-١٤٩-
فاستدعى السلطان امراءه ، وأمرهم يجمع الأموال من الناس . وألزم أرباب العقارات والأغنياء بمال تقرر على كل منهم . فنزل بالناس ضرر عظيم . وكذلك وقع القلعة في الشام . وأخذ من الأغنياء ثلث أموالهم ومن القرويين قسماً من غلالهم .
وقد هرب عدد كبير من التركمان والأكراد الذين استخدمهم السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون عندما علموا بعبور التتر الفرات . خرج السلطان من بمصر في يوم السبت ۱۳ صفر ، وتبعه الامراء والعساكر . فار الجميع إلى غزة ، وأقاموا بها يومين . فورد الخبر بمسير غازان بعد عبوره الفرات نحو انطاكية . فجفل الناس بين يديه، وخلت حلب. ثم أمر السلطان الجيوش بالمسير ن غزة ، فرحلوا إلى العوجاء. وأصاب العسكر مطر شديد ، واشتد الغلاء ، وأضعف البرد الدواب والغلمان ، وبلغ ثمن الحمل من التين أربعين درهماً ، والعليقة الشعير ثلاثة دراهم ، والخبز كل ثلاثة أرغفة بدرهم ، واللحم كل رطل بثلاثة دراهم. ووقع الراحلون في الأوحال العظيمة .
ولكن بالرغم من هذه الضائقات كان النصر في المعارك التي وقعت وقتئذ بين الفريقين حليف السلطان وعساكره ، وانهزم النتر . وسرحت الطيور بالنصر إلى غزة . وأمر نائب غزة جندها بمنع المنهزمين من عساكر السلطان من التوجه إلى مصر . فتتبعهم نائب غزة ، وتتبع من نهب الخزائن السلطانية فأخذها منهم واحتفظ بها . وأدركت عربان البلاد التتر وأخذوا في كيدهم . فدخل السلطان دمشق ظافراً. وفي سنة ۷۰۲ ه عاد التتر للتحرش بالبلاد السورية . فاستشار الملك الناصر محمد بن قلاوون الأميرين سلار النائب والأتابك بيبرس الجاشنكير فنودي بالنفير العام . وخرج السلطان مع عسكر . . ومعه الخليفة المستكفي بالله أبو الربيع سليمان ، وسائر الامراء . فالتقى مع التر في ( مرج راهط ) . وكان على رأسهم ( جاليش غازان ) أحد أحفاد هولاكو. وكان مع الملك الناصر ما يقرب من ۲۰۰,۰۰۰ انسان من العساكر المصرية والشامية وعربان غزة وجبل نابلس . فكان النصر حليف الملك الناصر وقتل من المماليك والأمراء نحو ۱۵۰۰ مملوك عدا العربان والمشاة والعبيد والعلمان
۱۷ - ولقد نبغ من المماليك يومئذ رجل يدعى الجاولي . ولما كان لهذا الرجل شأن كبير في غزة ، فقد آثرنا أن نقتبس من تاريخ حياته (۱) الأسطر التالية :
(١) الأنس الجليل . •