هذا في اللغة، واما الأساليب فهناك مذهبان مذهب قديم ومذهب جديد . واني أحاول هنا ان أشير إلى الفرق بين المذهبين على قدر ماتعين عليه البصيرة الضعيفة . مما اولع به اصحاب المذهب القديم الى يومنا هذا تكرار الكلام في غير مواطن التكرار ، والاسراف في استعمال المترادفات على غير حاجة اليها ولا فائدة منها . فهم لا يأتون بكلمة الا اتبعوها بمرادفاتها ، فاذا قالوا تمادى الرجل في ضلاله ، قالوا ولج في غوايته وعمه في طغيانه ومضى على غلوائه. واذا قالوا احزنني هذا الأمر، قالوا وشجاني وامضي وارمضني واقلقني واقض مضجعي . واذا قالوا سرني امر كذا قالوا وافرحتي وحبرني وابهجني وابلجني و اثلج صدري . وهنا استأذن القارى الكريم بتقديم مثل على ذلك من رسالة أمامي لكاتب كبير قال : يا اخواننا ان الصارخة القومية ، والنعرة الجنسية ، قد بدأت في الاقوام، ونشأت مع الامم ، مذ الكيان، ومنذ وجد الاجتماع البشري ، وتساكن الانسان مع الانسان ، وقال « مهما انتبذ لنفسه مكانا منزوياً وتنحى جانب ا معتزلا وقال مهما ترامت به عن منبته الاقطار وتباينت بينه وبين أهله الاوطان والأوطار وقال وان هذه النعرة الجنسية والحمية القومية وان عم أمرها جميع الامم ، ولم يخل منها عرب ولا عجم، فقد اختص منها العرب بالشقص الاوفر والحظ الآكمل » فتأمل . وسلب ذلك اما قلة البضاعة ونزارة المادة الفكرية ، واصحاب هذا المذهب يحسبون ان اللغة هي كل شيء ، فاذا حمل احدهم على ظهر قلبه مقامات الحريري وديوان الحماسة والمعلقات والمفضليات فقد صار كاتباً