انتقل إلى المحتوى

صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/58

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
ألف ليلة وليلة (الجزء الأول)

أنعم السلطان على أناس كثيرين، ثم قال للوزير: عليَّ بالصياد الذي أتى بالسمك. فأرسل إلى ذلك الصياد الذي كان سببًا لخلاص أهل المدينة، فأحضره وخلع عليه، وسأله عن حاله، وهل له أولاد؟ فأخبره أن له ابنًا وبنتين، فتزوَّجَ الملك بإحدى بنتيه، وتزوَّجَ الشاب بالأخرى، وأخذ الملك الابنَ عنده، وجعله خازندارًا، ثم أرسل الوزير إلى مدينة الشاب التي هي الجزائر السود، وقلَّده سلطنتها، وأرسل معه الخمسين مملوكًا الذين جاءوا معه، وأرسل معه كثيرًا من الخلع لسائر الأمراء، فقبَّلَ الوزير يدَيْه، وخرج مسافرًا، واستقر السلطان والشاب؛ وأما الصياد فإنه قد صار أغنى أهل زمانه، وبناته زوجات الملوك إلى أن أتاهم الممات.

حكاية الحمَّال مع البنات

وما هذا بأعجب ممَّا جرى للحمَّال؛ فإنه كان إنسانًا من مدينة بغداد، وكان أعزب، وكان حمَّالًا، فبينما هو في السوق يومًا من الأيام متكئًا على قفصه، إذ وقفَتْ عليه امرأة ملتفَّة بإزار موصلي من حرير مزركش بالذهب، وحاشيتاه من قصب، فرفعت قناعها، فبان من تحته عيون سود بأهداب وأجفان، وهي ناعمة الأطراف، كاملة الأوصاف، وبعد ذلك قالت بحلاوة لفظها: هاتِ قفصك واتبعني. فما صدق الحمَّال بذلك، وأخذ القفص وتبعها إلى أن وقفت على باب دار، فطرقت الباب فنزل لها رجل نصراني، فأعطته دينارًا، وأخذت منه مقدارًا من الزيتون، ووضعته في القفص، وقالت له: احمله واتبعني. فقال الحمَّال: هذا واللهِ نهارٌ مبارك. ثم حمل القفص وتبعها، فوقفت على دكان فكهاني، واشترت منه تفاحًا شاميًّا، وسفرجلًا عثمانيًّا، وخوخًا عمانيًّا، وياسمينًا حلبيًّا، ونينوفرًا دمشقيًّا وخيارًا نيليًّا، وليمونًا مصريًّا، وأترجًّا سلطانيًّا، ومرسينًا ريحانيًّا، وتمر حنا، وأقحوانًا، وشقائق النعمان، وبنفسجًا، وجلنارًا، ونسرينًا، ووضعت الجميع في قفص الحمَّال، وقالت له: احمل. فحمل وتبعها حتى وقفت على جزار، وقالت له: اقطع عشرة أرطال لحمًا. فقطع لها، ولفَّت اللحم في ورق موز، ووضعته في القفص، وقالت له: احمل يا حمَّال. فحمل وتبعها، ثم وقفت على النقلي، وأخذت من سائر النقل، وقالت للحمَّال: احمل واتبعني. فحمل القفص وتبعها إلى أن وقفت على دكان الحلواني، واشترت طبقًا، وملأته من جميع ما عنده من مشبك، وقطائف بالمسك محشية، وصابونية، وأقراص ليمونية، وميمونية، وأمشاط، وأصابع، ولقيمات القاضي، ووضعت جميع أنواع الحلاوة في الطبق، ووضعته في القفص، فقال الحمال: لو أعلمتِني لجئتُ معي ببغل نحمل عليه هذه الأمور. فتبسَّمَتْ ثم وقفت على العطَّار، واشترت منه عشرة مياه من ماء ورد، وماء زهر، وماء خلاف، وغير ذلك، وأخذت

٥٨