٧٩
سلك برفيريوس عند رجوعه من القسطنطينية إلى غزة طريق البحر ، وقد
قضى في سيره هذا عشرة أيام ( خمسة إلى رودس وخمسة إلى ميومة فرضة غزة )
فاستقبله أهل ميومة ، وكانوا كلهم مسيحيين ، والفريق الذي تنصر من أهل
مدينة غزة ، استقبالا حسناً . وأما الوثنيون فقد ثار تأثرهم ، ولا سيما عندما اتصل
جهم أن الامبراطور احتفى به ، وان الأمر قد صدر بهدم معابدهم.
عهد الامبراطور الى كينجيوس ( Cynegius ) بتنفيذ إرادته ، فوصل هذا إلى غزة بعد رجوع اسقفها إليها بعشرة أيام ؛ وكان معه حاكم ، وأمير واعوان كثيرون ملكيون وعسكريون ، وكتيبة من الجند البيزنطيين وعدد من الموظفين ؛ مجمع السكان وقرأ عليهم الامر الامبراطوري القائل باغلاق المعابد الوثنية .
فتار تأثر الوثنيين ، واحتجوا على هذا الامر الذي اعتبروه تدخلا بشؤونهم الدينية. بيد أن مندوب الامبراطور لم يعبأ باحتجاجهم ، بل أمر بضربهم بالعصي والنابيت ؟ ثم أمر الجند بتنفيذ الامر فقام هؤلاء وهدموا بأيديهم وبمساعدة المسيحيين من سكان المدينة وبجارتها (۱) ، معابد الوثنيين كلها .
دامت عملية الهدم عشرة أيام ، لاقى الجند خلالها أشد انواع المقاومة ؟ ولا سيما عند معبد ) مارنيون ) (۳) فقد لاقوا مقاومة عجيبة . إذ سد رؤساء الدين 6 جميع أبوابه ومنافذه بالحجارة الكبيرة. وعندما أيقنوا أن محاولاتهم لا محالة فاشلة . وان معبدهم لا بد وأن يدوسه الجند فيهدموه ، حفروا حفرة اخفوا فيها الجواهر والكنوز الثمينة التي كانت لديهم، ثم ولوا هاربين. فاحتل الجند المعبد، وحرقوه. وكان عدد كبير من سكان المدينة قد غادرها قبل وصول جند الامبراطور ، فصادر كينجيوس املاكهم ومنازلهم. وفي نفس المكان الذي كان فيه معبد مارنا هذا انشئت ) عام ٤٠٧م ( الكنيسة التي تبرعت بنفقاتها الامبراطورة افدو كسيه ، وسميت على إسمها افدوكسيانة ( Fudoxiana ( وكانت أعظم كنيسة في ذلك الوقت.
۹ - ويظهر أن روح الكره والعداء قد اشتدت وتأصلت في قلوب
(۱) سكان قرضة ميومة ، وقد تتصروا قبل هذا الحادث ، وكان ينهم وبين
الغزيين عداء شديداً من جراء ذلك
(۲). المكان الذى فيه الجامع العمري الكبير في الوقت الحاضر •