فلما فرغ من شعره بكيت واستعطفته واذا بالعجوز قد دخلت ورمت نفسها على أقدام الشاب وقبلتها وقالت يا ولدی بحق تربيتی لك تعفوعن هذه الصبية فانها ما فعلت ذنبا يوجب ذلك وأنت شاب صغير فاخاف عليك من دعائها ثم بكت العجوز ولم تزل تلح عليه حتى قال عفوت عنها ولكن لابد لی أن أعمل فيها أثرا يظهر عليها بقية عمرها ثم أمر العبيد فجذبونی من ثيابی واحضر قضيبا من سفرجل ونزل به على جسدی بالضرب ولم يزل يضربنی ذلك الشاب على ظهری وجنبی حتى غبت عن الدنيا من شدة الضرب وقد يئست من حياتی ثم أمر العبيد أنه اذا دخل الليل يحملوننی ويأخذون العجوز معهم ويرموننی فی بيتی الذی كنت فيه سابقا ففعلوا ما أمرهم به سيدهم ورمونی فی بيتی فتعاهدت نفسی وتداويت فلما شفيت بقيت أضلاعی كانها مضروبة بالمقارع كما ترى فاستمريت فی مداواة نفسی أربعة أشهر حتى شفيت ثم جئت الى الدار التی جرت لی فيها ذلك الامر فوجدتها خربة ووجدت الزقاق مهد وما من أوله الى اخره ووجدت فی موضع الدار كيما وأعلم سبب ذلك فجئت الى أختی هذه التی من أبي فوجدت عندها هاتين الكلبتين فسلمت عليها وأخبرتها بخبری وبجميع ما جرى لی فقالت من ذا الذی من نكبات الزمان سلم الحمد لله الذی جعل الامر بسلامة ثم أخبرتنی بخبرها وبجميع ما جرى لها من أختيها وقعدت أنا وهی لا نذكر خبر الزواج على السنتنا ثم صاحبتنا هذه الصبية الدلالة في كل يوم تخرج فتشتری لنا ما نحتاج اليه من المصالح على جري علاتها فوقع لنا ما وقع من مجیء الحمال والصعاليك ومن مجيئكم فی صفة تجار فلما صرنا فی هذا اليوم ولم نشعر الا نحن بين يديك وهذه حكايتنا فتعجب الخليفة من هذه الحكاية وجعلها تاريخها مثبتا فی خزانته وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح (وفی ليلة ۱۹) قالت بلغنی أيها الملك السعيد أن الخليفة أمر أن تكتب هذه القصة فی الدواوين ويجعلوها فی خزانة الملك ثم أنه قال للصبية الاولى هل عندك خبر بالعفريتة التی سحرت أختيك قالت يا أمير المؤمنين أنها أعطتنی سيئا من شعرها وقالت ان أردت حضوري فاحرقی من هذا الشعر شيئا فاحضر اليك عاجلا ولو كنت خلف جبل قاف فقال الخليفة احضرلی الشعر فاحضرته الصبية فاخذه الخليفة واحرق منه شيئا فلما فاحت رائحة اهتز القصر وسمعوا دويا وصلصلة واذا بالجنية حضرت وكانت مسلمة فقالت السلام عليك يا خليفة الله فقال وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فقالت اعلم ان هذه الصبية ذرعت معی جميلا ولا أقدر أن أكافئها عليه فهی أنقذتنی من الموت وقتلت عدوی ورأيت ما فعله معها أختاها فما رأيت الا أنی أنتقم منهما فسحرتهما كلبتين بعد أن أردت قتلهما فخشيت أن يصعب عليها وان أردت خلاصهما يا أميرالمؤمنين أخلصهما كرامة لك ولها فانی من المسلمين فقال لها خلصيهما وبعد ذلك نشرع في أمر الصبية المضروبة ونفحص عن حالها فإذا ظهر لی صدقها أخذت ثأرها ممن ظلمها فقالت العفريتة يا أمير المؤمنين أنا أدلك على
صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/64
المظهر