المقدمة
كبيدق لا يزال محتقرًا
حتى إذا سار فرزانا1
وقال:
أنفق من الصبر الجميل، فإنه
لم يخش فقرًا منفقٌ من صبره
والمرء ليس ببالغ في أرضه
كالصقر ليس بصائدٍ في وكره
ومن المعلوم أن الدر والمسك لا يشرفان ما لم يفارقا وطنهما ومعدنهما، وكل هذا لا ينافي أن حب الوطن من شعب الإيمان؛ لأن المقصود السياحة، والأخذ في أسباب طلب الرزق، وهذا لا يمنع من تعلق الإنسان بوطنه ومسقط رأسه، فإن هذا أمر جبِلِّي، قال الشاعر:
يا بعيد الدار عن وطنه
مفردًا يبكي على شجنه
كلما جد الرحيل به
زادت الأسقام في بدنه
وقال غيره:
ولقد زاد الفؤاد شجى
طائر يبكي على فننه
شفه ما شفني، فبكى
كلنا يبكي على سكنه
ولا ينافي أيضًا هذا الأمر مادة التوكل والاعتماد على المولى، كما يفهم من كلام الشاعر في قوله:
لقد علمت، وما الإسراف من خلقي
أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
- ↑ البيدق: الجندي الراجل، وهو اسم لقطعة في الشطرنج، والفرزان: الوزير، قطعة في الشطرنج أيضًا، يشير الشاعر إلى أن البيدق لا يزال يتحرك في مكانه من قطعة الشطرنج، إلى أن يحل في مكان الوزير. بعد أن يفقده صاحبه، فيكون مطلق الحرية في التحرك كما يشاء يمينًا ويسارًا وإلى الإمام، وإلى الخلف.
٢٩