انتقل إلى المحتوى

كتاب الأم/كتاب جراح العمد/دية الجنين

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



دية الجنين


[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها فقضى فيه رسول الله بغرة عبد أو وليدة) أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: (أن رسول الله قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة فقال الذي قضى عليه كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ومثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله إنما هذا من إخوان الكهان) أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: (أن رسول الله قضى في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله أن ميراثها لبنيها وزوجها والعقل على عصبتها)، أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال أذكر الله امرأ سمع من النبي في الجنين شيئا فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: (كنت بين جاريتين لي فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينا ميتا فقضى رسول الله فيه بغرة،) فقال عمر " إن كدنا أن نقضي في مثل هذا بآرائنا ".

[قال الشافعي]: وبهذا كله نأخذ في الجنين والمرأة التي قضى رسول الله في جنينها بغرة حرة مسلمة فإذا كان الجنين حرا مسلما بإسلام أحد أبويه أو هما ففيه غرة كاملة فإن كان جنين حرة مسلمة من مشرك حر أو عبد من نكاح أو زنا أو جنين حرة مسلمة لقيط من زوج عبد أو حر أو زنا ففيه غرة كاملة؛ لإسلامه وحريته بإسلام أمه وحريتها، وكذلك جنين الأمة يطؤها سيدها بملك صحيح أو ملك فاسد أو يملك شقصا منها، وكذلك جنين الأمة ينكحها ويغر بأنها حرة؛ لأن من سميت لا يرق بحال وما قلت لا يرق بحال ففيه غرة كاملة، وأي جنين جعلته مسلما بكل حال بإسلام أحد أبويه جعلته جنين مسلم. وأقل ما يكون به السقط جنينا فيه غرة أن يتبين من خلقه شيء يفارق المضغة أو العلقة أصبع أو ظفر أو عين أو ما بان من خلق ابن آدم سوى هذا كله ففيه غرة كاملة وإن جنى جان على امرأة فجاءت مكانها أو بعد بجنين فقالت هذا الذي ألقيت وأنكر الجاني لم يقبل قولها وكان القول قوله بيمينه ولا تلزمه الجناية إلا بإقراره أو ببينة تقوم عليه رجلان أو رجل وامرأتان أو أربع نسوة بأنها ألقت هذا أو ألقت جنينا فإن شهدوا أنها ألقت شيئا ولم يثبتوا الشيء وجاءت بجنين فقالت: هذا هو وأنكر أن يكون الذي ألقت فالقول قول الجاني عليها مع يمينه، وكذلك لو ألقته فدفنته ولم تثبته الشهود جنينا بأن يتبين فيه خلق آدمي ولم تختلف رواية من روى عن النبي أنه لم يسأل عن الجنين ذكر هو أو أنثى فإذا ألقته المرأة ميتا فسواء ذكران الأجنة وإناثهم في أن في كل واحد منهم غرة عبد أو أمة، وفي: (أن رسول الله قضى في الجنين بغرة) دليل على أن الحكم في الجنين غير الحكم في أمه وإذا ألقت المرأة جنينا ميتا وعاشت أمه فدية الجنين موروثة كما يورث لو ألقته حيا ثم مات يرثه أبواه معا أو أمه إن لم يكن له أب ترثه مع من ورثه معها وإن لم يخرج إلا من الضرب الذي سقط به الجنين فلا شيء لها في الضرب؛ لأن الألم وإن وقع عليها فالتلف وقع على جنينها في جوفها. وإن جرحها جرحا له