كتاب الأم/كتاب البيوع/باب بيع الكلاب وغيرها من الحيوان غير المأكول
أخبرنا الربيع قال [الشافعي]: أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله ﷺ (نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن).
قال: قال مالك فلذلك أكره بيع الكلاب الضواري وغير الضواري أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال (من اقتنى كلبا إلا كلب ماشية أو ضاريا نقص من عمله كل يوم قيراطان) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن خصيفة أن السائب بن يزيد أخبره أنه سمع سفيان بن أبي زهير وهو رجل من شنوءة من أصحاب النبي ﷺ يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول (من اقتنى كلبا نقص من عمله كل يوم قيراطا) قالوا أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ؟ قال: إي ورب هذا المسجد، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر (أن رسول الله ﷺ أمر بقتل الكلاب).
[قال الشافعي]: وبهذا نقول لا يحل للكلب ثمن بحال، وإذا لم يحل ثمنه لم يحل أن يتخذه إلا صاحب صيد أو حرث أو ماشية وإلا لم يحل له أن يتخذه ولم يكن له إن قتله أخذ ثمن إنما يكون الثمن فيما قتل مما يملك إذا كان يحل أن يكون له في الحياة ثمن يشترى به ويباع.
قال: ولا يحل اقتناؤه إلا لصاحب صيد أو زرع أو. ماشية أو ما كان في معناه لما جاء فيه عن رسول الله ﷺ وأمر رسول الله ﷺ بقتل الكلاب يدل على أنها لو صلحت أن يكون لها أثمان بحال لما جاز قتلها ولكان لمالكها بيعها فيأخذ أثمانها لتصير إلى من يحل له قنيتهما.
قال: ولا يحل السلم فيها؛ لأنه بيع وما أخذ في شيء يملك فيه بحال معجلا أو مؤخرا أو بقيمته في حياة أو موت فهو ثمن من الأثمان ولا يحل للكلب ثمن لما وصفنا من نهي النبي ﷺ عن ثمنه ولو حل ثمنه حل حلوان الكاهن ومهر البغي.
قال: وقد قال النبي ﷺ (من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية نقص كل يوم من عمله قيراطان) وقال (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة).
قال: وقد نصب الله عز وجل الخنزير فسماه رجسا وحرمه فلا يحل أن يخرج له ثمن معجل ولا مؤخر ولا قيمة بحال ولو قتله إنسان لم يكن فيه قيمة وما لا يحل ثمنه مما يملك لا تحل قيمته؛ لأن القيمة ثمن من الأثمان.
قال: وما كان فيه منفعة في حياته بيع من الناس غير الكلب والخنزير، وإن لم يحل أكله فلا بأس بابتياعه وما كان لا بأس بابتياعه لم يكن بالسلف فيه بأس إذا كان لا ينقطع من أيدي الناس، ومن ملكه فقتله غيره فعليه قيمته في الوقت الذي قتله فيه، وما كان منه معلما فقتله معلما فقيمته معلما كما تكون قيمة العبد معلما وذلك مثل الفهد يعلم الصيد والبازي والشاهين والصقر وغيرها من الجوارح المعلمة ومثل الهر والحمار الإنسي والبغل وغيرها مما فيه منفعة حيا، وإن لم يؤكل لحمه.
قال: فأما الضبع والثعلب فيؤكلان ويباعان وهما مخالفان لما وصفت يجوز فيهما السلف إن كان انقطاعهما في الحين الذي يسلف فيهما مأمونا الأمان الظاهر عند الناس، ومن قتلهما وهما لأحد غرم ثمنهما كما يغرم ثمن الظبي وغيره من الوحش المملوك غيرهما.
[قال الشافعي]: وكل ما لا منفعة فيه من وحش مثل الحدأة والرخمة والبغاثة وما لا يصيد من الطير الذي لا يؤكل لحمه ومثل اللحكة والقطا والخنافس وما أشبه هذا فأرى والله تعالى أعلم أن لا يجوز شراؤه ولا بيعه بدين ولا غيره، ولا يكون على أحد لو حبسه رجل عنده فقتله رجل له قيمة وكذلك الفأر والجرذان والوزغان؛ لأنه لا معنى للمنفعة فيه حيا ولا مذبوحا ولا ميتا فإذا اشترى هذا أشبه أن يكون أكل المال بالباطل وقد نهى الله عز وجل عن أكل المال بالباطل؛ لأنه إنما أجيز للمسلمين بيع ما انتفعوا به مأكولا أو مستمتعا به في حياته لمنفعة تقع موقعا ولا منفعة في هذا تقع موقعا، وإذا نهي عن بيع ضراب الفحل وهو منفعة إذا تم؛ لأنها ليست بعين تملك لمنفعة، كان ما لا منفعة فيه بحال أولى أن ينهى عن ثمنه عندي والله تعالى أعلم.