كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب العلم/باب فضل العلم ومن علم وعلم
باب فضل العلم ومن علم وعلم
[عدل]وهو قوله تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتو العلم درجات والله بما تعملون خبير)
قال أبو الحسن الدارقطني: حدثنا ابن صاعد، ثنا زهير بن محمد والحسن ابن أبي الربيع - واللفظ له - ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش قال: " جئت صفوان بن عسال المرادي فقال: ما جاء بك؟ فقلت: جئت أطلب العلم. قال: فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: ما من خارج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضى بما يصنع ".
أكثر ما روى هذا الحديث موقوفا.
أبو داود: حدثنا مسدد، ثنا عبد الله بن داود، سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة يحدث، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس قال: " كنت جالسا مع أبي الدرداء في مسجد دمشق، فجاءه رجل فقال: يا أبا الدرداء، إني جئتك من مدينة الرسول ﷺ لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله ﷺ ما جئتك لحاجة. قال: فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، وإن العالم ليسغتفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ".
قال أبو بكر البزار - وذكر طرفا من هذا الحديث -: لا نعلم هذا الحديث يروى عن رسول الله ﷺ بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه، وإسناده صالح، وداود ابن جميل وكثير بن قيس لا نعلمهما معروفين في غير هذا الحديث.
والذي ذكره أبو بكر من هذا الحديث: " العلماء خلفاء الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم ".
رواه عن نصر بن علي، عن عبد الله بن داود.
أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس، ثنا زائدة، عن الأعمش، عن أبي / صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: " ما من رجل يسلك طريقا يطلب فيه علما إلا سهل الله له به طريق الجنة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ".
الترمذي: حدثنا نصر بن علي، ثنا خالد بن يزيد العتكي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: " من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع ". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم فلم يرفعه.
البخاري: حدثنا سعيد بن عفير، ثنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال حميد بن عبد الرحمن: سمعت معاوية خطيبا يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ".
الترمذي: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، ثنا خلف بن أيوب العامري عن عوف، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: " خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت ولا فقه في الدين ".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، ولا نعرف هذا الحديث من حديث عوف إلا من [حديث] هذا الشيخ خلف بن أيوب، ولم أرا أحدا يروي عنه غير أبي كريب، ولا أدري كيف هو. انتهى كلام أبي عيسى.
قال ابن أبي حاتم: خلف بن أيوب العامري، روى عن عوف ومعمر وإسرائيل، روى عنه أبو كريب ومحمد بن مقاتل المروزي وأبو معمر، وسألت أبي عنه فقال: يروى عنه.
البزار: حدثنا الفضل بن سهل، ثنا أحمد بن محمد بن أيوب، ثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: " إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وألهمه رشده ".
قال أبو بكر: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن أبي بكر إلا أحمد بن محمد بن أيوب. انتهى كلام أبي بكر.
قال أحمد بن حنبل: / أحمد بن محمد بن أيوب ليس به بأس.
الترمذي: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، ثنا سلمة بن رجاء، ثنا الوليد ابن جميل، ثنا القاسم أبو عبد الرحمن، عن أبي أمامة الباهلي قال: " ذكر لرسول الله ﷺ رجلان، أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله ﷺ: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثم قال رسول الله ﷺ: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب. انتهى كلام أبي عيسى.
قال ابن أبي حاتم: الوليد بن جميل القرشي أبو الحجاج الفلسطيني، روى عن القاسم بن عبد الرحمن ويحيى بن أبي كثير، روى عنه هاشم بن القاسم أبو النضر وصدقة بن عبد الله السمين وسلمة بن رجاء ويزيد بن هارون، رضيه علي بن المديني، وضعفه أبو زرعة.
والقاسم بن عبد الرحمن هذا هو أبو عبد الرحمن الشامي مولى عبد الرحمن ابن خالد بن يزيد بن معاوية، كان من وجهاء دمشق، روى عنه يحيى بن الحارث الذماري وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وغيرهما، ذكره أحمد بن حنبل فقال: يروي علي بن زيد عنه أعاجيب. وتكلم فيها وقال: ما أرى هذا إلا من قبل القاسم. انتهى كلام ابن أبي حاتم. القاسم هذا وثقه البخاري - رحمه الله.
الترمذي: حدثنا محمد بن إسماعيل، ثنا إبراهيم بن موسى، أنا الوليد ابن مسلم، ثنا روح بن جناح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: " فقيه أشد على الشيطان من ألف عابد ".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الوليد. انتهى كلام أبي عيسى قال أبو حاتم: روح بن جناح لا بأس به.
البزار: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، ثنا عبيد بن جناد، ثنا عطاء بن مسلم، عن خالد الحذاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: " اغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا، ولا تكن الخامس فتهلك ".
قال البزار: لم يتابع عطاء على هذا الحديث، انتهى كلام / أبي بكر.
عطاء هذا هو ابن مسلم الخفاف، وثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: كان عطاء شيخا صالحا، دفن كتبه، وليس بقوي.
وعبيدة بن جناد هذا هو الحلبي، روى عن عطاء وابن المبارك، روى عنه أحمد بن أبي الحواري وأبو زرعة وغيرهما، سئل عنه أبو حاتم فقال: صدوق لم أكتب عنه.
ومحمد بن عبد الرحيم هذا هو أبو يحيى صاحب السامري المعروف بصاعقة، ثقة معروف.
مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو عامر الأشعري ومحمد بن العلاء - واللفظ لأبي عامر - قالوا: ثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي ﷺ قال: " إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا، وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان، لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ".
أبو بردة: اسمه عامر بن عبد الله.
أبو داود: (حدثنا يحيى بن أيوب، ثنا إسماعيل بن جعفر، ثنا العلاء بن عبد الرحمن) عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء: من صدقة جارية، أو علم (يثبت) ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ".
أبو بكر بن أبي شيبة: عن أبي خالد الأحمر، عن الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: " مثل علم لا يعمل به كمثل كنز لا ينفق منه ". الهجري هو إبراهيم بن مسلم، وهو يضعف.