من وهن ، وانصرفت بناتها وخدمها واتباعها ، إلى اعداد الدار التي شهدت شبابها ، وأخذت تهيىء الغرفة ، التي عاشت فيها مع محمد ، خمسا وعشرين سنة ، لم تذكر أنه قد دب فيها بينهما خلاف ، والغرفة التى شبت فيها بناتها ، فكن لأمهن العون ، ولأبيهن السلوى ، والغرفة التى كان محمد ، يعتزل الناس فيها و يستقبل الوحي ، ويقوم الليل كله ، لا ينقص منه إلا قليلا ، والعلية ، التي كانت تشرف فيها على الرائحين والغادين ، والتى رأت منها محمدا وغلامها ميسره ، عند أوبتها ، بتجارتها في تلك الأيام الغر الميامين .
ودبت الحياة مرة أخرى فى جنبات هذه الدار المقدسة ، يزورها الأهل والأقرباء ، ويلوذ بها المحتاجون والضعفاء ، وخديجة التى أشرفت على الخامسة والستين ، دائبة الحركة دائبة العمل ، لا تدخر النماء من قوتها ، كما لم تدخره من مالها .
وعاد محمد ينشر دعوته ، على أهل مكة ومن يفد عليها في الموسم ، فذاع أمره ، بين قبائل العرب جميعا ، وكثر اتباعه ومع هذا كله لم يسلم أصحابه من أذى قريش ، ولم يستطع هو ،
لهم منعا .