النظر في مقال تطور اللغة في الفاظها واساليبها فوجدت الكاتب الأديب صاحبها اتى بشيء منه واصاب بعض شواكله، ولكنه خرج فيه احياناً عما هو من باب تطور اللغة باختلاف الاعصر والأمصار الى ماليس منه كتمثيله لهذا التطور بقوله ان السوريين كانوا يجمعون لفظة ميل بمعنى الهوى على اميال كسيف واسياف وقد شاع هذا الجمع في مصر وسورية دهراً طويلاً ثم رأينا أن المصريين اخذوا يجمعونه على ميول كسيف وسيوف وكلا الجمعين صحيح ولعل السوريين يعدلون مع الايام عن اميال الى ميول بحكم التقليد.
والحقيقة أن ليس هذا العدول عن اميال الى ميول اثراً من آثار التطور الذي اراده بل كانت العامة ومن لا يحقق في اللغة من الخاصة يجمعون ميلاً بفتح الميم على اميال يجرونها مجرى ميل بكسر الميم. فجاء من قال لهم ان فعلاً بفتح الفاء لا يجمع على افعال بل على فعول وان كان ورد شيء من ذلك فمن الذي لا يقاس عليه فعدل عند ذلك الكتاب عن جمع ميل بالفتح على اميال الى جمعه على ميول نظير بيع وبيوع ، وقد سبق أنهم كانوا يجمعون خصما على اخصام وقد رأيت هذا الجمع في كلام كاتب مصري من الادباء الراسخين الذين نبغوا منذ نحو نصف قرن فلما نبه بعضهم الى أن جمع خصم علي اخصام غلط عدلوا الى جمعه الصحيح على خصوم فلا نجد كاتباً الآن الا وهو يقول خصوم ويتجنب اخصام . ثم انه قد ورد في كلام اليازجي الكبير جمع فعل بفتح الفاء على افعال وذلك في قوله " مضى يجمع الافضال وهي عبيده فعابوه فيه وذكر ذلك احمد فارس في مناقشة مع ابنه، فلذلك لا يجمع فضلا على افضال اليوم الا العامة يقولون لا ننكر افضالك . فانت ترى ان