيء يمد بقاء ولا يتغير من حال الى حال وهو واحد بمعنى أن الحقيقة التي له ليست لشيء غيره وواحد بمعنى أنه لا يقبل التجزي كما تكون الاشياء التي لها عظم وكمية وأذا ليس يقال عليـه كم ولا متى ولا اين وليس بجسم وهو واحد بمعنى أن ذاته ليست من أشياء غيره كان منها وجوده ولا حصل ذاته من معان مثل الصورة والمادة والجنس والفصل ولا ضد له وهو خير محض وعقل محض و معقول محض وعاقل محض وهذه الأشياء الثلاثة كلها فيه واحد وهو حكيم وحي وعالم وقادر ومريد وله غاية الجمال والكمال والبهاء وله . أعظم السرور بذاته وهو العاشق الأول والمعشوق الأول ووجود جميع الأشياء منه على الوجه الذي يوصل أثر وجوده الى الاشياء فتصير موجودة والموجودات كلها على الترتيب حصل من أثر وجوده . (1) ولكل موجود من وجوده قسم ومرتبة مفردة ووجود الاشياء عنه لا عن جهة قصد منه يشبه قصودنا ولا يكون له قصد الأشياء ولا صدر الأشياء عنه على سبيل الطبع من دون أن يكون له معرفة ورضاً بصدورها وحصولها .. وانما ظهر الاشياء عنه لكونه عالاً بذاته وبأنه مبدأ لنظام الخير في الوجود على ما يجب أن يكون عليه فاذا علمه علة لوجود الشيء الذي يعلمه وعلمه للاشياء ليس بعلم ٦٨ . عيون المسائل الأبدي زماني وهو علة لوجود جميع الأشياء بمعنى أنه يعطيها الوجود الأب ويدفع عنها العدم مطلقاً لا بمعنى أنه يعطيها وجوداً مجرداً بعد كونها معدومة وهو علة المبدع الأول .. والابداع هو حفظ ادامة وجود الشيء الذي ليس وجوده لذاته ادامة لا يتصل بشيء من العلل غير ذات المبدع ونسبة جميع الأشياء اليه من حيث أنه مبدعها أو هو الذي ليس بينه وبين مبدعها واسطة وبوساطته تكون علة الاشياء الأخر نسبة واحدة وهو الذى ليس لا فعاله لمية ولا يفعل ما يفعله لشيء آخر 27 (۷) وأول المبدعات عنه شيء واحد بالعدد وهو العقل الأول ويحصل في المبدع الأول الكثرة بالعرض لأنه ممكن الوجود بذاته واجب الوجود بالأول لأنه يعلم ذاته ويعلم الأول وليست الكثرة التي فيه من الأول لأن إمكان الوجود هو لذاته وله من الأول وجه . من الوجود (۸) ويحصل من العقل الأول بأنه واجب الوجود وعالم بالأول عقل آخر ولا يكون فيه كثرة الا بالوجه الذي ذكرناه ويحصل من ذلك العقل الأول الثاني بأنه ممكن الوجود و بأنه يعلم ذاته الفلك الأعلى بمادته وصورته التي هي النفس والمراد بهذا ان هذين الشيئين يصيران سبب شيئين أعنى الفلك والنفس (۹) ويحصل من العقل الثاني عقل آخر وفلك آخر تحت الفلك الأعلى، وانما يحصل منه ذلك لان الكثرة حاصلة فيه بالعرض كما عيون المسائل ٦٩ ذكرناه بدياً في العقل الأول وعلى هذا يحصل عقل وفلك من عقل ونحن لا نعلم كمية هذه العقول والأفلاك إلا على طريق الجملة الى أن عدد تنتهي العقول الفعالة الى عقل فعال مجرد من المادة وهناك يتم الأفلاك وليس حصول هذه العقول بعضها من بعض متسلسلا بلا نهاية .. وهذه العقول مختلفة الأنواع كل واحد منها نوع على حدة والعقل الأخير منها سبب وجود الأنفس الأرضية من وجه وسبب وجود الاركان الأربعة بوساطة الافلاك من وجه آخر (۱۰) ويجب أن يحصل من الأركان الأمزجة المختلفة على النسب التي يينها المستعدة لقبول النفس