كتاب الأم/كتاب الجزية/من له عذر بالضعف والمرض والزمانة في ترك الجهاد
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل في الجهاد: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله} الآية. وقال {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}. [وقال الشافعي] رحمه الله تعالى: وقيل الأعرج المقعد والأغلب أنه الأعرج في الرجل الواحدة، وقيل نزلت في أن لا حرج أن لا يجاهدوا، وهو أشبه ما قالوا وغير محتمل غيره وهم داخلون في حد الضعفاء وغير خارجين من فرض الحج، ولا الصلاة، ولا الصوم، ولا الحدود، ولا يحتمل والله تعالى أعلم أن يكون أريد بهذه الآية إلا وضع الحرج في الجهاد دون غيره من الفرائض.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: الغزو غزوان: غزو يبعد عن المغازي، وهو ما بلغ مسيرة ليلتين قاصدتين حيث تقصر الصلاة وتقدم مواقيت الحج من مكة وغزو يقرب، وهو ما كان دون ليلتين مما لا تقصر فيه الصلاة وما هو أقرب من المواقيت إلى مكة.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كان الغزو البعيد لم يلزم القوي السالم البدن كله إذا لم يجد مركبا وسلاحا ونفقة ويدع لمن تلزمه نفقته قوته إذن قدر ما يرى أنه يلبث، وإن وجد بعض هذا دون بعض فهو ممن لا يجد ما ينفق.
[قال الشافعي]: رحمه الله: نزلت {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا}، الآية.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا وجد هذا كله دخل في جملة من يلزمه فرض الجهاد فإن تهيأ للغزو، ولم يخرج، أو خرج، ولم يبلغ موضع الغزو، أو بلغه ثم أصابه مرض، أو صار ممن لا يجد في أي هذه المواضع كان فله أن يرجع، وقد صار من أهل العذر، فإن ثبت كان أحب إلي ووسعه الثبوت، وإذا كان ممن لم يكن لهم قوتهم لم يحل له أن يغزو على الابتداء، ولا يثبت في الغزو إن غزا، ولا يكون له أن يضيع فرضا ويتطوع؛ لأنه إذا لم يجد فهو متطوع بالغزو، ومن قلت له أن لا يغزو فله أن يرجع إذا غزا بالعذر وكان ذلك له ما لم يلتق الزحفان، فإذا التقيا لم يكن له ذلك حتى يتفرقا.