انتقل إلى المحتوى

صفحة:تخليص الإبريز في تلخيص باريز - هنداوي.pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تخليص الإبريز في تلخيص باريز

جهدهم في التوقي من مضارها، نسأل الله تعالى الوقاية من برد الزمهرير، فلو تعهدت مصر وتوفرت فيها أدوات العمران، لكانت سلطان المدن ورئيسة بلاد الدنيا، كما هو شائع على لسان الناس من قولهم: مصر أم الدنيا، وقد مدحتها مدة إقامتي «بباريس» بقصيدة وهي:

ناح الحمام على غصون البان فأباح شيمة مغرم ولهان
ما خلته مذ صاح إلا أنه أضحى فقيد أليفه ويعاني
وكأنه يلقي إلي إشارة كيف اصطباري مذ نأى خلاني
مع أنني والله مذ فارقتهم ما طاب لي عيشي وصفو زماني
لكنني صب أصون تلهفي حتى كأني لست باللهفان
وبباطن الأحشاء نار لو بدت جمراتها ما طاقها الثقلان
أبكي دمًا من مهجتي لفراقهم وأود ألا تشعر العينان
لي مذهب في عشقهم واريته ومذاهب العشاق في إعلان
ماذا عليَّ إذا كتمت صبابتي حتى لو ان الموت في الكتمان
ما أحسن القتلى بأغصان النقا ما أطيب الأحزان بالغزلان
قالوا أتهوى والهوى يكسو الفتى أبدًا ثياب مذلة وهوان
فأجبتهم لو صح هذا إنني أختار ذلي فيه طول زماني
والذل للعشاق غير معرة بل عين كل معزة للعاني
أصبو إلى من حاز قدًّا أهيفًا يزري ترنحه بغصن البان
وأحن نحو شقيق تم خده قد نم فيه شقائق النعمان
ويروقني أبدًا نزاهة مقلتي في حسن طلعة فاتك فتان
أمسي وأصبح بين شعر حالك ومنير وجه هكذا الملوان
ولطالما قضيت معْهُ حقبة ونسيم مصر معطر الأردان
زمن عليَّ به لمصر (فديتها) حق وثيق عاطل النكران
أو شابهت عيناي فائض نيلها لم توف بعض شفائه أحزاني
أو لو حكى قلبي بحار علومها طربًا لما أخلو من الخفقان
ولكم بأزهرها شموس أشرقت وأنارت الأكوان بالعرفان
فشذا عبير علومهم عم الورى وسرت مآثرهم لكل مكان
٧٨