انتقل إلى المحتوى

صفحة:ذو النورين عثمان بن عفان (المكتبة العصرية).pdf/3

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولقد تساءل الكاتب : ماذا صنعت العقيدة اذن بنفوس الحاکمین والمحكومين ؟ وماذا تغير في الامر عما كان عليه من فتك الجاهليين بعد قتال المؤمنين ، وايمان الكافرين ؟ ولكنه استدرك بأن العقيدة لا تبطل الخلاف والنزاع ، ولا تلغي الحوادث والخصومات ، وإلا كانت شللا معطلا لحياة الأمم ، ومعوقا لمجرى التاريخ - ولا عجب اذن ان كان الناس قد ابتلوا بشرور تفوق الخصومات ، اذ ليس المطلوب من العقيدة ابطالها ، وإنما أن ترتفع بالنفوس عن أن تكون في غیر شأن ، أو شأن هزيل ضئيل ، فدورها الحقيقي : ايقاظ القيم ، وتحريك .. الهمم f 1 وعلى هذا لم یکن مدار البحث الخصومات والاحداث ، وانما القيم والمبادىء التي دارت عليها الخصومات والاحداث 0 ولقد كان مدار الخصومة ، محاسبة الرعية للامام ، ومحاسبة الامام لنفسه . وقارن الكاتب بين ما كان عليه أبناء الجاهلية والبادية وحكومات الجزيرة العربية من غمط حق المحكوم في محاسبة الحاكم ، حيث كانت شرعة الحكام وقتئذ طغيانا مطلقا من جميع القيود ۰۰۰ وبين ما وصلت اليه الأمور في اطار التطور إلى حد محاسبة الخليفة على كل صغيرة وكبيرة ، و من كل صغیسر و كبير ، وهذا ما حققته العقيدة الاسلامية على أعقاب الجاهلية . ولئن كانت المأرب الذاتية وراء كل محاسبة لعثمان ، فان هذا كان عيب الحركة ، وان لم يكن عيبا لحق المحاسبية ، لان محاسبة الحكام كانت قيمة جديدة في الصدر الأول من الاسلام ، فنادى بها الخاصة والعامة ، وظلت عاملا مهما في السياسة أيام الخلافة ، وبعد أن مسار الحكم ملكا متوارثا ولقد بلغ عثمان الذروة في محاسبة نفسه ، وتحرجه من المساس بالحياة البشرية ولو في سبيل الحفاظ على حياته ، فلما أيقن القتل رفض أن يبقى في داره من بقتل أحدا ممن يحيطون به ، ولما طلب منه التنحي أبي ، ولم يكن اباؤه حرصا منه على السلطان ، فلا شيء أغلى من الحياة وقد هانت عليه ، ولا يزعم أحد. أنه غنم من الخلافة مالا ، فقد ترك الدنيا وماله دون ما كان عليه يوم استخلف ، ولكنه خاف جريرة التنحي ، وما سيعقب ذلك من نزاع وقتال • وان من خلال المؤرخين ، أنهم يجعلون التطور السياسي ومقتل عثمان شيئا واحدا نعبد الله بن سبأ الملقب بابن السوداء ، أهون من أن يحدث التطور السياسي ، وليس بكثير عليه في الوقت نفسه أن يتحمل جريرة قتل عثمان ، وعلى هذا فالتطور السياسي غير مقتل عثمان ، وكل منهما له أسبابه وعوامله وفاجعة عثمان لا ينظر اليها كما ينظر إلى مصارع رؤساء الدول في عهد الثورات مثل الثورة الانجليزية مع شارل الأول ، والفرنسية على لويس f 4