انتقل إلى المحتوى

صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/57

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.


فلما كانت الليلة ٨


 
 

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصبية الساحرة لما أخذت شيئًا من ماء البركة، وتكلَّمت عليه بكلام لا يُفهم، تحرَّك السمك ورفع رأسه، وصار آدميًّا في الحال، وانفكَّ السحر عن أهل المدينة، وصارت المدينة عامرة، والأسواق منصوبة، وصار كل واحد في صناعته، وانقلبت الجبال جزائر كما كانت، ثم إن الصبية الساحرة رجعت إلى الملك في الحال، وهي تظن أنه العبد، وقالت: يا حبيبي، ناولني يدك الكريمة أقبِّلها. فقال الملك بكلام خفي: تقربي مني. فدَنَتْ منه، وقد أخذ صارمه وطعنها به في صدرها، حتى خرج من ظهرها، ثم ضربها فشقَّها نصفين، وخرج فوجد الشاب المسحور واقفًا في انتظاره، فهنَّأه بالسلامة، وقبَّل الشابُّ يدَه وشكره، فقال له الملك: أتقعد في مدينتك أم تجيء معي إلى مدينتي؟ فقال الشاب: يا ملك الزمان، أتدري ما بينك وبين مدينتك؟ فقال الملك: يومان ونصف. فعند ذلك قال له الشاب: أيها الملك، إن كنتَ نائمًا فاستيقظ، إن بينك وبين مدينتك سنة للمُجِدِّ، وما أتيتَ في يومين ونصف إلا لأن المدينة كانت مسحورة، وأنا أيها الملك لا أفارقك لحظة عين. ففرح الملك بقوله، ثم قال: الحمد لله الذي مَنَّ عليَّ بك، فأنت ولدي؛ لأني طول عمري لم أُرزَق ولدًا. ثم تعانَقَا وفرحَا فرحًا شديدًا، ثم مشيا حتى وصلا إلى القصر، وأخبر الملك الذي كان مسحورًا أربابَ دولته أنه مسافر إلى الحج الشريف، فهيَّئُوا له جميعَ ما يحتاج إليه، ثم توجَّه هو والسلطان، وقلب السلطان ملتهب على مدينته، حيث غاب عنها سنة، ثم سافر ومعه خمسون مملوكًا، ومعه الهدايا.

ولم يزالَا مسافرين ليلًا ونهارًا سنة كاملة حتى أقبلَا على مدينة السلطان، فخرج الوزير والعساكر لمقابلته بعدما قطعوا الرجاء منه، وأقبلت العساكر وقبَّلت الأرضَ بين يديه، وهنَّئُوه بالسلامة، فدخل وجلس على الكرسي، ثم أقبل على الوزير وأعلمه بكل ما جرى على الشاب، فلما سمع الوزير ما جرى على الشاب هنَّأه بالسلامة، ولما استقر الحال