و الاباحة ، ومن هرم الدول الذي يتكلم عنه ابن خلدون ، وغير ذلك من أسباب السقوط الداخلية منضمة اليها غارات البرابرة من الخارج ، فكانت ثمة أسباب قاسرة مؤدية الى السقوط الذي كان لا بد منه بد منه ، فلو فرضنا ان النصرانية لم تكن جاءت وقتئذ لم يكن الرومان ولا اليونان نجوا من عواقب تلك الحوادث ولا تخطتهم نتائج تلك الاسباب فدعوى بعض المؤرخين الاوروبيين ان تغلب المسيحية على اليونان والرومان أختى على عظمتها ، وذهب بمدنيتها ليس فيه من الصحيح إلا كون الاوضاع الجديدة تذهب بالاوضاع القديمة ، سنة الله في خلقه وأنه في هيئة هذا التحول لا بد من اضطراب الاحوال و انحلال القواعد واستحكام الفوضى وإلا فلا أحد يقدر أن يقول : ان الوثنية أصلح للعمران من النصرانية (١) وهذه الدعوى كادت تكمون أشبه بدعوى اعداء الاسلام الذين يزعمون القديم (۱) علماء المسلمين يعتقدون أن النصرانية على ما طرأ عليها من الوثنية بالتثليث الوثني أصلح لأنفس البشر من الوثنية الخالصة ولكنها ليست اصلح ولا أقبل للعمران المدني الذي تتنافس فيه أوروبة وغيرها لانها ديانة مبنية على المبالغة في الزهد والخضوع لكل حكم دنيوي ، والعمران لا يتم ولا يسمو الا بالسيادة والملك والغنى، ومن قواعد الانجيل ان الجمل إذا دخل في ثقب الإبرة فالغني لا يدخل ملكوت السموات، ونعتقد ايضا ان جميع ما جاء به المسيح عليه السلام من الدين فهو حق وكان البشر في اشد الحاجة الى ما فيه من المبالغة في الزهد والتواضع لمقاومة ما كان عليه اليهود وحكامهم الروم ( الرومان ( من الطمع والكبرياء والعتو وان هذا كان تمهيداً للاسلام الدين الوسط المعتدل الجامع بين مصالح الدنيا والآخرة فما ذكرناه اعتقادنا يتضمن اعترافنا بحقية دين المسيح في نفسه وبكونه من عند الله تعالى مع التعارض بينه وبين ديننا الناسخ له من ومن وظيفتي ان أبين هذا في حاشية مقال كتب للمنار باقتراح من احد تلاميذ المنار على أمير البيان ( ر ) .
۱۲۷