كتاب الأم/كتاب جراح العمد/جناية العبد على الحر فيبتاعه الحر والعفو عنه
[قال الشافعي]: وإذا جنى عبد على حر جناية فيها قصاص فعليه القصاص أو الأرش والجناية والدية كلها في رقبة العبد فإن عفا القصاص والأرش جاز العفو إن صح منها من رأس المال، وإن مات منها أو من غيرها قبل أن يصح جاز العفو؛ لأنه من الثلث يضرب به سيد العبد في ثلث مال الميت مع أهل الوصايا بالأقل من الدية والأرش ما كان أو قيمة رقبة عبده ليس عليه غيره وإنما أجزناها هنا أنها وصية لسيد العبد وسيده ليس بقاتل، ولو كانت جناية العبد على الحر موضحة فقال: قد عفوت عنه القصاص والعقل وما يحدث في الجناية جاز له العفو عن الموضحة ولم يجز له ما بقي؛ لأنه عفا عما لم يجب له ولم يوص إن وجب له أن يعفو عنه، ولو أنه قال إن مت من الموضحة أو ازدادت فزيادتها بالموت وغيره وصية له جاز العفو من الثلث، ألا ترى أن رجلا لو كان له في يدي رجل مال فقال: ما ربح فيه فلان فهو هبة لفلان لم يجز ولو قال وصية لفلان جاز.
[قال الشافعي]: ولو كان العبد جنى على الحر جناية أقر بها العبد ولم تقم بها بينة فقال الحر: قد عفوت الجناية وعقلها أو ما يحدث فيها لم يكن له قصاص بحال العفو وكان العقل إنما يجب على العبد إذا عتق فكان عفوه عنه العقل كعفوه عن الحد يجوز للعبد منه إذا عتق ما يجوز للجاني الحر المعفو عنه ويرد عنه ما يرد عن الحر.
ولو جنى عبد على حر موضحة عمدا فابتاع الحر العبد من سيده بالموضحة كان هذا عفوا للقصاص فيها ولم يجز البيع إلا أن يعلما معا أرش الموضحة فيبتاع المجني عليه العبد فيكون البيع جائزا، وهكذا لو كانت أكثر من موضحة أو أقل؛ لأن الأثمان لا تجوز إلا معلومة عند البائع والمشتري.
[قال الشافعي]: ولو وجد المشتري بالعبد عيبا كان له رده وكان له في عنقه أرش الجناية بالغا ما بلغ، ولو أخذه بشراء فاسد فمات في يدي المشتري كانت على المشتري قيمته يحاص بها من أرش الجناية التي وجبت له في عنقه.
ولو أن عبدا جنى على حر عمدا فأعتق سيد العبد العبد وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم فسواء وللحر القود إلا أن يشاء العقل فإن شاء فعلى السيد المعتق الأقل من أرش العقل أو قيمة رقبة العبد وجناية العبد على الحر عمدا وخطأ سواء.