انتقل إلى المحتوى

صفحة:لماذا تأخر المسلمون.pdf/144

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

السلطان عبد الحميد لكان قد تم الى البلد الحرام، ولكن من بعده فترت الهمة بإكماله وجاءت الحرب وعواقبها فقضت بإهماله . ثم ان هذا الخط جاء من أبدع الخطوط الحديدية في العالم ، صادفت مرة فيه أحد كبراء مسامي الهند من أعضاء مجلسها الأعلى وهو ممن تثقفوا ثقافة انكليزية محضة وتخرج من جامعة اكسفورد فقال لي : يوجد في نفس انكلترة سكة حديدية تضاهي في الاتقان هذه السكة ولو لم أشاهدها بعيوني ما صدقت بوجودها. وبالفعل لم يصدق كثير من المسلمين اخبارها فأرسلوا وفوداً يشاهدونها بأعينهم، فكان المسافر يصل من دمشق الى المدينة في ليلتين وكانت دمشق تستفيد كل سنة من هذا الخط ما يقارب ٢٠٠ الف جنيه وعمرت القرى التي مر بها الخط وارتفعت أثمان الأراضي ارتفاعاً مدهشاً وتضاعف عمران المدينة المنورة اضعافاً ، هذا فضلاً عما توفر من المشاق والاخطار على الحجاج والزائرين والنجار والمسافرين . واما الصعوبات الطبيعية التي كانوا يقدرونها فلم يصح منها شيء واما الاعراب فلم يقع منهم على الخط ادنى اعتداء. وكان عند كل محطة من محاط الخط قلعة فيها جند للمحافظة وكل تلك المحطات والقلاع كانت مبنية امتن بناء . ولما كان لا يتاح لغير المسلمين دخول ارض الحجاز فكان انشاء الخط اي القسم الداخل منه في الحجاز كله على أيدي مهندسين مسلمين حتى ان مايستر باشا الالماني نفسه لم يتجاوز في اشرافه بلدة تبوك عن اعتراض ولما ذهبت الى المدينة المنورة زائراً النبي وذلك سنة ١٣٣٠ هـ كنت اسمع ان عدم مد الخط الحديدي من المدينة إلى مكة نشأ قبائل العرب من حرب وغيرها وانهم لا يسمحون بمرور الخط في أراضيهم ففحصت عن هذه القضية فوجدت اكثرها هراء وافتراء ، وسألت شيوخ القبائل عما يقال من معارضتهم في انشاء السكة فقالوا :

127

١٤٦