أرش أو فيه حكومة فلها أرش الجراح والحكومة فيه دون ما في الجنين؛ لأنها جناية عليها، ودية الجنين موروثة لها ولأبيه أو ورثته إن لم يكن أبوه حيا معها [قال]: وبهذا قلنا إذا ألقت المرأة أجنة موتى قبل موتها وبعده فذلك كله سواء وفي كل جنين منهم غرة ولها ميراثها مما ألقته وهي حية وما ألقته بعد الموت لم ترثه؛ لأنه لم يخرج وهي ترثه ولم يرثها؛ لأنه لم يخرج حيا فيرثها وإنما يرث الأحياء وإذا ألقت جنينين يجمعهما شيء من خلقة الإنسان لم يلزم عاقلته إلا دية جنين واحد وذلك أن تلقي بدنين مفترقين في رأس واحد أو في رقبتين مفترقتي الصدرين واليدين ويجمعهما رجلان أو أربعة أرجل إلا أنهما لا يفرقان بأن خلقا في الجلدة العليا أو فيها أو في أكثر منها فإن خرجا في جلدة بطن فشقت عنهما وبقيا ببدنين متفرقين فهما جنينان فيهما غرتان ولو كانا ناقصين أو أحدهما إذا بان في كل واحد منهما من خلقة الإنسان شيء فهما جنينان إذا خلقا متفرقين. وإذا ألقت الجنين حيا ثم مات مكانه ففيه دية حر كاملة إن كان ذكرا فمائة من الإبل وإن كان أنثى فخمسون من الإبل ولا تعرف حياة الجنين إلا برضاع أو استهلال أو نفس أو حركة لا تكون إلا حركة حي، وإذا ألقته فادعت حياته فالقول قول الجاني في أنها ألقته ميتا وعلى وارث الجنين البينة فإن أقر الجاني على الجنين أنه خرج حيا وأنكرت عاقلته خروجه حيا وأقرت بخروجه ميتا أو قامت بينة بخروجه ولم تثبت له موتا ولا حياة ضمنت العاقلة دية الجنين ميتا وضمن الجاني تمام دية نفس حية إن كان ذكرا ضمن تسعة أعشار ونصف عشر دية رجل وذلك خمس وتسعون من الإبل فإذا كان أنثى فتسعة أعشار دية أنثى وذلك خمس وأربعون من الإبل. [قال]: وإن قامت بينة أنه خرج حيا وبينة أنه سقط ميتا فالقول قول البينة التي شهدت على الحياة؛ لأن الحياة قد تكون فلا يعلمها شهود حاضرون ويعلمها آخرون فيشهدون على أنه خرج ميتا بأنهم رأوه خارجا لم يعلموا حياته، ولو كانت البينة قامت على الجاني بإقراره بأنه خرج حيا وقامت أخرى بأنه قال خرج ميتا وليس هذا ولا الباب قبله تضادا في الشهادة يسقط به كلها [قال]: وإذا ألقت جنينين أحدهما قبل الآخر أو معا فشهد الشهود على أنهم سمعوا لأحد الجنينين صوتا أو رأوا له حركة حياة ولم يثبتوا أيهما كان الحي قبلت شهاداتهم ولزم عاقلة الجاني دية جنين حي ودية جنين ميت، فإن كانا ذكرين لزمت العاقلة في الحي دية نفس رجل، وإن كانتا أنثيين لزمت العاقلة دية أنثى، وإن كانا ذكرا وأنثى لزمت العاقلة دية أنثى؛ لأنها اليقين ولم أعط وارث الجنين الفضل بين دية المرأة والرجل بالشك [قال]: وإن أقر الجاني أن الذي خرج حيا ذكر أعطت العاقلة دية أنثى والجاني تمام دية رجل وهو نصف دية رجل خمسين من الإبل ويلزم العاقلة دية جنين غرة مع دية الحي، ولو ضرب رجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ثم ماتت وألقت بعد الموت جنينا حيا ثم مات ورثت المرأة الجنين الذي خرج قبل موتها وورثها الجنين الذي خرج حيا بعد موتها وورثه بعد موته ورثته غيرها؛ لأنها لم ترثه. ولو ألقت جنينا حيا ثم ماتت ومات فاختلف ورثتها وورثة الجنين فقال ورثة الجنين: ماتت قبل موت الجنين فورثها وقال: ورثتها ماتت بعد الجنين