ولم يكن فيها سوى خمارة واحدة، وستة مقاه، كما لم يكن فيها فنادق، وإنما كان فيها عدد غير قليل من الخانات يأوي إليها المسافرون. واحد هذه الخانات كان (خان الزيت) المشهور الملاصق للجامع العمري الكبير من القبلة. وهو من أملاك آل رضوان. وقد كان فيها مسلخ واحد ولم يكن فيها صيدلية، وإنما كان فيها دكاكين للعطارة تباع فيها بعض الأعشاب والعقاقير ،ومع ذلك فقد كانت غزة من الوجهة الاقتصادية ترتع يومئذ في بحبوحة من العيش والرخاء إذ كانت نفقات العيش فيها رخيصة للغاية وكان بإمكان كان الأسرة ذات الخمسة أفراد من الطبقة المتوسطة أن تعيش باثني عشر قرشا تركيا في اليوم ، أو ما يقرب من الليرتين في الشهر ، وكان لكل غزي دار يقطنها . إلا أن الموظف الغريب فإنه كان يستأجر أحسن دار بعشر ليرات في السنة على أكثر تقدير . وكانت أجرة العامل في الحقل لا تزيد عن ثمانية قروش أي بنسبة قرشين ونصف قرش من عمله هذا اليوم وأما خادم المنزل فإنه كان يخدم من غير أجر بل كان يكتفي بما يقدم إليه من منام وطعام ولباس وكان بإمكان المرء أن يكسي عائلته ويطعمها بأرخص الأثمان إذ ان رطل اللحم (٩٠٠ درهمًا) يباع بثمانية قروش تركية ، وكذلك قل عن صاع ستة أرطال القمح وأما السمنة فرطلها بنصف ريال تركي والزيت فالجرة منه (٦٦ أوقية) بنصف ليرة فرنسوية،وكذلك قل عن السيرج وقد كان حمل البندورة (صندوقان) يباع بأربعمائة قروش، والباذنجان بثمانية، ورطل السمك بعشرة قروش، والخروف الكبير بمجيديين، والصغير بمجيدي واحد.
وعلى ذكر الأوزان والمكاييل التركية نقول: أن الوحدة المعترف بها في الأوزان كانت (الرطل) وهو مؤلف من اثني عشر أوقية، أو تسعماية درهم، وأما الحبوب فقد كانت تكال؛ (الصاع) وهو عبارة عن ستة أرطال،و(المسحة) وهي عبارة عن خمسة أرطال.
وعلى ذكر العملة التركية نقول: أن هذه كانت تضرب في دار أعدت لضرب المسكوكات في القسطنطينية وهي ذات أنواع عديدة. ما ضرب على عهد السلطان محمود منها سمي (محمودية) وما ضرب على عهد السلطان عبد المجيد سمي (مجيدية) وكذلك قل عن (العزيزية) التي ضربت في زمن السلطان عبد العزيز و(الحميدية) التي ضربت في زمن السلطان عبد المجيد، و(الرشادية) التي ضربت في زمن السلطان رشاد، أما (العملة المحمودية) فإنها نوعان (عملة مغشوشة) وهي عبارة عن البشلك (قرشان ونصف)، والوزري (خمسة قروش) والعشراوية (متاليك) وأما (العملة الذهبية) فإنها عبارة عن خيرية، ومحمودية والحقيقة أن العملة