ثم أجمع أمره وزفها إلى أبي هالة بن زرارة التميمى ، وكان رجلا ناضجا غير جهم ، جوادا في غير سرف ، حسدها عليه بنات قريش لسماحته وغناه ، وأنجبت له ولدا فقر به عينا لأنه سيحفظ اسمه وجاهه . ثم أنجبت له آخر فازداد به فرحا وبزوجه — «أم البنين» تعلقا وكلفا ، وازدادت بنات قريش خديجة حسدا ، وسميا الولدين .. هاله وهندا .. على عادة العرب يضعون للذكور أحيانا أسماء الاناث ، وقاية لهما من مر حاسد إذا حسد .
وعرفت أم هند للتميمى قدره ، فكانت تسهر عليه ، وتصفيه ودها ، وتملأ داره بشراً وأنسا، وعرفت حق ولديها فكانت ترعاهما وتغمرهما حبا وعطفا .
ولكن هناءها لم يدم ، فقضى زوجها ولما نزل في ريعان شبابها ، مات ولما يشب طفلاها عن الطوق ، فتبدل أمنها خوفا وجزعا ، لا يخفف منهما ما ترك من ثروة طائلة ومال عريض .
وأقبل خويلد على ابنته ، وقد غلبه الحزن يواسيها، ويرفه عنها ، ويطلب لها الصبر الجميل ، فأذعنت أم هند للقدر ، ورضيت بما قسم لها ، ولم تحد بصرها وقد تأيمت ، وتيتم طفلاها إلى من حولها من بنات ، وأكثرهن ، أقل منها مالا وجمالا ،