بها مع عمه أبى طالب فأحيت فى نفسه ذكريات تلك الرحلة.. كانت قريبة الشبه بها فما كاد ينزل ببصرى من أرض الشام حتى لقى فيها راهباً آخر أطلع رأسه الى ميسرة وقال له: من هذا الرجل الذى نزل تحت هذه الشجرة؟
فقال له ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم.
فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبى.
واستطاع محمد بأمانته، وحسن تصريفه أن يتجر بأموال خديجة، فيربح لها أكثر مما ربح غيره، وكان ميسرة اذا كانت الهاجرة، واشتد الحر، يرى ملكين يظلان محمداً من الشمس وهو يسير على بعيره. ولما آن له ولميسرة أن يعودا ابتاع لخديجة من تجارة الشام، كل ما رغبت اليه أن يأتيها به.
وانطلقا حتى دخلا مكة فى الظهيرة، ورأت خديجة محمداً، وكانت فى عليَّة لها، فنزلت حين دخل دارها واستقبلته.
أخذ يقص عليها أنباء رحلته وهى مأخوذة بحديثه الساحر، مغتبطة بما ساقه الله على يديه من ربح سابغ، ورزق وفير.
وأقبل ميسرة من بعده، فحكى لسيدته ما شاهده من رقة صاحبه، ونبل أخلاقه، وقص عليها ما سمعه من الراهب