انتقل إلى المحتوى

صفحة:الروض العاطر في نزهة الخاطر.pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

‫قال‪ :‬فكنت كلما أكلمها في نكحها تقول هذه الأبيات فلا أفهم لها معنى ولا أجد لها جواب ًا أسال كل مـن‬ ‫أعرفه من أهل الحكمة والمعرفة بالأشعار فلا يرد على ما يشفى غليلى فلم أزل كذلك حتى أخبرت بأني‬ ‫نواس بمدينة بغداد فقصدته وأخبرته بما وقع بيننا وأنشدته هذه الأبيات فقال لي‪ :‬المرأة قلبها عندك وهى‬ ‫غليظة سمينة جدا فقلت‪ :‬نعم فقال‪ :‬وليس لها زوج فقلت‪ :‬صدقت فقال ‪ :‬ظنت أن أيرك صـغير وأيـر‬ ‫الصغير لا يعجبها ولا يبرد عليها وأنت ليس كذلك فقلت‪ :‬نعم فقال‪ :‬أما قولها بين الجبال فهما الأفخـاذ‬ ‫وقولها خيمة شيدت تعنى بالخيمة الفرج وقولها يظهر طولها بين الورى يعنى إنها إذا مشت يبقى طالعا‬ ‫تحت الثياب وقولها خلت من الوتد الذي في وسطها تعنى إنها ليس لها زوج فشبهت الأير بالوتد لأنـه‬ ‫يمسك الخيمة كما يمسك الأير فرج المرأة وقولها فبقت مثل الدلو ليس له عرى تعنى إن الـدلو إذا لـم‬ ‫يكن له معلاق فلا فائدة فيه ولا منفعة له فشبهت نفسها بالدلو والأير بالمعلاق وكل ذلك صحيح وقولها‬ ‫مرخية الأطناب حتى وسطها مرخى وكذلك المرأة إذا لم يكن لها زوج فهي كذلك وقولها وقاعتها مثل‬ ‫النحاس مقزدرا مثلت نفسها بالنحاسة القزدرا وهي التي تتخذ للثريد إذا صنع فيها ثريد فلا يسـتقيم إلا‬ ‫بمدلك كامل ومشعابة ويدين ورجلين فبذلك يطيب بخلاف المغرفة فإنها لا تطيبه وتحرقه و المرأة هى‬ ‫التي تصنعه يا جعيد إذا لم يكن أيرك كامل مثل المدلك الكامل وتحبسها باليدين وتستعين عليها بالرجلين‬ ‫وتحوزها للصدر فلا تطمع نفسك بوصولها ولكن ما اسمها يا جعيد قال‪ :‬فاضحة فقال‪ :‬ارجع إليها بهذه‬ ‫الأبيات فإن حاجتك تقضى إن شاء االله ثم أخبرني بما جرى بينكما فقلت‪ :‬نعم فأنشدني هذه الأبيات‪:‬‬

‫فاضحة الحال كوني مبصـــرا‬‬
‫ إنـي لقولك سامع بين الورى‬
‫أنــت الحبيبة الرضية من لـه‬
‫فيـه النصيب فقد غدا متنورا‬
‫يا قــرة الــعين تحسب إنني‬
عجزت عن رد الجواب مختبرا‬
‫لكن حبك قد تعـرض في الحشا‬
فولـهني بين العباد كما ترى‬
‫يسموننا كل العــــباد بأحمقا‬
وقالوا هبيل ثم غاو ومسخرا‬
‫فوا االله ما بي من غواء ولم يكن‬
لا يرى مثل هاك قسه لكي ترى‬
‫فمن ذاقه يفــنى علـيه صبابة‬
ووجدا بلا شك وما فيه من مرا‬
‫أرى طوله مثل العـــود إذا بدا‬
وإن قام اتبعني وصرت محيرا‬