الدراهم ولازالت تحسن لي الامر حتى أدخلت رأسي فی الجراب ورضيت بذلك ثم أنی غطيت عينی وداريت بطرف ازاری من الناس وحط فمه تحت ازاری على خدی فما قبلنی حتى عضنی عضة قوية حتى قطع اللحم من خدی فغشي علی ثم أخذتنی العجوز فی حضنها فلما افقت وجدت الدكان مقفولة والعجوز تظهر لی الحزن وتقول ما دفع الله كان أعظم ثم قالت لی قومی بنا الى البيت واعملی نفسك ضعيفة وأنا أجیء اليك بدواء تداوين به هذه العضة فتبرئين سريعا فبعد ساعة قمت من مكانی وأنا فی غاية الفكر واشتداد الخوف فمشيت حتى وصلت الى البيت واظهرت حالة المرض واذا بزوجی داخل وقال ما الذی أصابك يا سيدتي فی هذا الخروج فقلت له ها أنا طيبة فنظر الی وقال لی ما هذا الجرح الذی بخدك وهو فی المكان الناعم فقلت لما استأذنتك وخرجت فی هذا النهار لاشتری القماش زاحمنی جمل حامل حطبا فشرمط نقابی وجرح خدی كما ترى فان الطريق ضيق في هذه المدينة فقال غدا أروح للحاكم وأشكوا له فيشنق كل حطاب في المدينة فقلت بالله عليك لا تتحمل خطيئة أحد فاني ركبت حمارا نفر بي فوقعت على الأرض فصادفنی عود فخدش خدی وجرحنی فقال غدا اطلع لجعفر البرمكی واحكی له الحكاية فيقتل كل حمار فی هذه المدينة فقلت هل أنت تقتل الناس كلهم بسببی وهذا الذی جرى لی بقضاء الله وقدره فقال لابد من ذلك وشدد علی ونهض قائما وصاح صيحة عظيمة فانفتح الباب وطلع منه سبعة عبيد سود فسحبونی من فرشی ورمونی فی وسط الدار ثم أمر عبدا منهم أن يمسكنی من اكتافی ويجلس على رأسی وأمر الثانی أن يجلس على ركبتی ويمسك رجلی وجاء الثالث وفی يده سيف فقال يا سيدی اضربها بالسيف فاقسمها نصفين وكل واحد يأخذ قطعة يرميها فی بحر الدجلة فيأكلها السمك وهذا جزاء من يخون الايمان المودة وانشد هذا الشعر
ثم قال للعبد اضربها يا سعد فجرد السيف وقال اذكری الشهادة وتذكری ما كان لك من الحوائج واوصی فان هذا آخر حیاتك فقلت له یا عبد الخیر تمهل علی قلیلا حتی أتشهد وأوصی ثم رفعت رأسی ونظرت الى حالی وكيف صرت فی الذل بعد العجز فجرت عبرتی وبكيت أنشدت هذه الابيات
فلما فرغت من شعری بكيت فلما سمع الشعر ونظر الى بكائی ازداد غيظا على غيظه وأنشد هذين البيتين