ثم بلاد «الأفريقية»، وهي محددة جهة الشمال ببحر الروم، وجهة الغرب بالبحر الأطلنتيقي، المسمى: بحر الظلمات ويسمى بحر المغرب، وجهة الجنوب بالبحر المحيط الجنوبي، وجهة الشرق ببحر الهند، «وببغاز باب المندب» وببحر «القلزم»، المسمى: البحر الأحمر، وببلاد العرب.
ويمكن تقسم «الأفريقية» إلى ثمان أراض أصلية: اثنتان في الشمال، وهي: بلاد المغاربة، وبلاد مصر.
وأربعة في الوسط، وهي: «السينيغبينيا»،1 وبلاد «الزنج»، وبلاد «النوبة، وبلاد «الحبشة». واثنتان في الجنوب وهما: بلاد «غينا» وبلاد «كفرية».2 فهذا ما يسمى الآن عند الإفرنج: بلاد أفريقية، وإن كانت «إفريقية» في الأصل بلدة (ص ١٦) معلومة جهة «تونس» وما حواليها، ثم أضيف إلى بلاد أوروبا ما قاربها من الجزائر، وكذلك لبلاد «آسيا» و«أفريقية» وهذه الأقسام الثلاثة يعني «أوروبا» و«آسيا» و«أفريقية» تسمى: الدنيا القديمة. أو الأرض القديمة، يعني المعروفة للقدماء.
وأما بلاد «أمريكة» أو «أمريقة»، (بالكاف أو القاف) فتسمى: الدنيا الجديدة، وتسمى أيضًا: الهند الغربي، وتسمى في بعض الكتب العربية (عجائب المخلوقات).
وهي إنما عرفت للإفرنج بعد تغلب النصارى على بلاد الأندلس، وإخراج العرب منها، فإن هذا الوقت كان مبدأ للسياحة، وجوب البحر المحيط، واستكشاف البلاد بإعانة الدول لأرباب الأسفار والملاحة.
وأما الآن فقد كانت السياحة تكون عند الإفرنج فنًا من الفنون، فليس كل أحد يحسنها، ولا كان دولة تتقنها؛ وذلك أنه لما كثرت الآلات الفلكية والطبيعية، سهلت الاستكشافات البرية والبحرية، وتداولت الأسفار، واستكشفت الأماكن والأقطار، وضم إلى ما يعرف من قديم الزمان، هذه الدنيا الجديدة التي انتظمت في سلك معرفة أولى العرفان.