فورثته لم يرث واحد منهما صاحبه وكانوا كالقوم يموتون لا يدرى أيهم مات أولا ويرثهم ورثتهم الأحياء بعد يمين كل واحد من الفريقين على دعوى صاحبه [قال]: وإذا ألقت المرأة جنينا حيا ثم جنى عليه رجل فقتله فعليه القود وليس على الجاني عليه حين أجهضت أمه دية جنين وفيه حكومة لأمه خاصة بقدر الألم عليها في الإجهاض الذي هو شبيه بالجرح [قال]: ولو قتله الجاني عليه عمدا أو جرح أمه جرحا لا أرش له كان عليه القود وفي ماله حكومة لأمه ولو قتله خطأ كانت دية النفس على عاقلته، وكذلك أمه إن كانت هي القاتلة خطأ فديته على عاقلتها وإن كانت قتلته عمدا فديته في مالها. وكذلك أبوه وآباؤه وأمهاته؛ لأنه لا يقاد ولد من والد ولا يرث الجنين واحد من القاتلين قتله عمدا أو خطأ وسواء في أن دية الجنين دية نفس حية إذا عرف حياة الجنين خرج لتمام أو أجهض قبل التمام [قال]: والمرأة التي قضى النبي بدية الجنين على عاقلتها عمدت ضرب المرأة بعمود بيتها فإذا جنى الرجل أو المرأة على حامل فأجهضت جنينا ميتا أو حيا فمات وكانت جنايته بسيف أو بما يكون بمثله القود فلا قود في الجنين، وإن خلص ألم الجناية إلى الجنين فأجهضته فجنايته في غير حكم العمد المقصود به قصد من يقاد لا حائل دونه وإذا ماتت المرأة فلها القود. وإن أراد ورثتها الدية ففي مال الجاني إذا كان ضربها بما يقاد من مثله وإن كان لا يقاد من مثله فعلى عاقلة الجاني الدية؛ لأن هذا يشبه الخطأ العمد الذي حكم فيه النبي وسواء فيما وصفت من أنه لا يقاد من الجاني على أم الجنين ليجهض الجنين حيا ثم يموت الجنين عمد بطنها أو فرجها أو ظهرها بضرب ليقتل ولدها أو أرادهما عمدا؛ لأن وقع الجناية بالأم دون الجنين.

كتاب الأم - كتاب جراح العمد
أصل تحريم القتل من القرآن | قتل الولدان | تحريم القتل من السنة | جماع إيجاب القصاص في العمد | من عليه القصاص في القتل وما دونه | باب العمد الذي يكون فيه القصاص | باب العمد فيما دون النفس | الحكم في قتل العمد | ولاة القصاص | باب الشهادة في العفو | باب عفو المجني عليه الجناية | جناية العبد على الحر فيبتاعه الحر والعفو عنه | جناية المرأة على الرجل فينكحها بالجناية | الشهادة في الجناية | الشهادة في الأقضية | ما تقبل عليه الشهادة في الجناية | تشاح الأولياء على القصاص | تعدي الوكيل والولي في القتل | الوكالة | قتل الرجل بالمرأة | قتل الرجل النفر | الثلاثة يقتلون الرجل يصيبونه بجرح | قتل الحر بالعبد | قتل الخنثى | العبد يقتل بالعبد | الحر يقتل العبد | جراح النفر الرجل الواحد فيموت | ما يسقط فيه القصاص من العمد | الرجل يجد مع امرأته رجلا فيقتله أو يدخل عليه بيته فيقتله | الرجل يحبس للرجل حتى يقتله | منع الرجل نفسه وحريمه | التعدي في الاطلاع ودخول المنزل | ما جاء في الرجل يقتل ابنه | قتل المسلم ببلاد الحرب | ما قتل أهل دار الحرب من المسلمين فأصابوا من أموالهم | ما أصاب المسلمون في يد أهل الردة من متاع المسلمين | من لا قصاص بينه لاختلاف الدينين | شرك من لا قصاص عليه | الزحفان يلتقيان | قتل الإمام | أمر السيد عبده | الرجل يسقي الرجل السم أو يضطره إلى سبع | المرأة تقتل حبلى وتقتل | تحول حال المشرك