واشتكى أبو طالب ، وقد نيف على الثمانين ، وقعدت به الشيخوخة ، وبلغ قريش ثقله ، فقال بعضها البعض : إن حمزة وعمر قد أسلما ، وفشا أمر محمد ، فى قبائل قريش كلها ، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب ، فليأخذ لنا على ابن أخيه ، وليعطه منا، والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا .
ومشوا إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ، إنك منا حيث تعلم ، وقد حضرك ما ترى ، وتخوفنا عليك ، وأنت تعلم الذى بيننا وبين ابن أخيك ، فادعه فخذ له منا ، وخذ لنا منه ، ليكف عنا ، ونكف عنه ، وليدعنا وديننا ، وندعه ودينه .
وبعث اليه أبو طالب ، فجاءه ، فقال : يا ابن أخي . هؤلاء أشراف قومك ، قد اجتمعوا لك ، ليعطوك ، وليأخذوا منك ، فعرض رسول الله عليهم الاسلام، فأبوا مستكبرين ، ومضوا مستهزئين .
وأفضى رسول الله ، بما دار بينه وبينهم إلى خديجة صاحبة مشورته ، فعجبت من هؤلاء القوم ، يدعون إلى الحق ، فتوصد قلوبهم دونه ، وأدركت أنهم لن يسكتوا عن أذى المسلمين وعن أذى النبى نفسه ، حتى يقضى الله بأمره . وها هو أبو طالب،