١٥٠
إنه الأمير الكبير علم الدين أبو سعيد سنجر بن عبدالله الجاولي . ولد سنة ٦٥٣هـ بآمد. ثم صار لأمير من الظاهرية يسمى جاولي . وانتقل بعد موته إلى بيت المنصور . ثم صار من المقربين إلى الأمير سالار . ويظهر أن الجاولي كان من الذكاء في درجة ظهر له معها في القاهرة حساد كثيرون ، ومن هؤلاء الحاد كاتب الأمير بيبرس ) التاج بن سعيد الدولة ) . فقد ظل هذا يوغر صدر الأمير بيبرس على الجاولي حتى انقلب حبه إلى بغض . ولم يقف البغض عند هذا الحد، فقد تعداه إلى ما هو أدهى وأمر . إذ التجأ الجاولي إلى الأمير سالار . وكان هذا شديد المحبة له منذ القديم . فكان بين الأميرين بيبرس وسالار عتاب ، وكان جفاء . ولم يجد نصح سالار نفعاً . إذ كان بيبرس يعتقد أن الجاولي ينهب أموال الناس ، ولو لا ذلك ما قام بما قام به من المبرات التي لا تحصى. ولذلك ظل يحط من كرامة الجاولي ، ويؤذيه بالشتم والتهديد . واشتدت الأزمة بين بيبرس وسالار من أجل الجاولي حتى أخذ الناس يتوقعون حدوث فتنة لا قبل للبلاد بها. إلى أن توسط العقلاء فتم الإتفاق بينهما على أن : « يرفع الترسيم عن الجاولي بشرط أن يخرج إلى الشام بطالا . ) فسافر هذا من يومه بعد ما قطع خبزه عنه . ثم أنعم عليه بعد وصوله إلى دمشق بامرة طبلخاناة ( ٥٧٠٦) . وفي زمن الملك الناصر محمد بن قلاوون ولي نظارة الحرمين الشريفين ، ونيابة القدس الشريف . وقد انشأ وهو في القدس مدرسة . ثم تولى نيابة الخليل ، وانشأ وهو في الخليل المسجد المعروف بالجاولية بالقرب من مسجد الخليل . ثم تولى نيابة غزة (۱) (۷۱۱ه ) ، قنال من الشهرة والنفوذ حداً لم يصله أحد من قبله ممن تولوا نيابة غزة. حتى أنه هاجم وهو قائم عليها قلعة (سلح) (٢) . وكان معه عشرة آلاف فارس . وحاصرها مدة عشرين يوماً إلى أن أخذها بسنة ٧١٧ه وقتل من أهلها ستين رجلا ، وغنم العسكر منها شيئاً كثيراً . وقد رتب الجاولي بها رجالا ، ثم عاد إلى غزة .
(١) أى أنه صار خلفاً لنائب غزة الأمير قطلوقتمر الذى قبض عليه يومئذ ( ۷۱۱ ه ) وكان الأمير قطلو قتمر قد تسلم النيابة من سلفه الأمير بكتمر الحاجب الذي صار وزيراً فى القاهرة ٧١٠ ) ، والأمير بكتمر خلف بلبان البدرى فى نيابة غزة ) ۷۱۰ هـ ) . وهذا استقر في النيابة بدلا من الأمير يبرس العلائى الذى تولى نيابة غزة ثم عزل في عام ٧٠٩ للهجرة .
(۲) قال ياقوت في معجمه أن هذا الموضع بوادى موسى قرب بيت المقدس. وعندى أنها هي البتراء