النباتية والحيوانية والناطقة من جهة الجوهر الذي هو سبب لأمر أكوان هذا العالم والافلاك التي حركاتها مستديرة على شيء ثابت غير متحرك. ومن تحركها ومماسة بعضها البعض على الترتيب يحصل الأركان الأربعة وكل واحد من العقول عالم بنظام الخير الذي يجب أن يظهر منه ، فبتلك الحال يصير سبياً لوجود ذلك الخير الذي يجب أن يظهر منه. ولاجرام السموات معلومات كلية ومعلومات جزئية وهو قابل لنوع من أنواع الانتقال من حال الى حال على سبيل التخيل ويحصل بسبب ذلك التخيل لها التخيل الجسماني وذلك السبب هو سبب الحركة فيحصل من جزئيات تخيلاتها المتصلة الحركات الجسمانية ثم تلك التغيرات تصير سبياً لتغير الأركان الاربعة وما يظهر في عالم الكون والفساد من التغير (۱۱) واشتراك الاجرام السماوية في معنى واحد وهو الحركة ۷۰ عيون المسائل الدورية الصادرة عنها يصير سبب اشتراك المواد الأر ربع في مادة واحدة واختلاف حركاتها يصير سبب اختلاف الصور الأربع وتغيرها من حال الى حال يصير سبب تغير المواد الأربع وكون ما يتكون منها وفساد ما يفسد منها .. والاجرام السماوية وان شاركت المواد الأربع في تركيبها عن مادة وصورة فان مادة الأفلاك والاجرام مخالفة لمادة الأركان الأربعة والكائنات كما أن صور تلك مخالفة لصور هذه مع اشتراك الجميع في الجسمية لان الابعاد الثلاثة فيها مفروضة ولان ذلك كذلك لا يجوز وجود الهيولى بالفعل خالية عن الصورة ولا وجود الصورة الطبيعية مجردة عن الهيولى بل الهيولى محتاجة إلى الصورة لتصير بها موجودة بالفعل ولا يجوز أن يكون أحدهما سبب جود الآخر بل ههنا سدب يوجدهما معاً ا (۱۲) والحركات السماوية وضعية دورية والحركات الكائنة الفاسدة حركات مكانية وحركة الكمية والكيفية والحركات المستوية لازمة للبسائط وهي على ضربين أحدهما من الوسط والآخر الى الوسط وحركة الاشياء المركبة بحسب غلبة البسائط من المواد الأربع عليها (۱۳) ومبدأ الحركة والسكون متى لم يكن من خارج أو عن ارادة سميت طبيعة وتكون الحركات متساوية عن غير ارادة وتسمى نفساً نباتية أو حركة مع ارادة أو على لون واحد أو ألوان كثيرة كيف ما كانت وتسمى النفس الحيوانية والنفس الفلكية .. والحركة تتصل بها أشياء تسمى زماناً ومقطع الزمان يسمى آنا ولا يجوز أن عيون المسائل ۷۱ يكون للحركة ابتداء زماني ولا آخر زماني فاذا يجب أن يوجد متحركا على هذا اللون ومحركا لذلك وان كان المحرك أيضاً متحركا احتاج الى محرك إذ لا ينفك المتحرك من المحرك ولا يتحرك شيء بذاته فاذا يجب أن لا يكون بلا نهاية بل ينتهي الى محرك لا يكون متحركا والا أدى الى وجود متحركين ومحركين بلا نهاية وهذا محال .. والمحرك الذي لا يكون متحركا يجب أن يكون واحداً ولا يكون ذا عظم ولا جسما ولا يكون متجزياً ولا فيه كثرة بوجه (١٤) وسطح الجسم الحاوى وسطح الجسم المحوي يسمى مكاناً وليس للفراغ وجود .. والجهة تظهر من الاجرام السماوية لانها محيطة ولها مركز .. والجسم الذى يكون فيه الميل الطبيعي لا يتأني فيه الميل القسري لأنه متي كان في طبعه الميل الدوري لا يجوز أن يقبل الميل المستقيم وكل كائن فاسد وفيه الميل المستقيم وللفلك بطبعه الميل