وقول الآخر:
فإن هذا معناه التسلية لمن لا يحب الأسفار، أو النهي عن السفر للطمع.
وأما بلاد (ص ٢٢) جزائر البحر المحيط، فإنها قد فتح كثير منها بالإسلام، كجزيرة «جاوة»، فإن أهلها مسلمون، وبالجملة فبلاد «النوتازية» أغلبها إسلام، وندر وجود دين النصرانية فيها.
ومن ذلك كله تعلم أنه يمكن أن أقسام الدنيا الخمسة يصح تفضيل بعضها على بعض، ويعني تفضيل جزء بتمامه على الآخر بتمامه، بحسب مزية الإسلام وتعلقاته، فحينئذ تكون «آسيا» أفضل الجميع، ثم تليها «أفريقية» لعمارها بالإسلام والأولياء والصلحاء، خصوصًا باشتمالها على مصر القاهرة، ثم تليها بلاد «أوروبا» لقوة الإسلام، ووجود الإمام الأعظم، إمام الحرمين الشريفين، سلطان الإسلام فيها، ثم بلاد الجزائر البحرية؛ لعمارها بالإسلام أيضًا مع عدم تبحرها في العلوم كما هو الظاهر، فأدنى الأقسام بلاد «أمريكة»؛ حيث لا وجود للإسلام بها أبدًا، هذا ما يظهر لي، والله أعلم بالصواب.
وهذا كله بالنظر للإسلام، والأمور الشرعية، والشرف الذاتي، فإن المراد بالشرف ما يعم الشرعي وغيره، فلا يقال: أن أغلب ذلك من باب المزية، وهي وحدها لا تستدعي أفضلية.
ولا ينكر منصف أن بلاد الإفرنج الآن في غاية البراعة في العلوم الحكمية وأعلاها في التبحر في ذلك، بلاد الإنكليز، والفرنسيس، والنمسا، فإن حكماءها فاقوا الحكماء المتقدمين، كأرسطاطاليس، وأفلاطون، وبقراط، وأمثالهم، وأتقنوا الرياضيات، والطبيعيات، والإلهيات، وما وراء الطبيعيات أشد إتقان، وفلسفتهم أخلص من فلسفة المتقدمين؛ لما أنهم يقيمون الأدلة على وجود الله تعالى، وبقاء الأرواح، والثواب والعقاب.
- ↑ في المطبوعة «لا يعييني».