يجرح حتى إذا جني عليه وحال الجاني | الحكم بين أهل الذمة في القتل | ردة المسلم قبل يجني وبعد ما يجني وردة المجني عليه بعد ما يجنى عليه | ردة المجني عليه وتحول حاله | تحول حال المجني عليه بالعتق والجاني يعتق بعد رق | جماع القصاص فيما دون النفس | تفريع القصاص فيما دون النفس من الأطراف | أمر الحاكم بالقود | زيادة الجناية | دواء الجرح | جناية المجروح على نفسه | من يلي القصاص | خطأ المقتص | ما يكون به القصاص | العلل في القود | ذهاب البصر | النقص في البصر | اختلاف الجاني والمجني عليه في البصر | الجناية على العين القائمة | في السمع | الرجل يعمد الرجلين بالضربة أو الرمية | النقص في الجاني المقتص منه | الحال التي إذا قتل بها الرجل أقيد منه | الجراح بعد الجراح | الرجل يقتل الرجل فيعدو عليه أجنبي فيقتله | الجناية على اليدين والرجلين | الرجلين | الأليتين | الأنثيين | الجناية على ركب المرأة | عقل الأصابع | أرش الموضحة | الهاشمة | المنقلة | المأمومة | ما دون الموضحة من الشجاج | الشجاج في الوجه | الجائفة | ما لا يكون جائفة | كسر العظام | العوج والعرج في كسر العظام | كسر الصلب والعنق | كسر الصلب | النوافذ في العظام | ذهاب العقل من الجناية | سلخ الجلد | قطع الأظفار | غم الرجل وخنقه | الحكومة | التقاء الفارسين | صدمة الرجل الآخر | اصطدام السفينتين | جناية السلطان | ميراث الدية | عفو المجني عليه في العمد والخطأ | القسامة | من يقسم ويقسم فيه وعليه | الورثة يقسمون | بيان ما يحلف عليه القسامة | عدد الأيمان على كل حالف | نكول الورثة واختلافهم في القسامة ومن يدعى عليهم | ما يسقط حقوق أهل القسامة من الاختلاف وما لا يسقطها | الخطأ والعمد في القسامة | القسامة بالبينة وغيرها | اختلاف المدعي والمدعى عليه في الدم | باب الإقرار والنكول والدعوى في الدم | قتل الرجل في الجماعة | نكول المدعى عليهم بالدم عن الأيمان | باب دعوى الدم | باب كيف اليمين على الدم | يمين المدعي على القتل | يمين المدعى عليه من إقراره | يمين مدعي الدم | التحفظ في اليمين | عتق أمهات الأولاد والجناية عليهن | الجناية على أم الولد | مسألة الجنين | الجناية على العبد | ديات الرجال الأحرار المسلمين | دية المعاهد | دية المرأة | دية الخنثى | دية الجنين | جنين المرأة الحرة | جنين الذمية | جنين الأمة | جنين الأمة تعتق والذمية تسلم | حلول الدية | أسنان الإبل في العمد وشبه العمد | سنان الإبل في الخطأ | في تغليظ الدية | أي الإبل على العاقلة | إعواز الإبل | العيب في الإبل | ما تحمل العاقلة من الدية ومن يحملها منهم | عقل الموالي | عقل الحلفاء | عقل من لا يعرف نسبه | أين تكون العاقلة | جماع الديات فيما دون النفس | باب دية الأنف | الدية على المارن | كسر الأنف وذهاب الشم | الدية في اللسان | اللهاة | دية الذكر | ذكر الخنثى | دية العينين | دية أشفار العينين | دية الحاجبين واللحية والرأس | دية الأذنين | دية الشفتين | دية اللحيين | دية الأسنان | ما يحدث من النقص في الأسنان | العيب في ألوان الأسنان | أسنان الصبي | السن الزائدة | قلع السن وكسرها | حلمتي الثديين | النكاح على أرش الجناية