المستدير (١٥) وليس مقدار ينتهي بالقسم الى أن لا يكون له جزء والاجسام لیست مركبة من أجزاء لاجزء لها ولا يتأتى من الأجزاء التي لاجزء لها تأليف الجسم ولا الحركة ولا الزمان والاشياء ذوات المقادير و الاعداد ذوات الترتيب لا يجوز أن تحصل بالفعل بلا نهاية ولا يجوز بعد بلا نهاية في الفراغ والملاء إذ لا جائز وجود بلا نهاية ولا يجوز أن يكون حركة متصلة الا الحركة المستديرة والزمان يتعلق بهذه الحركة والحركات المستقيمة لا يكون لها اتصال لا حيث تتوجه في جهة ولا حين تنعطف ولا حين تعمل زواية في انعطافها ۷۲ عيون المسائل (١٦) وكل جسم له مكان خاص اليه ينجذب فان كان الجسم بسيطاً وجب أن يكون مكانه وشكله على نوع واحد لا يكون فيه خلاف ويكون هكذا الجسم المستدير وشكل كل واحد من الاربعة على مثال الكرة .. وكل جسم فله قوة تكون ابتداء حركته بذاته .. وسبب اختلاف الانواع اختلاف مباديها التي فيها وبسائط العالم لها أماكن تكون فيها ولا لواحد منها مكان .. والعالم مركب من بسائط صائرة كرة واحدة وليس خارج العالم شيء فليس اذا في مكان ولا يفضي الى فراغ أو الى ملاء .. وكل جسم طبيعي اذا انتهى الى مكانه الخاص لم يتحرك الا بالقسر فاذا فارق مكانه يتحرك اليه بالطبع (۱۷) وطبع الفلك طبع خامس لا حار ولا بارد ولا ثقيل ولا خفيف والفلك لا يخرقه شي وليس فيه مبدأ حركة مستقيمة وليس بحركته ضد وليس وجود الفلك ليكون عنه شيء آخر بل تلك له حال خاصة وحركته نفسانية لا طبيعية وليست حركته لشهوة أو غضب لكن من جهة أن له شوقاً إلى التشبه بالعقليات المفارقة للمادة ولكل واحد من الاجرام الفلكية عقل مفارق خاص له يشتاق الى التشبه به ولا يجوز أن يكون شوق الجميع الى شيء واحد من جنس واحـــد بل كل واحد له معشوق خاص مخالف لمعشوق الآخر والكل مشترك في أن المعشوق واحد فهو المعشوق الأول ويجب أن تكون القوة المحركة لكل واحد بلا نهاية والقوى الجسمانية كل واحدة منها متناهية ولا يجوز أن تكون قوة متناهية تحرك جسما زماناً غير متناه ولا أن تحرك • عيون المسائل VT جسما غير متناه قوة متناهية ولا يجوز أن يكون جسم علة لوجود جسم = ولا علة نفس ولا علة عقل (۱۸) والاجسام الكائنة من الاركان الأربعة فيها قوى تعطيها الاستعداد للفعل وهي الحرارة والبرودة وقوى تعطيها الاستعداد لقبول الفعل وهي الرطوبة واليبوسة وفيها قوى أخر فاعلة ومنفعلة كالذوق الفاعل في اللسان والفم والشم الفاعل في آلة الشم وكالصلابة واللين والخشونة واللزوجة وهذه كلها تظهر من تلك الأربع التي هي الأولى .. والجسم الشديد الحرارة بطبعه هو النار والشديد البرودة هو الماء والشديد الجري هو الهواء والشديد الانعقاد هي الارض وهذه المواد الاربع التي هي أصول الكون والفساد قابلة لاستحالة بعضها والاشياء الكائنة الفاسدة التي تظهر انما تظهر من .. الى بعض الأمزجة التي تظهر فيها على النسب المختلفة التي تعطيها الاستعداد لقبول الخلق المختافة والصور المختلفة التي بها قوامها (۱۹) ويظهر من هذه الصور الكيفيات المحسوسة وهذه الكيفيات يبطلها ويخلفها غيرها والصور باقية بحالها وما يحصل من الأمزجة الاربعة يبقي قواها وصورها