-٥٩-
۱۸ - وقبل أن نختم هذا الفصل ، نرى لزاماً علينا أن نقول كلمة في الطابع الذي تركه عصر اليونان في هذه البلاد، والآثار القديمة التي وجدت فيها ، ولها صلة بذلك العصر.
. أما مميزات عصر اليونان في هذه البلاد فهي : أ ظهور العنصر اليوناني وانتشاره في جميع أنحاء البلاد بكثرة تلفت الانظار. حتى انهم امتزجوا بسكان البلاد الأصليين ، وناسبوهم .
ب انتشار اللغة اليونانية انتشاراً أصبحت معه لغة البلاد الرسمية ، ولغة العلم والمدارس . وأما اللغة التي كان يستعملها أهل البلاد الأصليين فقد كانت يومئذ اللغة الآرامية .
ج اقتباس أهل البلاد الصناعات اليونانية ، ولا سما صناعة الفسيفساء التي انتشرت بكثرة في الأبنية سواء أكانت هذه في المدن أم في القرى .
د انتشار الحضارة اليونانية والثقافة اليونانية . فقد أسس اليونان المدارس ، وبذلوا كل ما في وسعهم لينشروا عن هذه الطريقة آدابهم وافكارهم ومبادئهم وتقاليدهم ، حتى ومعتقداتهم الدينية. وقد ظلت مدارس غزة محتفظة بشهرتها اجيالا طوالا . حتى انها كانت في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد ممتازة في تعليم الفلسفة والبلاغة . وقال بعضهم ان طلاب المدارس في القرن الخامس الميلاد كانوا يتركون مدارسهم في اثينا ، ويأتون إلى غزة ليتموا تحصيلهم في مدارسها . كما وأن الفرس كانوا يستعيرون اساتذتهم من مدارس غزة ومعاهدها . وقد انجبت هذه المعاهد عدداً كبيراً من الفلاسفة ومشاهير العلماء.
ه إنشاء مرفأ ( ميومة ) على شاطيء البحر بالقرب من غزة . فقد انشوء هذا المرفأ في عهد اليونان واتسع نطاقه و انشئت حوله المباني الجميلة ودور السكن؛ حتى غدا بحد ذاته ( مدينة مستقلة ) يحيط بها سور كبير.
و وقصارى القول ان عصر اليونان في غزة كان عصرها الذهبي ، وكان الناس يومئذ يسمونها ( غزة المقدسة ) و ( غزة المستقلة ) و ( غزة المضيئة ) و ( غزة العظيمة ) . وفي الحقيقة كانت يومئذ أكبر مدن سوريا على الاطلاق.
۱۹ - يقول الاستاذ ( كليرمان غانو ) في كتابه ( الابحاث الاثرية بفلسطين) (۱)
(۱) * Archaeological Researches in Palestine »