شأن الحضارات البشرية بأجمعها ان يأخذ بعضها عن بعض ويكمل بعضها بعضاً ، فالحلم الحقيقي ينحصر في هذا الحديث الشريف و الحكمة ضالة المؤمن ينشدها ولو في الصين ) وهذه من اقدس قواعد الاسلام . (1) وعلى كل حال لا يقدر مكابر أن يكابر ان الإسلام كان له دور عظيم في الدنيا سواء في الفتوحات الروحية أو العقلية أو المادية ، وان هذه الفتوحات قد اتسقت له في دور لا يزيد على ثمانين سنة ، مما أجمع الناس على انه لم يتسق لأمة قبله أصلا وكان نابليون الأول لشدة دهشته من تاريخ الاسلام يقول في جزيرة سنتهيلانة : ان العرب فتحوا الدنيا في نصف قرن لا غير . وتأمل أيها القارىء في ان قائل هذا القول هو بونابرت الذي لم تكن تملأ عينيه الفتوحات مهما كانت عظيمة وَتَعْظَمُ فِي عَيْن الصَّغِيرِ صِغَارُهَا وَتَصْغَرُ فِي عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِمُ فهذا رجل عظيم جداً استعظم حادث العرب الذي لم يسبق نظيره في التاريخ ، وقد بقي دور العرب هو الأول في وقته ، ولبثوا وهم المسيطرون في الأرض ، لا يضارعهم مضارع ، ولا يغالبهم مغالب ، مدة ثلاثة قرون أو أربعة . ثم اخذوا بالانحطاط ، وجعلت ظلالهم تتقلص عن البلدان (۱) هذا مضمون حديثين احدهما « الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها » رواه الترمذي من حديث أبي هريرة ، ورواه غيره بمعناه مع اختلاف في اللفظ . والثاني « اطلبوا العلم ولو بالصين ، وذكره الكاتب في موضع آخر وهناك نذكر من اخرجه (راجع ص ٩٥) (ر) .
١٢٤