ولا يفسد وحقيقة المزاج هو تغير الكيفيات الأربع عن حالها وانتقالها من ضد الى ضد وتلك هي الناشئة من القوى الأصلية وتأثير بعضها في بعض حتى يحصل كيفية متوسطة حكمة الباري تعالى في الغاية لانه خلق الأصول وأظهر منها الامتزجة المختلفة وخص كل مزاج بنوع من الأنواع وجعل كل مزاج كان أبعد عن Vε عيون المسائل یم الاعتدال سبب كل نوع كان أبعد عن الكمال .. وجعل النوع الأقرب من الاعتدال مزاج البشر حتى يصلح لقبول النفس الناطقة ولكل نوع من النبات نفس هي صورة ذلك النوع ومن تلك الصورة تظهر القوى التي تبلغ بذلك النوع كمالا بالآلات التي لها يفعل وحال كل نوع من أنواع الحيوان على هذا (۲۰) وللانسان من جملة الحيوان خواص بأن له نفساً يظهر منها قوي بها تفعل أفعالها بالآلات الجسمانية وله زيادة قوة بأن يفعل لا بآلة جسمانية وتلك قوة الفعل ومن تلك القوى الغاذية والمربية والمولدة ولكل واحد من هذه قوة تخدمها ومن قواها المدركة القوى الظاهرة والاحساس الباطنة المتخيلة والوهم والذاكرة والمفكرة والقوى المحركة الشهوانية والغضبية والتي تحرك الاعضاء .. وكل واحدة من هذه القوى التي ذكرناها تفعل بآلة ولا يمكن الاكذلك وليس واحدة من هذه القوى بمفارقة (۲۱) ومن هذه القوى العقل العملى وهو الذي يستنبط ما يجب فعله من الأعمال الانسانية ومن قوى النفس العقل العلمي وهو الذى جوهر النفس ويصير جوهراً عقلياً بالفعل ولهذا العقل مراتب يكون مرة عقلا هيولانياً ومرة عقلا بالملكة ومرة عقلا مستفاداً .. وهذه القوى التي تدرك المعقولات جوهر بسيط وليس بجسم ولا يخرج من القوة الى الفعل ولا يصير عقلا تاما الا لسبب عقل مفارق وهو العقل الفعال الذي يخرجه الى الفعل ولا يجوز أن تكون المعقولات عيون المسائل Vo منحصرة في شيء متجزء أو ذي وضع وهو مفارق للمادة يبقى بعـــد موت البدن وليس فيه قوة قبول الفساد وهو جوهر أحدي وهو الانسان على الحقيقة وله قوى تنبث منه في الأعضاء وظهوره من واهب الصور يكون عند ظهور الشيء الصالح لقبوله (۲۲) وهو البدن فحينئذ يستحق الظهور .. وذلك الشيء هو الجسد والروح الكائن في ضمن القلب من أجزاء البدن وهو الموضوع الأول للنفس ولا يجوز وجود النفس قبل البدن كما يقول أفلاطن ولا يجوز انتقال النفس من جسد الى جسد كما يقوله التناسخيون والنفس بعد موت البدن سعادات وشقاوات وهذه الأحوال متفاوتة للنفوس وهى أمور لها مستحقة وذلك لها بالوجوب والعدل كما يكون انسان يحسن بتدبير صحة البدن فمن تلك الجهة يأتي مرض بدنه والتوفيق في الامور بيد الله تعالى وكل ميسر لما خلق له .. وعناية الله تعالى محيطة بجميع الأشياء ومتصلة بكل أحد وكل كائن فبقضائه وقدره والشرور أيضاً بقدره وقضائه لأن الشرور على سبيل التبع للأشياء التي لا بدلها من الشر والشرور واصلة الى الكائنات الفاسدات وتلك الشرور محمودة على طريق العرض اذ لو لم تكن تلك الشرور لم تكن الخيرات الكثيرة دائمة وان فات الخير الكثير الذي يصل الى ذلك الشيء لأجل اليسير من الشر الذي لا بد منه كان الشر حينئذ أكثر والسلام تمت الرسالة الموسومة بعيون المسائل والحمد لله رب العالمين ويليها النكت من أحكام علم النجوم