وقناطر هذا النهر «بباريس» ست عشرة قنطرة، فمنها قنطرة تسمى قنطرة بستان النباتات، ولها أربعمائة (ص ٥٥) قدم من الطول وعرضها سبعة وثلاثون قدمًا، ولهذه القنطرة خمسة قواصير من الحديد محكمة ومسندة على حجارة من أحجار النحاتة، وقد بنيت هذه القنطرة في خمس سنوات، وصرف فيها ثلاثون مليونًا من الفرنكات، يعني ثلاثين ألف ألف فرنك، وتسمى هذه القنطرة: قنطرة «استرلتز»، سميت بذلك باسم محل غلب فيه «نابليون» ملك «النيمسا والموسقو»، فيقال لهذه الواقعة واقعة: «استرلتز». ويقال لها واقعة موسم تتويج نابليون.
«واسترلتز» بلدة وقعت هذه النصرة بقربها، وهذه النصرة تستحق عند الفرنساوية الذكر الجميل على مر الدهور؛ فلذلك أبدوها ببناء هذه القنطرة، فتسميتها بهذا الاسم للتذكار وبقاء الآثار.
ونهر السين يشق «باريس» نحو فرسخين، وعرضه فيه مختلف؛ فعند القنطرة المتقدمة يكون من الطول مائة وستة وستين مترًا.
وقوة سير مياهه المتوسطة عشرون برمقًا.1 في كل ثانية، أو ألف ومائتان في كل دقيقة.
وسطح أرض «باريس» صنفان؛ فالأول «جبس» والثاني طين، ماء نهر «السين» بعد زيادته، وأرضها مركبة من راقات مختلفة، فالراق الأول مزرعة طينية مرملة ذات حصى. الثاني: طَفل مختلط بجبس وصدف، الثالث: طفل صواني، الرابع: طفل جيري صدفي، الخامس: حجر الجير المخلوط بصدف، السادس: البحر الملح. السابع: طين شبيه بالإبليزي الثامن: من طباشير وجير مفحوم طباشيري.
ثم إن هذه المدينة مشقوقة ومحوطة2 بصوف أشجار مرصوصة على سمت الخطوط المتوازية، لا يخرج بعضها عن بعض أبدًا، وعلى منوالها بطريق «شبرا» وفي «أبي زعبل» و«جهاد أباد»3 وهي مورقة في أيام الحر، يستظل المار بها من حر الشمس، وتسمى «البلوار»4 (بضم الباء وسكون اللام) فيوجد في «باريس» (بلوارات) خارجة