ـ٧٧ـ
من ورائه ؛ فمر كرنيليوس الشماس . ورآه بين حي وميت ، فحمله وأتى به
حتفه
إلى المدينة. عندها غضب الوثنيون ، ومجموا عليه ، وضربوه بحجة أنه أدخل ميتا للمدينة.
فبلغ الخبر القديس برفيريوس ، فأسرع إلى المكان الذي وقع فيه الحادث
وأخذ يلاطف الثائرين ، ويتوسل إليهم .. وثابر على هذا المنوال حتى تمكن من إخماد
غيظهم ، وتسكين خواطرهم. ثم أعادوا الكرة ، فتشددت عزائم باروخاس الذي
كانوا يظنونه ميتاً ؛ فتناول قطعة من الخشب ، وهجم عليهم ؛ فتشتت شملهم ،
وطاردهم حتى هيكل مارنا .
وفي يوم من الأيام سار المسيحيون في جنازة رجل مات من رجالهم ، فدخلوا المدينة وراء النعش ويظهر أن ذلك كان مخالفاً لعادات الغزيين في ذلك الحين ، إذ كانت المقبرة خارج سور المدينة . فغضبوا لهذا العمل ، وراحوا يهاجمون المسيحيين . فقام على أثر ذلك ( محافظ للدينة ) (۱) مع عدد من رجال الشرطة واثنين من الاعيان . وأنحى هؤلاء باللائمة على المسيحيين لسلوكهم الذي استوجب غضب الوثنيين .
٧- لم يستطع اسقف غزة ( برفيريوس ( صبراً حيال الاضطهاد الذي كان يقع في كل يوم على ابناء طائفته ، فأرسل شماسه (مرقس ) إلى القسطنطينية واستصدر هذا أمراً من السلطات العليا لاغلاق جميع المعابد الوثنية في غزة واستعان على ذلك بكتيبة من رجال الدرك المسيحيين جاء والتنفيذ الأمر من عسقلان بقيادة ضابطهم هيلاريوس ( Hilarius ) .. فجاء هذا ونفذ الأمر شكلا ولكنه لم ينفذه فعلا . إذ أنه اكتفى بتبليغ الامر للوثنيين محرماً عليهم عبادة الأصنام (۳۹۸) م ) . ولكن هذا الأمر ظل يومئذ حبراً على ورق ؛ فظلت المعابد قائمة ، وعبادة الأوثان جارية ، تارة جهراً وطوراً بالخفاء . وقد قيل يومئذ أن هيلاريوس هذا قبض من الوثنيين مبلغاً كبيراً من الذهب لقاء سماحه للوثنيين بالاحتفاظ بعا با هم والمثابرة على عبادتهم .
-۸- وما يرح اضطهاد المسيحيين قائماً في غزة رغم هذه التدابير كلها ، فاعتزم برفيريوس القيام باجراآت اخرى. وقد سافر إلى قيارية ليستشير رئيس
(١) وكان يدعى Defensor Populi أي حامي الشعب