انتقل إلى المحتوى

صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (1917).pdf/31

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٠

بعيالاتهم وأولادهم، وانزلهم حوله بعدوة القرويين وكانت فيهم امراة مباركة صالحة اسمها: فاطمة وتكنى ام البنين بنت محمد الفبرص القيرواني اتت من افريقية مع اختها وزوجها فسكنوا بالقرب من موضع الجمع المذكور، فتوفي زوجها واختها فورتت منهم مالا جسيما حلالا طيبا ليس فيه شبهة لم يتغير ببيع ولا شراء، فارادت أن تصرفه في وجوه البر واعمال الخير، فعزمت على بناء مساجد تجد ثوابه في الآخرة يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، فاشترت موضع القرويين ممن كان حاره، ودفعت اليه المال ثم شرعت في حفر أساسه وبنائه وذلك يوم السبت قبل رمضان سنة خمس وأربعين ومنتين فبنته بالطينة والحدّان، وحفرت في وسطه فصنعت كهوفا واقتطعت المكان واخرجت منها التراب والحجر والرمل الأصفر الطيب، فبنت به الجامع المذكور حتى تم ولم تدخل فيه اشياء من تراب غيرها، وحفرت البئر التي في الصحن فكان البناؤون يسقون منها لبناء الجامع المكرم حتى فرغ من بنائة، ولم تصرف فيه سواه احتياطا منه وتحريا من الشبهات ولم تزل فاطمة القروية المذكورة قديمة من يوم شرع في بنيه الى أن تم وصلت فيه شكرا لله تعالى الذى وفقها لاعمال الخير، وكان المسجد الذي بنته فاطمة المذكورة أربع بلاطات وصحن صغير، وجعلت محرابه في موضع الثريا الكبرى الان وجعلت طوله من الحيط الغربى إلى الحيط الشرقي مائة وخمسين شبراً وبنت صومعة غير مرتفعة في موضع القبة التي على رأس العنوة الان، فتم الجامع أربع بلاطات وصحن صغير ذكره أبو القاسم بن جنون في تفسيره في تاريخ مدينة فاس ، وقيل كانتا اختين فاطمة ام البنين ومريم بنت محمد الفهري المذكور، فبنت فاطمة جامع القرويين وبنت مريم جامع الاندلس من مال حلال طيب موروث عن أبيهما واخوتهما، فلم تزل المسجدان على من بنته الاختان الذكورتان بقية ايام الادراسة مها حتى انقضت اينيم وملكت زناتة على البلاد واستقام ملكهم بغرب فبنوا الأسوار على أرياض العدوتين الاندلس والقرويين فزادوا في الجامعين القرويين والاندلس زيدة كثيرة حدودها باقية الى الان وكثر الناس وصداق مسجد الشرفاء بالناس لصغره فارانوا عند الحصبة وأقاموا بجامع القرويين لگبره وسعته، وصنعوا به منبرا من خشب الصنوبر وذلك في سنة ست وثلاث مائة وكان اول خطيب خطب به الشيخ الفقيه الصالح ابو محمد عبد الله بن عليّ الفارسي وقيل أن أول من أزال الخطبة عن مسجد الشرفاء ونقلها الى جامع القرويين الامير حامد بن محمد الهمداني. عمل عبيد الله الشيعي على المغرب وذلك فى سنة أحدى وعشرين وثلاث مائة، ونقل الخطبة عن مسجد الاشياخ بالعدوة الى جامع الاندلس وكان أول